الساحة الثقافية بالأردن ومعضلة النقد
النقد والإبداع
واعترفت سناء شعلان بأنها استفادت كثيرا من النقد العربي والعالمي، الذي قدم زوايا جديدة لمنتجها لم تكن قد انتهت إليه، لكنه لم يمنعها من النظر لأعمالها بعين الناقدة وهو تخصصها، كما ظلت على اتصال بأعمال إبداع تمدنا بنماذج مختزلة لطرائق الإبداع.
أما الروائي والمسرحي مفلح العدوان فيؤكد أن "الثالوث" الناقد والقارئ والمنتج الأدبي يتحملون جزءا من خطيئة تراجع المشهد الثقافي، غير أن الجزء الأكبر يتحمله النقاد لأن عليهم مسؤولية المراجعة والتوجيه والنقد وتقديم البدائل التي من شأنها دفع العمل الثقافي إلى الأمام.
وقال للجزيرة نت إن "وجود ناقد واع وحركة نقدية إيجابية يمكن من رفع مستوى الإبداع وتوجهه، وفي ذات الوقت تقدمه وتعرضه للقارئ بطريقة تحفزه على القراءة مما يعود بالفائدة على الفعل الثقافي.
ويرى العدوان أن المبدعين محليا وعربيا لم يتعودوا على النقد الحاد لكثرة ما قدّم لهم من نقد انطباعي وسطحي واعتقد أن سيكولوجية المبدع إذا تعوّد على المعارك النقدية الحادة وتوجيه الأسئلة والمساءلة من النقاد والقراء فإنه كما يستقبل المديح عليه أن يتوقع نبش طبقات عمله ليخضع للمساءلة والمحاكمة إن كان رديئا فنيا.
وقال إن الناقد عوّد المبدعين على سطحية النقد وما أسماه "الإخوانيات" أكثر ممّا قدّم واجهة حقيقية لأعمالهم، كما صار الإعلام الثقافي بديلا عن النقد الإبداعي الجاد. وطالب بأن يأخذ الأكاديميون المتخصصون بالنقد دورهم، ويتابعوا الفعل الثقافي، وتأهيل العاملين بالإعلام الثقافي ليرتقوا لمستوى الناقد الجاد، لكنه أكد أنه يعارض الرقابة الفكرية ويؤيد وجود ضوابط فنية، فالسوق – وفق رأيه – مغرق بإصدارات رديئة تضر نظيرتها الجيدة.
الثقافة ديكور
من جهته يرى رئيس جمعية النقاد الأردنيين فخري صالح أن النقاد متهمون دائما بأنهم سبب تردي حال الثقافة، ويعرضون عن الكتابة حول الأعمال الجديدة ولا يشجعون المواهب الشابة، ويفضلون الكتابة عن الكتّاب المعروفين، وكأن النقد هو ما يصنع الثقافة ويوجد حالة ثقافية، فالنقد -وفق صالح – يأتي تاليا ليضيء المشهد ويقرأه ويقوم بالتنظير والتنبؤ بتحولاته المستقبلية.
وأكد أن الثقافة لا تحظى باهتمام الحكومة، وتتعامل بوصفها مجرد ديكور، ولا تلتفت إلى الآثار العميقة التي تتركها الثقافة على الأفراد، وما تؤديه من تهذيب للنفوس وتنمية الأبعاد الإنسانية.
واعتبر أنه لو اهتمت المؤسسات بالثقافة فعلا، لما شهدنا العنف الذي ينهش الجامعات الأردنية، ويؤدي لتكسير الطلبة كلياتهم، وتبادل العنف لدرجة استخدام السلاح، كما حدث في الجامعة الأردنية قبل أيام.
واعتبر أن الثقافة تحتاج لبيئة وسوق، هي في الحالة الأردنية والعربية ضعيفة وغير مجدية مقارنة مع المجتمعات الغربية والشرقية المتقدمة، مشيرا إلى انه أنه ليس للرسم أو الموسيقى أو الكتاب أو أي منتج ثقافي آخر سوق في عالمنا العربي فكيف يمكن أن يزدهر العمل الثقافي!!.
دور الإعلام
من جانبه خلص رئيس رابطة الفنانين التشكيليين غازي أنعيم إلى غياب نقد فني، وقال إنه بدون النقد تذوب الحدود بين الأعمال الهابطة والجادة ويسود التسيّب والممارسات غير السليمة بين المشتغلين بالحقل الثقافي.
وقال للجزيرة نت إن وزارة الثقافة والصحافة والتلفزيون تتحمل مسؤولية غياب النقد، وما ينشر لا يتعدى نوعا من التغطيات الصحفية الخبرية الإنشائية إلى جانب انطباعات شخصية لصاحبها الذي يضيف قدرا من المديح والثناء عند وصف الأعمال الفنية.
ويرى أنعيم أن هناك كتابات صحفية ساهمت في ترسيخ أسماء أو هواة قطعوا على النقاد فرصة توجيههم لتجويد إنتاجهم الفني، وأدت تغطيات بعينها لسلوك الغرور لدى هواة تنقصهم المقدرة الفنية والخبرة وغالبا الموهبة. وأشار إلى أن الفنان لم يعوّد نفسه على تقبل الخطاب النقدي الموضوعي، وما زال يشعر بالكراهية لمن يحاول الإشارة لسلبياته.