هل ما زال لبنان "مطبعة العرب"؟

معرض الكتاب الطرابلسي السنوي

المتابعون أكدوا وجود تراجع نسبي في حركة نشر وتوزيع الكتب في لبنان (الجزيرة نت) 

زهرة مروة-بيروت

طوال عقود كان لبنان قبلة للكتاب والمثقفين العرب وفضاء لنشر الكتب السياسية والفكرية المثيرة للجدل والممنوعة في دول عربية أخرى، لكن مع المتغيرات الحاصلة ودخول عامل المنافسة في حقل النشر والتوزيع، خاصة من سوريا والأردن والخليج، هل تغير وضع هذا القطاع في لبنان؟ وما مستقبل هذه الصناعة التي طبعت سمعة لبنان حتى بات يُسمى "مطبعة العرب"؟

الجزيرة نت استطلعت موضوع النشر والتوزيع في لبنان وزارت عدداً من أصحاب دور النشر، وسألت رئيسة اتحاد الناشرين اللبنانيين، ومسؤول معرض بيروت الدولي للكتاب.


undefinedثوابت الحرية
وتؤكد مديرة دار الآداب رنا إدريس للجزيرة نت أن وضع النشر تغير في لبنان مقارنة بالماضي، حيث لم يعد لبنان الدولة الوحيدة التي تصدر كتبا "فسوريا تنافسنا في الكتب المترجمة، وعدم وجود اتفاقيات دولية للترجمة لديها كما هو الحال في لبنان، يسهل عليها ترجمة الأعمال الفنية والفكرية".

وتضيف أن هناك حاليا دعما ماديا وعملا مطبعيا لوجستيا وحركة أكبر في الدول العربية، وخاصة الإمارات، ومن الممكن لهذه الدول أن تنافس بيروت في النشر.

لكن حسب رنا تبقى صفة واحدة تتميز بها بيروت هي الحرية المطلقة، فالكتب التي تنتقد الأنظمة السياسية والدين والكتب الجنسية وغيرها عادة ما تصدر في بيروت، كما تبقى نوعية الإنتاج في لبنان أفضل من غيره، من ناحية الورق والطباعة، فخبرة لبنان وناشريه طويلة في هذا المجال".

وبالنسبة  للثورات، تعتقد رنا أنها خلقت تراجعا في دور النشر وتقول "بتنا أقل مجازفة في إصداراتنا، هناك أسماء جديدة كنت أريد طرحها في السوق، لم أعد أتجرأ على القيام بذلك، لأني لا أعلم أين سأوزع هذه الكتب، ولا أعرف أيضا ما هو وضع القارئ العربي في هذه الظروف".

الطباعة تطورت كثيرا في بلدان الخليج، ولكن لبنان ما زال يتميز بحيّز من الديمقراطية، وتقليص دائرة الممنوعات

تأثر نسبي
من جهته يقول مدير المبيعات في مؤسسة دار العلم للملايين أسامة فواز إن لبنان محصن ضد المنافسة العربية "فبيروت تحتضن حوالى مائتي دار نشر، بينما هناك فقط ما يقارب الخمسين دار نشر في العالم العربي كله ما عدا مصر".

ويستدرك أن هناك أسواقا انخفض التصدير إليها والتوزيع مثل تونس والعراق وليبيا، بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية السيئة. مضيفا أن نسبة المبيعات انخفضت نسبيا خلال السنتين الماضيتين بسبب الحرب والأوضاع الاقتصادية.

ويؤكد مدير الدار العربية للعلوم بشار شبارو أن وضع النشر في لبنان اختلف مقارنة بالسابق بظهور منافسين أساسيين لسوق النشر في لبنان، مثل سوريا والأردن والسعودية.

ويؤكد أن "الثورات أقلقت الأسواق وأوقفت المعارض"، وأن هناك خطة إنتاجية كانت تعتمدها الدار العربية للعلوم، وهي نشر كتاب كل يوم تقريبا. أما هذه السنة فقد انخفض الإنتاج إلى كتابين كل أسبوع بسبب الأوضاع السياسية.

لكن شبارو يشير في المقابل إلى أن بيروت تتميز بكونها مركزا للشحن والتوزيع، وفيها "مرونة عالية في التجميع والشحن وسهولة في التعامل المالي وعدم وجود رقابة".

وتقول رانيا المعلم من دار الساقي إن هناك مشكلة في التوزيع، وهي الرقابة وعدم فسح مجال للكتب بأن تدخل إلى بلدان معينة. وترى أن الثورات أثرت سلباً على التوزيع وأعاقت عمل دور النشر، "لكن هذه الثورات خلقت أزمة مؤقتة وستؤدي على المدى البعيد إلى مزيد من الحرية".

وضع النشر في لبنان اختلف بالنسبة إلى السابق وظهر منافسون أساسيون لسوق النشر في لبنان، مثل سوريا والأردن والسعودية
"

الريادة للبنان
من جهته يقول مدير دار الفارابي جوزيف بوعقل إن الطباعة تطورت كثيرا في بلدان الخليج، ولكن لبنان ما زال يتميز بحيّز من الديمقراطية، وبتقليص دائرة الممنوعات، كما أن عددا كبيرا من الكتاب العرب يطبعون كتبهم في لبنان، باعتبار أن التوزيع والدعاية والانتشار هنا أفضل من بقية البلدان العربية".

وعن وضع الكتاب بشكل عام يقول بوعقل إن وضع الكتاب ليس جيدا لأن الشعب العربي لا يقرأ كثيرا حيث تفيد بعض الإحصائيات بأن العرب يقرؤون بمعدل نصف ساعة كل سنة.

رئيسة اتحاد الناشرين اللبنانيين سميرة عاصي تقول إن ثمة منافسة عربية، لكن لبنان ما زال الرائد في النشر في العالم العربي، وتشيد عاصي بنوعية النشر في لبنان، وبجودة الورق وكل ذلك يشكل بنظرها حصنا في وجه المنافسة العربية.

وبالنسبة إلى سوق الخليج تقول عاصي إن هناك دور نشر كبيرة ولكنها محدودة العدد، "ولذلك ما زال لبنان هو الرائد بالنسبة للطباعة والنشر والتوزيع والتصدير".

من جهته يؤكد مدير النادي الثقافي العربي (منظّم معرض بيروت الدولي للكتاب) الدكتور عدنان حمود أن هذا المعرض يخلق كل سنة فسحة للناشرين، لعرض إصداراتهم الجديدة أمام كم هائل من الناس ويفسح أيضا المجال أمام الزوار للحصول على أجود أنواع الكتب بأرخص الأسعار.

وعن معدل البيع يقول حمود إن المبيعات الإفرادية في السنة الماضية كانت بقيمة مليون دولار، بينما وصلت المبيعات بالجملة إلى 700 ألف دولار، لكنه أشار إلى أن معدل المبيعات تراجع بين عامَي 2001 /2002 و2010/2011 بنسبة تتراوح بين 10% و15%.

المصدر : الجزيرة