ترجمة معاني القرآن للتشيكية.. تاريخ طويل

نسخة اغناس فيسلي التي تم اعادة ترجمتها لاسباب الاغلاط في الفهم
undefined

أسامة عباس-براغ

رغم حداثة اللغة التشيكية وقلة عدد الناطقين بها حاليا (حوالي عشرة ملايين)، أتاحت ترجمة معاني القرآن لبعضهم الفهم الحقيقي للإسلام, وهو ما دفع المئات منهم لاعتناق الإسلام، بعد تمعنهم في آياته.

وتشير الأبحاث التاريخية إلى أن تصفح هذا التاريخ الإسلامي يعود إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى، ليبين أن التشيك مستشرقين وعلماء تاريخ ومهتمين بالعلوم الدينية معنيون بهذا المنهل الذي لا ينضب من المعرفة.

ويعود ظهور ترجمة معاني أول سورة في القرآن الكريم للتشيكية إلى العام 960 الميلادي، حيث قام بها البروفيسور فاتسلاف بودوفيتس، لكن ليس بغرض دفع الناس إلى الاهتداء إلى الإسلام بل في إطار حملة كان هدفها محاربة الدين الحنيف وإدخال الرهبة منه إلى قلوب التشيك، إلى أن جاءت الترجمة الكاملة لمعاني كتاب الله عز وجل على يد إغناس فيسلي، التي صدرت عام 1912 في مدينة برنو ثانية كبرى المدن التشيكية المعروف عنها طيبة أهلها وتقربهم من الدين بشكل عام.

‪رئيس الوقف الإسلامي في براغ: هربك كان بارعا في البحث العلمي‬ (الجزيرة نت)
‪رئيس الوقف الإسلامي في براغ: هربك كان بارعا في البحث العلمي‬ (الجزيرة نت)

وتشير المصادر الموثقة إلى أنه حتى هذه الترجمة لم تكن تخلو من النواقص، لقلة المعرفة ونقل الكلمات بشكل حرفي ليضيع المعنى، وهو ما دفع بالبروفيسور التشيكي ريخارد نيكل إلى إعادة ترجمة معاني القراَن في العام 1934 مع نسخة أخرى معدلة منه عام 1938، كان لها طابع مختلف حيث ساعد نيكل في الترجمة إتقانه اللغة العربية بامتياز وضلوعه في الشؤون الإسلامية، لتكون تلك النسخة قريبة إلى النص، بعد انتقائه مفردات تشيكية قريبة من المعنى.

لكن تلك الترجمة لم تقدم المعنى الصحيح لما تعنيه الآيات من شروحات وقعت في حقبة لها دلالاتها ولها حكمة في المعنى الأمر الذي عده النقاد وقوعا في مطبات لغوية، خاصة أنه فقد الصلة مع لغته التشيكية.

ويقول رئيس الوقف الإسلامي في العاصمة براغ فلادمير سانكا الذي استبدل اسمه بعد إسلامه ليكون عمر سانكا، إن الترجمة التي قدمها البروفيسور التشيكي المستشرق والمستعرب آفان هربك عام 1961 وأعاد تنقيحها بشكل أدق عام 1972 وعام 1991 هي الأفضل والأدق بين كل الترجمات. وأضاف أن "هربك كان بارعا في البحث العلمي التاريخي، وكان أستاذا محاضرا في الجامعات العربية وعلى اطلاع واسع بالشؤون الإسلامية".

ويقول سانكا للجزيرة نت إن هربك الذي توفي عام 1993 أحدث خطوة جذرية للغاية، عندما أدرج سور القراَن حسب تسلسلها الزمني، ليلغي بذلك نظام تتابع السور حسب عدد جملها، معللا ذلك بأنها "تعطي القارئ فكرة عن كل سورة ارتباطا بالوقائع التاريخية التي أوجدت ضروراتها".

ويلفت سانكا إلى أن هربك قدم شروحات وتفسيرات واقعية لجميع المشكلات في فهم النص القرآني، أيضا لتكون أفضل ترجمة كان لها الفضل في اعتناق المئات من التشيك الإسلام، حيث يبلغ اليوم عدد المسلمين حوالي 12 ألف مسلم، في حين لم يتجاوز العدد عام 1990 ألفي مسلم.

يذكر أن رينيه جرايس يعد أول تشيكي اعتنق الإسلام في العام 1912، وقد تعلم اللغة العربية حتى أتقنها وحفظ القرآن كاملا عن ظهر قلب، وطاف في شمال أفريقيا حيث شارك المسلمين في حربهم ضد المستعمرين الإسبان والفرنسيين في المغرب، حتى وقع أسيرا في إحدى المعارك، وحكم عليه بالإعدام، لكن عفوا صدر عنه فيما بعد ليعود إلى وطنه ويمنع من مغادرته بسبب مواقفه في نصرة أشقائه المسلمين في أنحاء العالم.

المصدر : الجزيرة