عكاشة.. أسطورة الدراما العربية

عرض كتاب "أسامة أنور عكاشة"

غلاف الكتاب الصادر عن مؤسسة "أخبار اليوم" بالقاهرة (الجزيرة نت)

بدر محمد بدر-القاهرة

في الذكرى الأولى لرحيل الأديب والكاتب أسامة أنور عكاشة (1941-2010), نشرت الصحفية والأديبة حسنات الحكيم كتابا عنه ضمن سلسلة "كتاب اليوم" التي تصدر عن مؤسسة "أخبار اليوم" بالقاهرة, يستعرض رحلة حياة الروائي الكبير, ويتناول كتاب "أسطورة الدراما العربية" أهم أعمال عكاشة الأدبية والروائية، وأعماله الدرامية في التلفزيون والسينما.

يؤرخ الكتاب لمسيرة الكاتب الأدبية والفنية ويستعرض مشواره الإبداعي، كما يحوي في نهايته آراء عدد كبير من الفنانين والأدباء وأصدقاء الراحل, يتحدثون فيها عنه وعن أسلوبه ورؤيته وأعماله الإبداعية والروائية، التي صنعت منه "أسطورة الدراما العربية".

ولد أسامة في 28/7/1941م في بيت أسرة والدته بمدينة طنطا, عاصمة محافظة الغربية (وسط الدلتا), لأب يعمل بالتجارة ويقيم بمحافظة كفر الشيخ, وأم ربة منزل, وكان ترتيبه الثاني في الأسرة, وعندما حملت والدته بطفلها الثالث اضطربت حالتها الصحية وساءت أكثر بعد ولادتها, واضطرت لترك أسرتها الصغيرة, وذهبت إلى بيت أسرتها الكبيرة لترعاها, وسرعان ما توفيت بأزمة قلبية وأسامة لا يزال في السابعة من عمره, فشعر منذ ذلك الحين بالحرمان من الأمومة, وأثر ذلك في شخصيته كثيرًا.

يؤرخ الكتاب لمسيرة الكاتب الأدبية والفنية ويستعرض مشواره الإبداعي، كما يحوي في نهايته آراء عدد كبير من الفنانين والأدباء وأصدقاء الراحل, يتحدثون فيها عنه وعن أسلوبه ورؤيته وأعماله الإبداعية والروائية التي صنعت منه "أسطورة"

حالة العزلة
وانتقل أسامة الطفل مع والده إلى مدينة كفر الشيخ مجددا, وسرعان ما تزوج الأب من أخرى لترعى الأسرة, ورغم حنان الزوجة الجديدة فإن أسامة بدأ يعيش حالة "العزلة" ويقضي أوقاتا طويلة في غرفته, وعندما كبر كانت الكتب والمجلات والروايات والقصص هي عالمه وحياته وسلوته, وبدأ يظهر عشقه للقراءة وحب الاطلاع, وبدأ يتابع المسلسلات الإذاعية باهتمام وشغف شديد.

وعندما حصل على شهادة الثانوية العامة في مدينة كفر الشيخ التحق بكلية الآداب جامعة عين شمس في تخصص الدراسات النفسية والاجتماعية, وتنقل في إقامته بالقاهرة بين عدة مناطق شعبية, منها "روض الفرج" و"شبرا" و"الحلمية", ومناطق ألهبت خياله الروائي فيما بعد.

أول وظيفة
وبعد أن أنهى دراسته التحق بوظيفة أخصائي اجتماعي في مؤسسة لرعاية الأحداث, لكنه تركها بعد ثلاثة أشهر, ليعمل مدرسا للفلسفة بوزارة التربية والتعليم في مدينة أسيوط بصعيد مصر, وما كاد يكمل عامه الدراسي الأول حتى عاد إلى القاهرة، بعد أن تزوج وأنجبت زوجته ابنه الأكبر هشام, وانتقل للعمل موظفًا للعلاقات العامة بمحافظة كفر الشيخ، ولكنه لم يستطع الاستمرار فعاد مرة أخرى إلى القاهرة ليعمل موظفًا بجامعة الأزهر الشريف.

وفي تلك المرحلة كان عكاشة يكتب القصص، ولكنه لم يجد منافذ للنشر, وعاش حائرا بين العمل لكسب رزقه وبين التفرغ لمهنة الأدب والكتابة التي لا تدر عليه ما يكفي للحياة, وفي عام 1967 صدرت له أول مجموعة قصصية بعنوان "خارج الدنيا", وشارك في إعداد برنامج "طوف وشوف" في التلفزيون المصري.

ومع بداية السبعينيات مر عكاشة بظروف مادية صعبة, وسافر للعمل عام 1974 في مدينة الكويت، لكنه لم يتحمل فراق أسرته وفنه فعاد إلى القاهرة مجدداً بعد عدة أشهر فقط, ليلتقي بزميل دراسته وصديقه المخرج فخر الدين صلاح، الذي اقترح عليه أن يكتب السيناريو والحوار للقصص التي يكتبها, على أن يقوم هو بإخراجها وإنتاجها للتلفزيون.

وكانت سباعية "الإنسان والحقيقة" هي أول عمل يقوم به أسامة أنور عكاشة ويلقى نجاحاً لافتا, وكوّن هو وفخر الدين صلاح ثنائيا ناجحاً، وقدما للتلفزيون المصري عشرات الأعمال الفنية منها: زهرة البنفسج، وريش على مفيش، وطيور الصيف، وسلمى، وعابر سبيل، وأبواب المدينة، والحصار, وغيرها.

تأثر أسامة أنور عكاشة بروائع نجيب محفوظ, حيث كان يجد نفسه بين شخصياته, وعندما أقام في القاهرة أثناء دراسته قرأ روائع عبد الرحمن الشرقاوي ويوسف إدريس وإحسان عبد القدوس, كما قرأ في الأدب العالمي لكبار الكتاب من أمثال تشارلز ديكنز ودسيتوفسكي

التفرغ للكتابة
وفي عام 1982 استقال أسامة من وظيفته وتفرغ للكتابة الدرامية, لكن صديق عمره المخرج فخر الدين صلاح توفي في تلك الفترة وحزن عليه حزنا كبيراً, ثم تعاون بعد ذلك مع إسماعيل عبد الحافظ ومحمد فاضل وأنعام محمد علي وغيرهم, وفي عام 1992 اتجه للكتابة السياسية في صحف: الأسبوع والميدان والدستور والأهرام والوفد وغيرها.

وكان الروائي الكبير من عشاق مدينة الإسكندرية, وفيها كتب أجمل ما أبدع وألف للدراما العربية, ومنها "امرأة من زمن الحب" و"أميرة في عابدين" و"عفاريت السيالة" و"زيزينيا" و"الراية البيضاء".

تأثر أسامة أنور عكاشة بروائع نجيب محفوظ, حيث كان يجد نفسه بين شخصياته, وعندما أقام في القاهرة أثناء دراسته قرأ روائع عبد الرحمن الشرقاوي ويوسف إدريس وإحسان عبد القدوس وعبد الحميد جودة السحار ويوسف السباعي, كما قرأ في الأدب العالمي لكبار الكتاب من أمثال تشارلز ديكنز ودسيتوفسكي وأندريه بلزاك وغيرهم.

بداية الشهرة
ويمكن القول إن مسلسل "الشهد والدموع" (جزآن) الذي أنتجه التلفزيون المصري في عامي 1983 و1984, هو البداية الحقيقية لظهور أسامة أنور عكاشة بوصفه مؤلفا روائيا تلفزيونيا بارعا, وحقق له هذا المسلسل انتشاراً وتقديرًا واهتمامًا من قبل الجمهور والنقاد, وقدم الكثير من الأعمال المتميزة التي أعقبته، منها "الحب وأشياء أخرى"، و"رحلة أبو العلا البشري"، و"عصفور النار", ثم العمل الكبير الذي ظهر في خمسة أجزاء "ليالي الحلمية"، ثم "أنا وأنت وبابا في المشمش"، و"الراية البيضاء"، و"ضمير أبلة حكمت"، و"أرابيسك" و"المصراوية"، وغيرها.

ومن الأفلام السينمائية التي قدمها الروائي الكبير: "تحت الصفر"، و"دماء على الإسفلت"، و"الهجانة"، و"كتيبة الإعدام"، وغيرها. كما قدم العديد من الأعمال المسرحية والمسلسلات الإذاعية, والسهرات التلفزيونية, وترك العديد من الأعمال الأدبية لم تكتمل منها: مسلسل "تنابلة السلطان"، و"حارس الجنة"، و"سمارة"، و"الوجه والقناع"، والجزء الثاني من "الراية البيضاء".

المصدر : الجزيرة