مثقفون يتخوفون من تقييد الحريات بمصر

مثقفون مصريون ينظمون وقفة للتعبير عن مخاوفهم من تقييد الإبداع
undefined
بدر محمد بدر-القاهرة
نظم عشرات من المثقفين المصريين، بينهم ناشطون سياسيون وفنانون وصحفيون، وقفة احتجاجية رمزية مساء الخميس بميدان طلعت حرب (وسط القاهرة)، للإعراب عن مخاوفهم من تقييد الحريات الإعلامية والأدبية والفنية.

وزاد من حرارة الوقفة صدور حكم قضائي في نفس اليوم بالحبس الاحتياطي لرئيس تحرير جريدة "الدستور" الخاصة إسلام عفيفي بتهمة إهانة الرئيس ونشر أخبار كاذبة تهدد أمن الوطن، قبل أن يتم الإفراج عنه لاحقا بعدما أصدر الرئيس محمد مرسي قرارا بقانون يمنع الحبس الاحتياطي في قضايا النشر.

مدحت العدل (وسط) أكد أن الوقفة ليست ضد الرئيس ولكن للتعبير عن موقف (الجزيرة)
مدحت العدل (وسط) أكد أن الوقفة ليست ضد الرئيس ولكن للتعبير عن موقف (الجزيرة)

مطالب الوقفة
وأكد مشاركون في الوقفة أنها تأتي للدفاع عن حرية الإبداع والرأي والتعبير والنشر والكتابة، وإبداء المخاوف من احتمالات تقييد الإبداع. وعبرت عن هذا المعنى اللافتات المرفوعة والهتافات التي ترددت في الوقفة ومنها: "لا لتكميم الأفواه"، "مصر في خطر"، "لا لحبس الصحفيين"، "الدستور في خطر"، "لا لتقييد الحريات".

ورفع المشاركون صورا لعدد من رواد التنوير، للتأكيد على حرية الفكر والقلم ومدنية الدولة.

"الجزيرة نت" التقت عددا من المشاركين في الوقفة، منهم السيناريست مدحت العدل الذي طالب بإلغاء عقوبة الحبس في جرائم النشر، وضمان حرية الصحافة والكتابة، وضرورة الرقابة الشعبية والنخبوية لقرارات الرئيس وسياساته، ونقدها نقدا موضوعيا لعدم خلق فراعنة، أو تأليه للقادة، وفق تعبيره.

وأضاف العدل أن الوقفة ليست ضد رئيس الجمهورية، ولكن للتعبير عن موقف وتدشين آلية للتقويم.

وقال الكاتب حلمي النمنم إنه يشارك في الوقفة لوجود "مخاطر محدقة على حرية الكتابة والإبداع في مصر، تتمثل في تقديم العديد من البلاغات ضد الصحفيين، مما يؤشر على موجة لهدم حرية الصحافة والكتابة، ولذا وجب الوقوف ضدها وإعلان رفضها ومواجهتها".

خالد فهمي: الوقفة تصدر عن مخاوف لا مبرر لها ولا سند (الجزيرة)
خالد فهمي: الوقفة تصدر عن مخاوف لا مبرر لها ولا سند (الجزيرة)

مخاوف غير مبررة
ومن ناحيته وصف أستاذ الأدب والبلاغة بجامعة المنوفية خالد فهمي هذه الوقفة بأنها لا تليق، لأن المصريين يعيشون الآن أجواء تبعث على المزيد من الاطمئنان على الحقوق والحريات، في ظل دستور يكتبه أعضاء منتخبون من البرلمان، وفي ظل أول رئيس مدني منتخب، جاء بإرادة شعبية، وينتهج سياسات تحقق التوافق الوطني وأهداف الثورة.

وأشار فهمي في حديثه للجزيرة نت إلى أن الوقفة تصدر عن مخاوف لا مبرر لها ولا سند، فالأجواء إيجابية وكان من الممكن أن نتفهم هذه الحركة المعارضة إذا قامت حركة مناهضة للإبداع أو حدثت ممارسات ضده، وحينها تكون الحركة المدافعة عنها مبررة، وهذا وذلك لم يحدث.

ولفت فهمي إلى أن اللجنة التأسيسية لوضع الدستور بها آليات للتواصل مع الجميع، من خلال جلسات الاستماع المفتوحة لتقديم المقترحات والمشروعات، كما أن أعضاءها على درجة عالية من الكفاءة والخبرة، لذا فإن التخوفات غير صحيحة. 

نخبة معزولة
وبدوره يرى أستاذ النقد والأدب العربي بجامعة عين شمس حسام عقل أن النخبة المثقفة تمر بمرحلة دقيقة من الفرز والتصنيف، وأن شريحة من تلك النخبة تخللها الفساد حتى الجذور، ولعبت أدوارا مهمة في دعم النظام البائد والتمكين لبطشه وآلياته القمعية، ضد الحريات المدنية.

واتهم عقل في حديثه للجزيرة نت ما أسماه "النخبة المتلونة المعزولة" بأنها "حاولت أن تركب حصان الثورة، وبعضها حاول توريط البلاد في صدام ضخم ومكشوف مع التيارات الإسلامية المعتدلة".

وأكد عقل -وهو عضو مؤسس بحركة "هوية"- أنه بعد نجاح أول رئيس منتخب ينتمي للتيار الإسلامي، عادت هذه النخبة لتلعب أدوارا جديدة لإعاقة وإفشال التجربة الجديدة وسقطت أقنعة ترتدي مسوح الليبرالية، لكنها معادية للاختيار الشعبي الحر ومنقلبة على الشرعية خلف شعارات براقة، بعيدة عن جوهر العمل الثقافي والديمقراطي ودولة القانون.

المصدر : الجزيرة