"الظاهرة الرحبانية".. الأخوان رحباني وفيروز تحت المجهر

كتاب الظاهرة الرحبانية مسيرة ونهضة للكاتب هاشم قاسم

في كتاب "الظاهرة الرحبانية.. مسيرة ونهضة" يسلط الكاتب اللبناني هاشم قاسم أضواء جديدة على حياة الأخوين عاصي ومنصور رحباني والمطربة الشهيرة فيروز ويستعرض سمات تلك التجربة الفنية وموقعها طيلة نصف قرن.

يدخل الكاتب لزوايا جديدة لم يتطرق إليها الباحثون من قبل، ويتحدث عن منزل عاصي ومنصور ببلدة أنطلياس (جبل لبنان)، ويقول إن والدهما حنا رحباني كان أحد قبضايات المنطقة ومطاردا من قبل السلطة العثمانية، وقد استأجر المقهى المعروف بفوار أنطلياس وكان يعزف على آلة البزق بين أصحابه وأفراد عائلته ومن بينهم طفلاه عاصي ومنصور.

وُلد الطفلان في بيت قديم كانت تملكه أمهما سعدى لكن العائلة بسبب ظروفها الصعبة عاشت تتنقل من بيت إلى آخر، ويعلّق منصور على ذلك بالقول "تشرّدنا في منازل البؤس كثيرا، سكنا بيوتا ليست ببيوت، هذه طفولتنا أخوتي وأنا".

ومع اشتداد الحرب العالمية الثانية انتقلت العائلة الرحبانية إلى منطقة ظهور الشوير، وهناك كان عاصي ومنصور يقتربان من الطبيعة أكثر ويمتزجان بأحراشها وحيواناتها وصخورها ويشتمّان رائحة البارود المختلطة برائحة الزهر.

في الكتاب (384 صفحة) الصادر عن دار بيسا، يروي المؤلف أن الوالد حنا كان أميا، إلا أنه "كان يروي في فوار أنطلياس قصائد كاملة لعنترة بن شداد وهو باع طنجرة من المقهى ليشتري بثمنها ديوان عنترة".

فيروز: بيتنا بيت صعب وأولاد هذا البيت تعذبوا كثيرا، عائلتنا مثل التراجيديا الإغريقية(الجزيرة-أرشيف)
فيروز: بيتنا بيت صعب وأولاد هذا البيت تعذبوا كثيرا، عائلتنا مثل التراجيديا الإغريقية(الجزيرة-أرشيف)

وبعد وفاة الوالد أصدر الرحبانيان مجموعتهما الشعرية الأولى بعنوان "سمراء مها" قبل أن يدخلا الإذاعة اللبنانية ويتعاونا ويتعرف عاصي إلى الصبية الخجولة نهاد حداد التي أصبحت فيما بعد المطربة الشهيرة فيروز.

ويدخل الكاتب لمنزل فيروز المتواضع في زقاق البلاط في بيروت ويصف أسلوب حياة فتاة "مترددة ترتدي البلوزة والتنورة وتعيش غريبة عن أحلام الصبايا إذ كانت رغباتها وأمنياتها تتجمد عند عتبة المنزل، ولم يكن متاحا لها فرص الخروج إلى المجتمع سوى تلك الزيارات الطويلة إلى منزل جدتها ليزا البستاني في بلدة الدبية.

"ولأن قلقها كان يتركز على إبعاد الفقر عن عائلتها الصغيرة فقد أقدمت على العمل في سن مبكرة واشتركت في الـ14 من عمرها في برامج الأخوين فليفل الإذاعية".

 أثمر زواج فيروز من عاصي رحباني العديد من الأعمال الفنية التي كانت حبيسة الحكاية لدى الأخوين رحباني لكن الكاتب يربط روعة هذه الأعمال بمزاج فيروز، ويقول نقلا عن عاصي "بقدر ما تكون نفسيتها مرتاحة يكون أداؤها أبهى أداء أما إذا كانت مشوشة وأعصابها متعبة فيتعذر العمل معها".

وعن الأعمال الفنية والزواج والعائلة يقول قاسم ناقلا عن فيروز في مراحل سابقة "الزواج صعب بين البسطاء والعاديين فكيف بيننا. بيتنا بيت صعب وأولاد هذا البيت تعذبوا كثيرا، عائلتنا مثل التراجيديا الإغريقية، الفرح فيها وقتي، الأساس فيها الحزن والألم.. فرحنا المؤقت كان الحلم، الحزن كان الحقيقة".

ويستعرض الكاتب المراحل العائلية العصيبة التي مرت بها فيروز فابنها "هالي" يعاني من مرض اليرقان الحبشي الذي أفقده الحركة، ووالدتها توفيت في سن الـ42 وزوجها عاصي أصيب بالجلطة الدماغية قبل وفاته، في حين توفيت ابنتها ليالي جراء المرض نفسه.

وينقل الكاتب عن فيروز كلاما تشير فيه إلى تجاربها ومعاناتها على مر السنين قائلة "قيل فيها الكثير إلا الحقيقة.. أنا من أصدقاء الصمت، سألوني في مصر عن شعوري بالغناء أمام أبو الهول قلت أبو الهول صاحبي من زمان وأنا من أقربائه، أحبه لأنه صامت".

المصدر : رويترز