اقتصاد السودان بين الواقع والطموح
فلا تسأل أحدا في الشارع السوداني عن حال البلد إلا وأخبرك بتغير ظاهر في حياة المواطن العادي وحدثك عن طفرة اقتصادية تشهدها البلاد في الطرق والجسور والبنايات ووسائل الاتصال ومجال البنوك والجامعات والأسواق والبضائع.
وفي هذا السياق يقول الخبير الاقتصادي حسن الساعوري إن من يقل عمره عن خمسين سنة لا يدرك مدى التطور الذي عرفه السودان، ولا يدرك الفرق بين الأمس حين كان السودانيون لا يستطيعون الاتصال بأم درمان من الخرطوم، وبين حياتهم اليوم.
ويرى الساعوري أن السودان قطع خطوات اقتصادية كبيرة رغم الحصار وبعض المشاكل التي تعانيها قطاعات خدمية مثل الصحة فضلا عن حديث الشارع عن الفساد.
مشاكل حقيقية
بيد أن الأستاذ في جامعة النيلين حسن بشير -مع اعترافه بتحسن كبير في الاقتصاد السوداني بفضل البترول خلال العقدين الأخيرين- يقارب المسألة من وجهة نظر تقول إن اقتصاد البلاد يعاني مشكلات حقيقية خاصة في الزراعة والصناعة.
وأوضح للجزيرة نت أن بنية الري ما تزال ضعيفة مما يجعل الزراعة معتمدة على مواسم الأمطار، وأن الصناعة تعاني من ارتفاع تكلفة الإنتاج وضعف التنافسية الأمر الذي يستدعي إصلاحات عميقة في هذين المجالين.
وحتى في مجال البنى التحية، يشكو بشير من أن العاصمة الخرطوم ما زالت تفتقر إلى شبكة صرف صحي وشوارع معبدة ونمط معماري يغير حالة التنافر التي تبدو عليها أحياء المدينة.
ويضيف أن التوسع الهائل وعدد الطلاب الكبير "يفوق الطاقة الاستيعابية للجامعات، وهو بالتالي عبء عليها، ويحول الأساتذة إلى مدرسين بعيدين عن البحث".
ويذهب المحلل السياسي السوداني محمد موسى حريكة بعيدا في انتقاد الوضع الاقتصادي حيث يقارن التجربة النفطية السودانية بنظيرتها النيجيرية المقترنة بالفساد حسب تعبيره.
ويقول إن مقارنة الوضع السوداني اليوم بوضع اقتصادي افتراضي لم يتم -في إشارة إلى فترة الديمقراطية التي سبقت انقلاب الإنقاذ- تبقى مقارنة خاطئة.
ويرى المحلل السياسي أن الزراعة والثروة الحيوانية في حال انهيار، وأن "السودان تحول إلى دولة استهلاكية تستورد الألبان والخضر والفواكه، وحتى النفط بدأ يتراجع، مما ينذر بمشكلة حقيقية في المستقبل".
اقتصاد مستقر
بيد أن وزير الاقتصاد السوداني السابق عبد الرحيم حمدي –الملقب بمهندس الخصخصة- يخالف حريكة في قراءته للواقع الراهن حيث يرى أن الاقتصاد السوداني نام ومتنوع ومستقر ويقف على أساس صلب بسبب رفع الدولة يدها عنه.
ويستشهد على ذلك بقوله إن الاقتصاد السوداني لم يتأثر بالأزمة المالية الأخيرة إلا فيما يتعلق بنصيب الحكومة من النفط الذي انخفض إلى نحو 60%، أما فيما عدا ذلك فالأمور مبشرة ومزدهرة ولا سيما في القطاع العقاري والمصرفي والاتصالات.
ويقول حمدي إن برنامج الإصلاح -الذي أداره حين كان وزيرا للاقتصاد تحت شعار رفع يد الدولة من القطاع الاقتصادي- أدى إلى ارتفاع الناتج القومي في ثلاث سنوات بنحو 13% ثم 11% ثم 9% قبل أن يستقر حول 6-8%، موضحا أن الزراعة ارتفعت مساحتها من 11 ألف إلى 48 ألف فدان.