كتاب جديد يستعرض تجربة الحكم الرشيد في قطر

كتاب تجربة الحكم الرشيد
ويمثل الكتاب إسهاما فكريا في دراسة تجربة الحكم الرشيد بدولة قطر لثلة من الباحثين والأكاديميين المختصين في العلوم القانونية والسياسية.

 

نقطة الانطلاق
وكانت نقطة الانطلاق من خصائص التجربة القطرية وهي أن قطع مسافة كسب رهان التنمية الشاملة يبدأ من محطة الحكم الرشيد لكنه لا يقف عندها، فالتأهيل المكتسب في عملية استيفاء شروط ترشيد الدولة والمجتمع والاقتصاد والبيئة -كما يبدو جليا في "رؤية قطر الوطنية 2030″ و"إستراتيجية التنمية الوطنية 2011-2016"- هو من الضرورات الاستباقية لاستكمال شروط الدمقْرطة.

فالأمر يتعلق بكسب وتوسيع القدرات، وليس افتراض حضورها، وترقية الإمكانات والفرص المتاحة للحاكمين والمحكومين بطريقة عملية وواقعية فيها تدرج، كضمانة أساسية نحو "الاستدامة" لطرفي هذه المعادلة.

ويضم الكتاب الذي حررته مديرة إدارة النشر والخدمات البحثية بمركز الجزيرة للدراسات العنود أحمد آل ثاني سبعة فصول، يحاول أولها استقراء الفترة التي تولى فيها الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة القيادة في قطر من خلال الوقوف على نموذجه في الحكم وخاصة استحداثه للحكم الرشيد، ودراسة العلاقة الارتباطية بين مسار ترشيد الحوكمة والمجتمع والقيادة.

وفي هذا الفصل، يلاحظ الدكتور العربي صديقي أن الأمير الوالد استطاع تدشين هذا النمط من الإدارة السياسية من خلال المزاوجة بين المعاصرة وأصالة التراث القطري، فلم تطْغ نزعة الحداثة والمعاصرة الغربية على المجتمع القطري الذي حافظ على طابعه العربي والإسلامي الأصيل، وفي الوقت نفسه واكب التغيرات في أساليب الإدارة والحكم على المستوى العالمي كما يتجلى هذا في الأطر التي اعتمدها في ترشيد الحكم.

نمط الحكم
ويجيب الفصل الثاني على السؤالين المتعلقين بمحتوى نمط الحكم الرشيد الذي تبنته قطر في سياستها الداخلية من جهة، وبالآليات التي فعّلتها من أجل ترجمة سياسة الحكم الرشيد إلى واقع ملموس وكذلك الخطوات العملية لبناء مؤسسات المجتمع الراشد من جهة أخرى.

وهو ما يشكل، في نظر الدكتور عمر البوبكري، مدخلا لفهم مسار الحكم الرشيد الذي سار على نهجه الأمير الوالد بهدف تحقيق انطلاقة تنموية شاملة في قطر خاصة منذ بداية الألفية الجديدة.

وينظر هذا الفصل في اعتماد قطر منذ سنوات سياسات الحوكمة الرشيدة لتحقيق التنمية المستدامة والعادلة للجيل الحالي والأجيال المستقبلية. ويبرز هذا من خلال النتائج المتميزة التي تحققت في مجال التنمية البشرية والمستدامة ودعم الشفافية ومحاربة الفساد خلال السنوات العشر الماضية.  

أما الفصل الثالث، فيقدم قراءة تحليلية للدستور القطري الدائم لسنة 2004 من زاوية علاقته بمبادئ الحكم الرشيد اعتمادا على منطوق مواد الدستور وروحه.

ويتناول الفصل الرابع الانتخابات البلدية في قطر التي جرت بنجاح منذ تنظيمها بشكل دوري ابتداء من عام 1999. ويبين كيف أن هذه الانتخابات لم تكن خطوة في طريق ترسيخ الممارسة الديمقراطية بوصفها تقوم على المشاركة الفعلية للمواطنين فقط، بل شكلت كذلك خطوة مهمة في طريق إرساء قواعد الحكم الرشيد وتحديث المجتمع.

 

ترسيخ
كما أبرز الدكتور شاكر الحوكي سبل وآليات ترسيخ الحكم الرشيد من خلال الإجراءات الديمقراطية التي تعلقت بإقرار حق الانتخاب والترشح مع كل ما يتطلبه ذلك من توفير ضمانات النزاهة والشفافية ومن خلال إرساء مجموعة من الهيئات الرقابية كإدارة الانتخابات واللجنة الإشرافية واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وغيرها.

وفي الفصل الخامس، يبرز الدكتور ماجد الأنصاري مسار التحولات الاجتماعية والسياسية التي عرفها عهد الأمير الوالد الشيخ حمد في سياق المشروع التنموي لقطر، راصدا معالم النهضة التي تحققت في مختلف المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، خاصة الإنجازات التي شهدها حقل التعليم ومشاركة المرأة في التنمية المجتمعية وتطور المجتمع المدني.

ويحاول من خلال هذه الحقول الثلاثة ملامسة تأثير السياسات العامة في فترة حكم الشيخ حمد ودورها في تحقيق التنمية البشرية والمستدامة التي تؤمن بناء نظام اجتماعي عادل يؤدي إلى رفع القدرات البشرية، ويسهم أيضا في ترسيخ الحكم الرشيد وبناء المجتمع الراشد.

 

تمكين المرأة
ويركز الفصل السادس على سياسات تمكين المرأة لصناعة التنمية المستدامة، وهنا تستقصي مديرة إدارة النشر والخدمات البحثية بمركز الجزيرة للدراسات العنود أحمد آل ثاني دور الحكم الرشيد في تمكين المرأة القطرية اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا من خلال الدينامية السياسية التي أوجدها الأمير الوالد مباشرة بعد تسلمه مقاليد الحكم عام 1995.

كما ترصد الوسائل والآليات التشريعية والقانونية والبنية المؤسساتية التي سعت الدولة إلى توفيرها لتمكين المرأة وتعزيز مكانتها المجتمعية ودعم حقوقها والنهوض بدورها في مختلف القطاعات.

وتربط العنود ذلك أساسا بالرؤية المستنيرة التي كان يحملها الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بشأن دور المرأة في المجتمع، وحرصه على دعم وتشجيع الجهود التي بذلتها الشيخة موزا بنت ناصر المسند في إدارة الملفات ورعاية المؤسسات التي أشرفت عليها.

ويرصد الفصل السابع السياسات والاختيارات الاقتصادية التي تبنتها الدولة خلال تلك الفترة، وانعكاساتها على مسارات التنمية، ويبحث العلاقة العضوية بين هذه السياسات والاختيارات الاقتصادية بالحكم الرشيد أو مبادرة الحوكمة الرشيدة في إدارة موارد الدولة وثروات البلاد ومقدراتها وتأمين العيش الكريم للأجيال الحالية والاستجابة لاحتياجاتها والاحتياجات المجتمعية للأجيال القادمة.

معلومات عن الكتاب

العنوان: تجربة الحكم الرشيد في قطر: روافع التنمية المستدامة والتمكين المجتمعي (2013-1995).
تحرير: العنود أحمد آل ثاني.
تأليف: مجموعة من الباحثين.
الناشر: مركز الجزيرة للدراسات- الدار العربية للعلوم ناشرون.
التاريخ: 2018.

المصدر : الجزيرة