خالد خليفة ورشا عباس.. الكتابة تحت أنقاض دمشق

الكاتب السوري خالد خليفة
الكاتب والأديب السوري خالد خليفة (الألمانية)

كيف يمكنك أن تكتب عن الموت وعن المعاناة التي يرزح تحتها الجميع؟ هناك تجربة مدهشة في هذا المجال، فقد دوّن المؤلفان رشا عباس (34 عاما) وخالد خليفة (54 عاما) كتبا من المستحيل التوقف عن مواصلة قراءتها، رغم أعمال الرعب التي تصفها.

وربما كانت اللغة المتدفقة الحميمية والمشحونة بالعواطف التي يصف بها كل من خالد ورشا الموت، وروح الفكاهة والسخرية العابرة غير المقصودة لذاتها، هي التي تميز الأسلوب الذي يستخدمانه كما تميز شخصيات رواياتهما، وهذه الشخصيات هي لأناس يعانون من الإحباط وفقدان الأمل والخذلان، ينتزعون من الجذور، ولم يعودوا يخشون الموت الذي أصبح مجرد "عمل شاق" بالنسبة لهم، وهذا هو اسم رواية شهيرة لخالد خليفة.

ويقيم خليفة، وهو من أشهر المؤلفين السوريين، في دمشق، وقد حظرت كتبه في وطنه سوريا لأنه ينتقد الرئيس بشار الأسد.

وقال خالد إن "هذا الحظر لا يزعجني، إنه أمر عبثي لأنك لا تستطيع أن تتحدث عن حظر الكتب عنما يقبع أصدقاؤك وراء جدران السجون، بعد الحكم عليهم بالسجن لمدة 15 عاما بتهمة التعبير عن آرائهم السياسية".

ويقضي أيامه في تناول القهوة وتأليف كتبه ومقابلة الأصدقاء، وأضاف "إنني لا أهاب مواصلة الكتابة، فالخوف لا يطرأ على ذهني، ولكن كل ما يشغلني هو كيفية شق طريقي وسط المناطق التي دمرتها القذائف".

وقد نشرت روايته "الموت عمل شاق" باللغة العربية عام 2016، وصدرت طبعتها باللغة الألمانية توا، ومن المقرر صدور ترجمة لها بالإنجليزية عام 2019.

undefined

مأساة وفكاهة
وتصور الرواية محاولة ثلاثة أبناء تنفيذ الوصية الأخيرة لأبيهم ونقل جثمانه ليدفن في مسقط رأسه، ويتطلب ذلك القيام برحلة تمتد إلى 300 كيلومتر من دمشق إلى المدافن بقريته التي ولد فيها الأب بالقرب من مدينة حلب.

أما المجموعة القصصية للروائية رشا عباس "ملخص ما جرى" التي نشرت مؤخرا باللغة الألمانية، فهي أيضا مسكونة تماما بشخصيات ذات قلب بارد، ومع ذلك لم تفقد حاسة الفكاهة والسخرية.

وتنحدر رشا هي الأخرى من مدينة دمشق، غير أنها أصبحت تعيش منذ عام 2015 متنقلة بين هولندا وألمانيا، وعلى العكس من روايات خالد خليفة فإن رواياتها تنحى إلى الخيال والغرائب.

وتقول إن تجربة الحرب التي مرت بها غيرت طريقة كتابتها. وتوضح رشا قائلة "ربما تكون لغة الكتابة لدي قد تكيفت مع المتغيرات السريعة التي مررت بها، والتنقل من مكان لآخر، وبالتالي أصبحت هذه اللغة أكثر كثافة وتركيزا ومشحونة بالمعاني".

وفي روايات كل من رشا عباس وخالد خليفة تجد الشخصيات في مواقف وأوضاع كابوسية، فهي تتعرض لمراقبة السلطات التي لا يستطيع أحد أن يفهم كينونتها ولكنها تمتلك السلطة المطلقة.

وتتخلل مشاعر الخوف المستمرة أعمال كل من هذين الكاتبين، وتسود في خلفية الأحداث في رواياتهما أصوات الطائرات الهليكوبتر الحربية والصواريخ المضادة للطائرات والقنابل اليدوية، كما يسيطر جو من الكآبة والتعبيرات الحسية على أحداث رواياتهما، ويتمتع أسلوبهما الروائي بأصالة واضحة.

وكتبت رشا في روايتها "متنا لأنني بكيت" تقول "إن الدموع التي ذرفتها من أجله كانت تتبخر قبل أن تصل حتى إلى خدك، وتكثف هذه الدموع البخار الذي يملأ ببطء أنحاء الغرفة".

المصدر : الألمانية