المستعربة كاستنيون: الترجمة إبداع

محاضرة الدكتورة لوث غارثيا كاستنيون المستعربة الاسبانية التى حاضرت باتحاد كتاب وأدباء الإمارات بأبو ظبي،

المستعربة لوث غارثيا كاستنيون تحدثت في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات بأبو ظبي (الجزيرة نت) 

شرين يونس-أبو ظبي

تعد المستعربة الإسبانية لوث غارثيا كاستنيون نموذجا للشغوفين بالعربية، وقد بدأت تجربتها منذ عقود، فهي لا تطيق العيش في إسبانيا عدة شهور، لترجع إلى الدول العربية التي عاشت فيها، وعند الانتقال منها تحمل معها مقتنياتها التي تذكرها بها فتملأ بها ردهة بيتها حيث تقيم المعارض بجانب الترجمات للتعريف بالعرب وأدبهم.

وتصف كاستنيون الترجمة الأدبية بأنها فعل إبداعي وليست مجرد نقل لمفردات من لغة إلى أخرى، مما يحتاج معه فرصة للمترجم للاطلاع على مختلف الأجناس الأدبية والكتاب، لكي يختار ما يفضله، مشيرة إلى تراجع حركة الترجمة بين الأدبين العربي والإسباني.

جاء ذلك في محاضرة ألقتها كاستنيون بتنظيم من اتحاد كتاب وأدباء الإمارات بأبو ظبي، حيث تحدثت المستعربة عن الذائقة الإسبانية وتلقيها للإبداع العربي، متطرقة لتجربتها مع الأوساط والنخب الثقافية العربية.

وكانت كاستنيون قد درست الأدب العربي، وزارت وعملت ببعض المدن العربية، فنالت شهادة الدكتوراه في مصر وكانت أطروحتها عن أعمال الكتاب جمال الغيطاني ويوسف القعيد وصنع الله إبراهيم.

وعملت بعد ذلك في العاصمة العراقية بغداد، فأنجزت كتابين أحدهما "الخرجات في الموشحات الأندلسية" بالاشتراك مع داود سلوم, والثاني أنطولوجيا عن الأدب العراقي، وبعدها أقامت بالمغرب حيث أنجزت رسالتها للدكتوراه الثانية حول الأدب المغربي.

ترى كاستنيون أن الإلمام باللغة لا يعني فقط معرفة مفرداتها، وإنما أيضا مضمونها ودلالاتها، واستكشاف كل نواحي الحياة بالنسبة للمجتمع الذي تترجم عنه، بدءا من العادات والتقاليد والفن والغناء و أيضا الحياة اليومية

الترجمة والمعرفة
وترى كاستنيون أن الإلمام باللغة لا يعني فقط معرفة مفرداتها، وإنما أيضا مضمونها ودلالاتها، واستكشاف جميع نواحي الحياة بالنسبة للمجتمع الذي تترجم عنه، بدءا من العادات والتقاليد والفن والغناء وأيضا الحياة اليومية.

واسترجعت كاستنيون نصيحة أبداها لها أحد أصدقائها في فترة الدراسة بضرورة تعلم العربية بجانب الدراسة الأكاديمية، من خلال زيارة جامعة أخرى أسماها "الفيشاوي" وهي من المقاهي الشهيرة بالقاهرة، التي يرتادها مختلف فئات المجتمع المصري، في إشارة إلى ضرورة تلمس روح الثقافة.

وفى حديثها عن الأدبين العربي والإسباني، تؤكد كاستنيون وجود تاريخ مشترك طويل جدا، يظهر في المدارس الإسبانية والأدب واللغة الإسبانية التي كانت حتى وقت قريب تحتفظ ببعض المفردات العربية، وأيضا الموسيقى والفن الإسباني.

ولفتت إلى أن حركة الترجمة من العربية إلى الإسبانية على يد رواد المستعربين الإسبان في الخمسينيات، حيث ترجم الكثير للشعراء العرب مثل بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وأيضا صلاح عبد الصبور وعبد الوهاب البياتي، تلتها ترجمة مجموعة من القصص القصيرة والروايات. ورغم ذلك، فإن التبادل الثقافي لا يزال دون المستوى المطلوب، حسب قولها.

واستذكرت كاستنيون الصعوبات التي واجهتها في نشر ترجماتها في الفترة الأولى من عملها مترجمة، لأنها كانت تترجم ما تحب حتى لو كانت أعمالا لكتاب مغمورين، وهو ما كانت ترفضه دور النشر العربية والإسبانية لتفضيلهم ترجمة أعمال الكتاب العرب المشهورين، مما حدا بالمستعربة إلى التوقف عن الترجمة، لأنها لا ترغب في ترجمة ما لا تحب.

قالت كاستنيون إن مكانة الشعر تراجعت سواء عربيا أو إسبانيا، وعزت ذلك إلى سرعة العصر الذي نعيشه وتفضيل الناس قضاء أوقات فراغهم أمام الإنترنت بدل قراء الشعر

ذائقة إسبانية
وردا على سؤال حول ما تفضله الذائقة الإسبانية من الأدب العربي، أجابت كاستنيون بأن الإسبان يحبون الكتب التي لها رسالة وهدف، ويريدون الكتب التي تجذبهم قراءتها ويكون فيها حدث، مضيفة أن أصدقاءها كثيرا ما يسألونها عن سبب كثرة الكتابات العربية حول العلاقة بين الرجل والمرأة، رغم أن ذلك لا يهمهم كثيرا.

وتضيف أنهم يفضلون ما يدفعهم للتفكير واكتشاف شيء ما، مدللة على ذلك بكتب أميركا اللاتينية التي اشتهرت لأن كتابها كانوا حقيقيين، ولديهم موضوعاتهم الخاصة التي تؤكد خصوصياتهم، فالكتابة بحسبها ليست زيا موحدا أو موضة يتبعها الجميع.

وتحدثت المستعربة الإسبانية عن إنجازها لكتاب حول تاريخ الحروب الصليبية في قصص الأطفال العربية والإسبانية، والتي بدأت كمقالة نشرتها ثم وسعتها لتكون دراسة، قامت فيها بعرض آراء الجانبين لتلك الحرب، مستهدفة بذلك إعلام القارئ بأن الأحداث التاريخية يمكن أن تروى باختلاف وجهات النظر مما يساعد القارئ على اكتشاف الحقيقة بنفسه، على حد قولها.

من جهة أخرى قالت كاستنيون إن مكانة الشعر تراجعت سواء عربيا أو إسبانيا، وعزت ذلك إلى سرعة العصر الذي نعيشه وتفضيل الناس قضاء أوقات فراغهم أمام الإنترنت بدل قراء الشعر.

وشددت على ضرورة وجود شراكة بين مؤسسات ثقافية عربية وإسبانية للاطلاع على المنتج العربي واختيار الجيد منها للترجمة، دون الالتفات للاعتبارات الشخصية والمحسوبية، ودون التركيز فقط على الجوانب المادية.

المصدر : الجزيرة