"حكاية هرمنا".. الضحك هو الحل

لقطة من مسرحية حكاية هرمنا

" حكاية هرمنا" قدمت عبر مشاهدها الخمسة نقدا ساخرا للفساد والمفسدين (الجزيرة نت)

توفيق عابد –عمان

بمناسبة مرور عام على الربيع العربي قدمت فرقة أحفاد المسرح مسرحيتها الكوميدية الجديدة "حكاية هرمنا" على المسرح الدائري بالمركز الثقافي الملكي مساء الاثنين بحضور جمهور غالبيته من الشباب.

قدمت المسرحية على مدى ساعة تقريبا من خلال خمسة مشاهد كوميدية، نقدا ساخرا للفساد والمفسدين، ووصلت إلى نتيجة مؤداها أن إصلاح الفرد هو الطريق السليم لإصلاح المجتمع وحل قضاياه العالقة.

وحملت مشاهد المسرحية إسقاطات لا تبتعد كثيرا عمّا جرى ويجري في الدول العربية. "الإنسان يهرم ولكن لا يهزم" و"مهما كان البطل جبارا سوف يرتمي عندما يمرض"… وهي لقطات متفرقة مالت نحو السياسة رغم تصريح مخرجها كاشف سميح بقوله "حاولنا الابتعاد عن السياسة".

وبدا ذلك واضحا من خلال مشهد حمل فيه الممثلون يافطة كتب عليها الآية الكريمة "ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل" وتركوا الباب مفتوحا أمام المشاهدين للاستنتاج من هم أصحاب الفيل.

وطرحت المسرحية بالكوميديا الساخرة قضايا اجتماعية تخص الشباب بالدرجة الأولى كالمخدرات أو ما أطلقت عليه "الغرزة" والنشل "نشال نشل محفظة اكتشف أنها له"، والسرقات "أنا حرامي بس ابن ناس" بما تحمله العبارة من أن "الحرامية" بالأردن هم من الكبار وليس من الطبقة الوسطى.

ووجهت المسرحية نقدا لاذعا لتشكيل الأحزاب بالأردن "حتى الحرامية يريدون تشكيل أحزاب" من خلال رغبة حرامي ارتكب 11 سرقة وحكم عليه ثمانية أشهر بالسجن مع الأشغال الشاقة.

وطالبت المسرحية بالإصلاح السلمي وليس باستخدام السلاح لكنها طرحت شكوكا حول عملية الإصلاح "عملية إصلاحكم نقش على الماء" و"حريتنا قرض بنكي بفائدة مركبة" و"المسار لن يتغير.. الذي تغير هو القبطان" و"الإصلاح يبدأ من فوق كتفيك وأنت تمشي على رأسك الخاوي".

فرقة أحفاد المسرح قدمت عرضها بعد تشاور مع الشباب (الجزيرة نت)
فرقة أحفاد المسرح قدمت عرضها بعد تشاور مع الشباب (الجزيرة نت)

الربيع العربي
ولم يغب الربيع العربي عن أحداث المسرحية التي قدمت نظرة غير متفائلة "النتائج أسوأ من الحدث" و"مطالبنا غلفوها بأشرطة ملونة" و"لا يوجد ربيع فردي بل جماعي". ووفق "حكاية هرمنا" فإن أي ثورة لا يكتب لها النجاح إلا إذا حرصت على عقيدتها وليس رغيف الخبز.

ولم تسلم الولايات المتحدة الأميركية من "قفشات" لاذعة فأحد الممثلين يتساءل لماذا لا تأتي أميركا وتستعمرنا وتبني لنا مستشفيات ومدارس ثم نطردها!!.

وخلصت المسرحية إلى أن الضحك هو الحل لجميع أمراضنا "الحل من داخل أنفسنا"، وبشرت بأنه كلما اشتد الظلام بدت النجوم أكثر وضوحا في إشارة لثورات الربيع العربي وما قد تؤول إليه.

ووفق ما قاله مؤلفها ومخرجها كاشف سميح فإنه تم التحاور والتشاور على الفيسبوك مع 800 شاب أردني مشاركين في صفحة "ماركا الجنوبية" وهي منطقة شرق العاصمة الأردنية عمان وتبين أن 97% يريدون الكوميديا وليس قضايا سياسية وبناء على طلبهم قلل من الإسقاطات السياسية وركز على الكوميديا الضاحكة النابعة من المجتمع الأردني.

وقال في حديث للجزيرة نت "نحن نخوض تجربة جديدة على خشبة المسرح بتقديم عروض بالتشاور مع الشباب في مجتمعاتنا الفتية تتناول قضاياهم وليس ما يصاغ في المكاتب المكيفة".

يسرا فرحات: المسرحية لم تستطع إيصال أية فكرة أو قضية للمشاهد (الجزيرة نت)
يسرا فرحات: المسرحية لم تستطع إيصال أية فكرة أو قضية للمشاهد (الجزيرة نت)

نقد للمسرحية
وقد أثارت مسرحية "حكاية هرمنا" ردودا متباينة بعضها جاء من الجمهور مباشرة عندما طلب مخرجها كاشف سميح التحاور معهم حول مضمونها، وهذا يحدث لأول مرة ليواجه بالتصفيق لكن اثنين من الصحفيين حضرا العرض كانت لهما وجهة نظر مخالفة للجمهور.

ورأت يسرا فرحات أن المسرحية لم تستطع إيصال أية فكرة أو قضية للمشاهد بل كانت عبارة عن مشاهد غير مترابطة  مشحونة بالكثير من النكات دون أي مبرر فني ولم تحمل أي معنى.

وقالت للجزيرة نت كانت هناك سلبيات عديدة للعرض كخلط اللهجة المحكية باللغة العربية الفصحى، إضافة لقلة خبرة الممثلين، وأشارت إلى أنها توقعت مشاهدة عمل فني يناقش قضايا جدية وكيف يبدأ الإنسان تغيير ذاته لكن هذا لم يحدث.

بدوره اعتبر محمد أبو عرب أن فكرة المسرحية لم تكن واضحة بشكل كاف، وبدت قلة خبرة الممثلين وتكلفهم وحشو المسرحية بالنكات محاولة لإضحاك الجمهور.

وقال للجزيرة نت إن المخرج أضاء مجموعة من القضايا لكنه ترك السؤال قائما "ماذا أريد أن أقدم للمتلقي؟".

يذكر أن فرقة أحفاد المسرح تأسست عام 1999 وقدمت 18مسرحية أبرزها هلوسات والعقم والمهزلة والديمقراطية النووية ورحلة حنظلة.

المصدر : الجزيرة