جميلة وتفتح الآفاق.. إقبال متزايد على العربية بأوكرانيا

كييف - 16 ديسمبر 2017 - في صف دراسي بمركز سلام لتعليم اللغات 2
صورة من صف دراسي بمركز سلام لتعليم اللغات 2 بالعاصمة الأوكرانية كييف (الجزيرة)

صفوان جولاق-كييف

في أوكرانيا، لا يقتصر الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية (18 ديسمبر/كانون الأول) على يوم واحد لكنه يتعدى ذلك بالنسبة لشريحة واسعة، إذ إن الاهتمام بلغة الضاد لم يعد يقتصر على أبناء الجاليات والمسلمين الذين تقدر أعدادهم بنحو 500 ألف نسمة، بل يتعداهم ليشمل الكثير من الشباب الأوكرانيين، وحتى بعض وزارات ومؤسسات الدولة.

ويعد إقبال معظم العرب والمسلمين على تعليم أبنائهم اللغة العربية في بلاد الغرب طبيعيا ومنطقيا، فهي لغة ترتبط بالهوية وتحفظها، وفيها سبيل نحو التعلم وفهم تعاليم الدين.

تنتشر في البلاد مدارس عدة تعلم المئات من أبناء الجاليات اللغة العربية، ففي العاصمة كييف ثلاث مدارس يمنية وليبية وعراقية، خاصة أو تدعمها سفارات، وفي عموم أوكرانيا تنتشر أيضا 43 مدرسة تابعة للمراكز الإسلامية والجمعيات الاجتماعية، تعلم العربية في أيام عطل نهاية الأسبوع (السبت والأحد).

وقد افتتحت خلال الأعوام القليلة الماضية مدارس أوكرانية نظامية تدرس العربية، كان آخرها مدرسة "مستقبلنا" في مدينة خاركيف شرقي أوكرانيا، وذلك في سبتمبر/أيلول الماضي، بعد عامين من افتتاح مدرسة "مستقبلنا" أيضا في كييف.

إيرينا ريشنياك تتعلم العربية لأنها جميلة وغنية وتفتح آفاقا أكبر في المستقبل(الجزيرة)
إيرينا ريشنياك تتعلم العربية لأنها جميلة وغنية وتفتح آفاقا أكبر في المستقبل(الجزيرة)

إقبال واسع
لكن الإقبال على تعلم العربية لا يقتصر فقط على أبناء الجاليات في أوكرانيا، بل يتعداهم ليشمل المئات من طلاب الجامعات والمعاهد وغيرهم ممن تدفعهم أسباب كثيرة لتعلم وإتقان هذه اللغة.

إيرينا ريشنياك طالبة في السنة الثالثة بجامعة كييف الوطنية للغات، تحدثت العربية مع الجزيرة نت بحرص شديد لانتقاء أدق الكلمات ونطقها بشكل صحيح، قالت "ترددت بين اختيار الصينية أو العربية، ونصحتني معلمتي باختيار الأخيرة لأنها جميلة وغنية بالتعابير واللحن، إضافة إلى كونها تفتح آفاقا أكبر في المستقبل".

وأوضحت أن أوكرانيا تسارع الخطى نحو تطوير علاقاتها مع الشرق، وفيها حاليا 13 سفارة دولة عربية، إضافة إلى الكثير من المؤسسات والشركات العربية في أوكرانيا، أو الأوكرانية التي تتعامل مع أسواق عربية.

وعن حجم الإقبال قالت إيرينا إن في كييف وحدها خمس جامعات كبيرة تدرس العربية، وحتى اللهجات العامية في بعض الدول كالسورية والمصرية مثلا، كانت تخرج العشرات سنويا، لكن الخريجين بالمئات حاليا، ويتوجه معظمهم نحو العمل في مجالات سياسية ودبلوماسية واقتصادية وخدمية.

لكن أمام الراغبين في تعلم اللغة العربية من الأوكرانيين صعوبات كثيرة لا تقتصر على نطق أحرف غير مألوفة فقط، ولا على أشكالها وطريقة كتابتها من اليمين إلى الشمال، بل تتعداها لتشمل ندرة التطبيق والاستخدام العملي أيضا.

علاء الغرباوي: الكثير من الطلاب يتمسكون بالعربية حبا فيها أو ببلاد المشرق(الجزيرة)
علاء الغرباوي: الكثير من الطلاب يتمسكون بالعربية حبا فيها أو ببلاد المشرق(الجزيرة)

صعوبات
ومع ذلك، ساهم قيام بعض مراكز التعليم والترجمة مؤخرا في تعزيز فرص التطبيق، وفي أحدها التقينا بالأستاذ علاء الغرباوي مدير مركز "سلام" لتعليم اللغات، الذي قال للجزيرة نت "اللغات الأجنبية المكتوبة بالأحرف اللاتينية أسهل بكثير من العربية بالنسبة للأوكرانيين، فالعربية غنية وفريدة بقواعد الكتابة والنحو، ومختلفة بمخارج الحروف وبطريقة تركيب وصياغة الجمل".

ومع ذلك، يؤكد الغرباوي أن الكثير من الطلاب يتمسكون بالعربية حبا فيها أو ببلاد المشرق، أو لأنهم ارتبطوا بعرب ويدرسونها بجد ومثابرة للتغلب على صعوبات المخارج والصياغة والكتابة.

ويبدو أن السلطات الأوكرانية مهتمة أيضا باستخدام اللغة العربية، فقبل عامين أطلقت قناة تلفزيونية فضائية موجهة إلى العالم الخارجي بلغات عدة، على غرار ما قامت به دول عديدة من قبل.

النافذة العربية من قناة "يو أي تي في" انطلقت في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، وعنها قالت أمينة جباروف نائبة وزير الإعلام للجزيرة نت "نحن بحاجة إلى تعريف العالم العربي بأخبار وإمكانيات وتاريخ أوكرانيا من المصدر، وبالحياة والعادات والثقافات فيها".

وأشارت إلى رغبة جادة لدى الوزارة في الانفتاح على العالم العربي أكثر من خلال اعتماد العربية في جميع وسائل الإعلام الرسمية الرئيسية، كقناة "يو أي تي في"، ووكالة الأنباء الرسمية "أوكر إنفورم"، كوسيلة للوصول إلى المشاهد والقارئ العربي.

المصدر : الجزيرة