الفن الهولندي يعرض في قطر

طبيعة صامتة ادريان فان اوترخت 1644

لوحة طبيعة صامتة للرسام أدريان فان أوترخت 1644 (الجزيرة نت)

أحمد الشريقي-الدوحة

احتضن معرض العصر الذهبي للفن الهولندي المقام في متحف الفن الإسلامي بالعاصمة القطرية الدوحة 41 لوحة من روائع متحف "رايكس" الأشهر في هولندا، وكانت تلك اللوحات كافية لتبرز أحد أكثر عصور هولندا حيوية وازدهارا في المشهد الثقافي العالمي إضافة إلى حضورها على الصعيد الاقتصادي والسياسي.

في لوحة أولى للفنان بان فان هاوسم تتفتح زهرة التوليب، والنرجس والفادانيا وكثير من الزنابق، بيد أن لوحة الطبيعة الصامتة لهاوسم ليست الأولى التي تقدم بلد الزهور، ففي المعرض أيضا يقدم أبراهام مينون لوحة أخرى للزهور وإن جاءت مفارقة للوحة هاوسم في أن الزهور تتفتح على مهلها في المزهرية.

 

روح أمستردام

لوحة طاحونة ماء للفنان مايندرت هوبما (الجزيرة نت)
لوحة طاحونة ماء للفنان مايندرت هوبما (الجزيرة نت)

وبين زهور هاوسم وأبراهام مينون، تحتل واجهات الأبنية القديمة في أمستردام وقنواتها التي تتخلل المباني لوحات تقدم روح المدينة في أمستردام وروتردام وغيرها من المدن الهولندية، حيث السماء صافية تتناثر فيها الغيوم.

 

ويبدو سطح الماء صافيا تنعكس عليه واجهات المدينة وأشجارها، لكن الطبيعة الصامتة التي تحتل حيزا لا بأس به من المعرض لا تحجب مشهد الحياة وحركيتها في الفضاء المفتوح وخلف أسوار المنازل المغلقة.

 

ويقدم بوهانسن فيركير (1632-1675) "رسالة حب"، وفي اللوحة تتوقف فتاة عن العزف على آلة العود، فيما هي تتسلم رسالة من خادمتها، وتبدو الخادمة فرحة بتسليم الرسالة لسيدتها، بينما علائم الترقب واضحة على محيا السيدة العازفة.

 

لعبة الضوء التي استخدمها فيركير في "رسالة حب" ليست استثناء في معظم لوحاته حسب خيردين فوستمان واضع الكتاب التعريفي للمعرض، ولعبة الضوء "هي من جعلت منه واحدا من أعظم فناني هولندا، فقد كانت قدرته على تصوير ضوء النهار والغبش المتسلل من النافذة لا تضاهى".

 

ويواصل يان ستين (1636-1679) في ثلاث لوحات متابعة إضاءة المشهد الأسري لحميمية الحياة لدى العائلة الهولندية وتظهر في لوحته "قفص الببغاء" غرفة داخلية وامرأة تطعم ببغاء، فيما رجلان يلعبان النرد، مظهرة الهرج والمرج وأجواء العائلة الحميمة.

 

الشغف بالخيل

حصانان قرب بوابة في مرج بريشة الفنان باولوس بوتر (الجزيرة نت)
حصانان قرب بوابة في مرج بريشة الفنان باولوس بوتر (الجزيرة نت)

يبدو الفنان باولوس بوتر (1925م-1654م) الذي قضى عن 28 ربيعا شغوفا بالخيل التي يظهر منها اثنان في لوحته أحدهما مائل للبني والآخر أبيض تماما في بوابة مرج، وتكشف سيرة الفنان ولعه برسم المواشي والأبقار بصورة عامة إضافة الى رسمه للخيول وميله إلى الواقعية في رسومه.

 

وفي أجواء الخيول يبدع الفنان ألبرت كلوب لوحة لضابطين هولنديين بكامل قيافتهما العسكرية على أحد التلال القريبة من ألمانيا، وفي اللوحة جو بانورامي للبط يلهو قريبا من الفارسين ويراقبهما راع صغير لأبقاره على مقربة منه، فيما تبدو الشمس ساطعة في لوحة بوتر.

 

على الجدار نفسه تعتلي لوحة "الرمادي" فيليس فاوفرمون (1616م-1686م) "رسام جياد العصر الذهبي" وتظهر اللوحة الحصان "الرمادي" منقادا لصبي صغير يعطيان ظهرهما للمتلقي، تحوم حولهما الطيور والسماء رمادية تلقي بظلالها على شجرة ميتة قرب الصبي وحصانه.

 

والخيول رفيقة الصيادين في لوحة ديرك ستوب (1618م-1686م) لكن الصيادين في لوحة ستوب يبدون في استراحتهم مع كلابهم على أحد التلال الجبلية في جنوب أوروبا.

 

وفي إطار آخر تضيء لوحة إيمانويل دوفيته (1617م-1691م) جانبا من المطبخ الهولندي في القرن السابع عشر، مقدمة مشهدا لولع الهولنديين بالأسماك، وفي لوحة أولى لدوفيته تصوير لمشهد المتسوقين في سوق السمك الذي بني في أمستردام عام 1661م.

 

وبخلاف لوحة (أدريان فوستة) بائعة السمك (1610م-1685م) الذي تبدو فيه بائعة السمك منهمكة في تقطيع سمك السلمون يظهر دوفيته السوق وقد ازدحم بالمتسوقين فيما طاولة البائعة تزدحم بأسماك القد والحدوق والسلمون.

 

وفي لوحته "وليمة للعين" يتوسط مائدة أدريان فان أوترخت الباذخة (1599م-1652م) الكركند الضخم، بينما المائدة ملأى بكل أنواع الفواكه، وبعناية فائفة لإظهار الترف يصوغ أوترخت تفاصيل المائدة، حيث الأقداح الغالية المطلية بالذهب والأطباق الصينية.


إبداعات رامبرنت

رامبرانت بشكل بولس الرسول بريشة الفنان رامبرانت فان رين (الجزيرة نت)
رامبرانت بشكل بولس الرسول بريشة الفنان رامبرانت فان رين (الجزيرة نت)

وإذا كان المعرض بمجمل ما يقدمه احتفاء بالريشة والألوان وهي تستعيد مجد هولندا، فإنه لا يصح أن يغيب عنها أبرز مبدعيها المشاركين رامبرانت هارمنسون فان رين (1606-1669) الذي يعد واحدا من المواهب الفذة على الصعيد العالمي.

 

ويحتوي المعرض ثلاثا من إبداعات رامبرانت، الأولى لوحته الذاتية "بولس الرسول"، وهي واحدة من الصور القليلة التي يتقمص فيها شخصية تاريخية ودينية، وهو ما كان شائعا في القرن السابع عشر.

 

ويكثف رامبرانت في بولس الرسول ما عرف عن موهبته في التعبير عن المشاعر، عبر استخدام طبقات سميكة من الألوان، واستخدام الإضاءة المباشرة التي تقيم حوارا بين اللوحة والمتلقي.

 

وفي لوحة ثانية يعكس رامبرانت اهتمام هولندا بالشرق، عبر تجسيده لصورة نصفية لرجل بلباس شرقي، يلعب فيها على الضوء والظل فيركز الضوء على العمامة والوجه، فيما يبدو الجدار قاتما إلا من ضوء خفيف.

 

أما في لوحته الأخيرة وهي صورة شخصية لوجه صانع جعة فتظهر كثيرا من التفاصيل للسيدة لدرجة تبدو فيها كما لو أنها صورة فوتوغرافية.

المصدر : الجزيرة