فن الكاريكاتير في الثورة السورية
فجرت الثورة السورية كل أنواع الفنون، فلم يعد فنان ولا فن في مكانه. التشكيليون تحولوا إلى متابعة اليوميات والرسم عنها، والمسرحيون والموسيقيون والأدباء كان لكل منهم مساهماته أيضا. غير أن فن الكاريكاتير الذي يقوم على السخرية والنقد اللاذع لم يبرز بالشكل الكافي وغاب معظم رموزه عن المشهد مع كل هذه المأساوية ومشهد الدم.
أسماء شابة
وفي أغسطس/آب من العام الماضي، تعرض رسام الكاريكاتير المعروف علي فرزات لاعتداء تخلله تهشيم متعمد لأصابعه، على إثر مواقفه المناوئة للنظام، فاضطر بعد ذلك إلى مغادرة البلاد واستئناف نشاطه من الخارج.
وعن المضايقات التي تواجه فن الكاريكاتير في سوريا، يقول "في الأحوال العادية هناك مشاكل، فما بالك أيام الثورة؟ الناس تعودوا منذ أربعين عاما على قائد واحد ولون واحد، وكذلك المعارضة لا تريد أن ترى عيوبها. البعض يعتبر الأشخاص مقدسين".
ويضيف "لكن لم أتعرض مباشرة لمشكلة، أنا لا أحاول التصادم مع أحد بشكل مباشر، ولكن في سوريا الجديدة الكل معرض للانتقاد".
لافتات الثورة
غير أن هذا الفنان المولود عام 1976، اعتقل لأيام عدة بسبب مشاركته بمظاهرة في الأيام الأولى لاندلاع الاحتجاجات السورية، ويقول عن تجربة الاعتقال "كانت تجربة مهمة، حالة غريبة، مؤثرة ولكن لا أعرف كيف؟".
وإذا كان الكاريكاتير "التقليدي" مقصرا في مواكبة الأحداث بصورة عامة، فإن نوعا جديدا من الفنون ظهر بالمظاهرات الشعبية التي شهدتها سوريا على مدى الأشهر الماضية، ولا سيما في اللافتات المرفوعة.
ويقول الفنان التشكيلي بشار العيسى "لافتات الثورة قامت بدور أساسي وكبير مفقود للكاريكاتير، وبالتالي أرى أن لافتات بلدة كفرنبل (في ريف إدلب) أدت دورا لم تؤده الصحافة أيام الثورة الفرنسية ولا الحروب الكونية في نوعيتها وسخونتها، ودفعت كفرنبل وعامودا (الحكسة-شمال) وبنش (ريف إدلب) والحراك (درعا-الجنوب) وريف دمشق إلى إنتاج مدرسة عصرية سورية خالصة بالكاريكاتير".
وذاع صيت كفرنبل على أنها أكثر البلدات ظرفا وذكاء في الشعارات المرفوعة في مظاهرات كل يوم جمعة، وقد خرجت صور من مظاهرات في الأيام الأخيرة بهذه البلدة رفع فيها المتظاهرون لافتات بيضاء فارغة وربطوا أفواههم في إشارة إلى أن الكلام انتهى ولم تنته مأساتهم.
ووفق الفنان العيسى فإن هذا الدور الذي أدته كفرنبل وأخواتها تجاوز كل إبداعات الفنانين التقليديين، بمن فيهم الفنان الكبير علي فرزات.
من جهتها تقول الرسامة والكاتبة كفاح ديب "الكاريكاتير ما كان ليحضر بهذا الشكل لولا الوضع في سوريا الملهم للهزل" وإلا فإنه ما زال مقتصرا على بعض الأسماء التقليدية.