عبد العزيز آل محمود وأسئلة التخييل والسياسة والتاريخ
المحفوظ فضيلي-الدوحة
وأوضح الروائي القطري أن كتب التاريخ بمنطقة الخليج تغفل الحديث عن شخصيات مهمة بالمنطقة تحتاج لجهود بحثية وأدبية، وشدد على أن الشخصيات الرئيسية بالرواية التاريخية ينبغي أن تكون حقيقية، في حين يمكن تخيل الشخصيات الثانوية، مما يعني أن هذا النمط من العمل الأدبي ينصهر فيه الواقع بالخيال.
وقال آل محمود -وهو يتحدث من وحي مشاركته بدورة تدريبية في بريطانيا نظمتها صحيفة غارديان حول كتابة الرواية التاريخية- إن من أساسيات ذلك النوع من الرواية عدم المس بالصورة السائدة عن الشخصيات التاريخية البارزة، وأشار إلى أنه على سبيل المثال ليس مستساغا أن نقدم للقارئ شخصية صلاح الدين الأيوبي في ثوب قاطع طرق أو ما شابه ذلك.
وعن اختياره لكتابة الرواية التاريخية، قال إن ذلك جاء في غياب تفاصيل كثيرة عن الحياة في الخليج لدرجة أن البعض خاصة في الغرب لا يتصور تاريخها قبل النفط، وأشار في هذا الصدد إلى أن البرتغاليين والهولنديين استقروا خلال تمددهم الإمبراطوري لفترات طويلة بالمنطقة لكن كتب التاريخ لا تتحدث عنها كثيرا.
وأوضح الكاتب أن ذلك النوع من الصور النمطية هو ما يدفع للبحث والقراءة لاستجلاء الحقائق التاريخية في الأعمال الأدبية التي تقدم إلى جانب الإمتاع الأدبي معلومات مهمة للقارئ، خصوصا في ظل تهميش مناهج التاريخ في العالم العربي بشكل عام.
وتحدث آل محمود عما لاقاه من صعوبات في بداية مشواره في كتابة الرواية التاريخية، وقال إن صعوبة وندرة المصادر تعوق الرواية التاريخية في العالم العربي، مما دعاه للاعتماد في كتابة رواية "القرصان" على ما سجله الرحالة الغربيون وضباط المستعمر عن ظروف المنطقة وحياة الناس.
وقال أيضا إن رواية "القرصان " تدور حول شخصية القرصان محمد بن أرحمة التي أثارت جدلا كبيرا بالخليج ولم يعرف عنها الكثير من المعلومات، فهناك من جعله قرصانا فارسا ومن عدّه عميلا للمستعمر، بينما اعتبره آخرون براغماتيا. ولكنه كان عسكريا بارعا استطاع أن يكون له أثر في بحر العرب والخليج وشرق أفريقيا، لافتا إلى أن الرواية نجحت في كشف أسرار وتفاصيل جديدة وطبعت خمس مرات وترجمت للغة الإنجليزية.
كما تطرق آل محمود لروايته "الشراع المقدس" مشيرا إلى أن فكرتها انبثقت من مخطوط التحفة النبهانية" عن قصة زوجة غرير بن رحال، حيث قاده البحث والفضول العلمي إلى تتبعها كما وردت في كتب تاريخ الدولة الجبرية التي جابهت البرتغال على أطراف الخليج.
وخلال اللقاء، تحدث الكاتب عن ضعف مستويات القراءة بالعالم العربي وتأثير ذلك على معرفة تاريخ المنطقة، كما تطرق للوضع المزري للكتاب في العالم العربي طبعا ونشرا وتوزيعا، وأورد مقارنة مثيرة مع ازدهار الطباعة والنشر بمدينة قرطبة إبان الحكم الإسلامي في القرن الـ14.