التراشق السينمائي.. آخر محطات التوتر المصري الإيراني

"إمام الدم" ردا على "إعدام الفرعون"...

محمود جمعة-القاهرة

اختارت القاهرة فيلما بعنوان "إمام الدم" كطريقة للرد بالمثل على فيلم إيراني يمجد قتلة الرئيس المصري السابق أنور السادات، ويدور الفيلم المصري حول قصة الصعود السياسي لقائد الثورة الإسلامية في إيران آية الله الخميني.

الفيلم يكتبه الصحفي محمد حسن الألفي رئيس تحرير جريدة "الوطني اليوم" الناطقة باسم الحزب الوطني الحاكم، وبحسب تقارير صحفية فإن محمد فاضل الذي أخرج فيلم "ناصر 56" سيتولى إخراج العمل الجديد الذي ستنتجه شركة إنتاج خاصة.

خبل سياسي

"
التصعيد الرسمي المصري جزء من خطة أميركية إسرائيلية لتهيئة الشارع المصري والعربي لضرب إيران
"

ووصف مدير مركز يافا للدراسات الدكتور رفعت سيد أحمد للجزيرة نت الفيلم المصري بأنه "خبل سياسي"، وتنفيذ لتعليمات "أميركية، تهيئ الشارع المصري لفكرة ضرب إيران عسكريا، ومساعدة مصر لأميركا وإسرائيل في ذلك الاعتداء".

وقال إن "الألفي ليس أديبا ولا يمتلك أدوات القصَّاص، كما أنه كاتب سياسي من الدرجة الثانية، تنقل في ولائه من أقصى اليسار وصولا إلى الحزب الوطني، وبالتالي هو غير مؤتمن على تقديم عمل فكري للجمهور".

واعتبر أن الفيلم الإيراني إعدام فرعون يعكس "حماقة إيرانية، لأنه يمجد قتلة السادات الذين يصدرون الآن الفتاوى بتكفير إيران"، في إشارة إلى الجماعة الإسلامية في مصر التي ينتمي لها قاتلو السادات.

وأضاف سيد أحمد أن الخميني لم يكن نبيا حتى نعترض على تجسيده في فيلم، لكنه لم يكن إرهابيا كما يدعي الألفي، بل كان قائد ثورة باعتراف الغرب، وليس في تاريخه هذه الدماء التي يتحدث عنها الكاتب.

تمهيد لضرب إيران
وأيد النائب المستقل وأستاذ العلوم السياسية الدكتور جمال زهران في حديث للجزيرة نت احتمالية أن يكون التصعيد الرسمي المصري جزءا من خطة أميركية إسرائيلية لتهيئة الشارع المصري والعربي لضرب إيران.

وحذر من أن إيران سوف ترد بعنف إذا ما هوجمت، ودعا زهران كاتب الفيلم إلى التراجع عن هذه الخطوة.

"
قال الكاتب محمد حسن الألفي "لماذا لم يخف الإيرانيون من غضب المصريين عندما أساؤوا بفيلمهم لرمز مصر الرئيس السادات"
"

وأشار إلى أن المصلحة المصرية والعربية تتطلب مزيدا من التقارب وليس العداء مع إيران كحليف إسلامي وإقليمي في مواجهة إسرائيل وأميركا.

وقال زهران إن المصريين ونوابهم بالبرلمان لم يشاهدوا حتى الآن الفيلم الإيراني، وإنه في حال حمل الفيلم إساءة للرئيس السادات فإن الرد يجب أن يكون بالقنوات الدبلوماسية وليس بـ"التراشق السينمائي".

وذكر أن الدولة الإيرانية نأت بنفسها عن الفيلم، وأكد مسؤولون إيرانيون أنه لا يعبر عن موقف الجمهورية الإسلامية تجاه مصر.

وتبنى عضو لجنة الإعلام والثقافة بالبرلمان المصري محسن راضي موقفا مماثلا، وقال للجزيرة نت "علينا مشاهدة الفيلم الإيراني، وفي حال تأكدنا من وجود إساءة، نبلغ الإيرانيين بذلك رسميا، ولا نصلح الخطأ بخطأ أكبر".

ورفض القول بأن الفيلم مبادرة شخصية من صاحبه، واعتبر أنه "تصرف يعكس عجز الحزب الحاكم عن إدارة أزمة الفيلم الإيراني".

وقال "مصر احتجت رسميا على الفيلم، فلماذا هذه الأفعال الصبيانية؟ أعتقد أنه قرار غير لائق أيضا".

لكنه عاب على إيران "السماح بتنفيذ هذا الفيلم، حتى إن كانت أجهزتها الرسمية ترفضه".

وأضاف أن "وسطية الإسلام وسماحته ترفض الاغتيالات وإراقة الدماء، كما أنها تؤكد احترام الموتى وعدم تجريح سيرتهم والتعرض لخصوصياتهم".

نموذجان متقابلان
غير أن كاتب الفيلم محمد حسن الألفي رفض في تصريح للجزيرة نت التأويلات التي تقول بأن فيلمه جزء من مخطط أميركي لتحضير الشارع المصري لضرب إيران.

وقال "لا علاقة لأميركا ولا للحزب الوطني الذي أنتمي إليه بالفيلم"، وأوضح أن فيلمه لا يعقد مقارنات بين السادات والخميني "لكنه يقدم نموذجين متقابلين لرجلي سياسة، أحدهما صنع السلام والآخر أشاع الإرهاب في العالم".

وردا على مخاوف البعض من ردة فعل الإيرانيين نظرا للمكانة الهائلة التي يتمتع بها الخميني عندهم، أعرب الألفي عن استغرابه لهذه التفسيرات، وقال "ولماذا لم يخف الإيرانيون من غضب المصريين عندما أساؤوا بفيلمهم لرمز مصر الرئيس السادات".

المصدر : الجزيرة