جمع الكتب المهملة لإحياء المكتبات العامة في إندونيسيا

المكتبات العامة في إندونيسيا

علي صبري-جاكرتا
لا يُعرف عن الشعب الإندونيسي أنه من الشعوب المغرمة بالقراءة، لكن حالة المكتبات العامة تنطق بما هو أكثر من عدم الإقبال على القراءة والاستمتاع بالثقافة العامة حيث تعاني المكتبات العامة من ضعف الإمكانات إضافة إلى العزوف عن القراءة والبحث.

وقد بادرت مجموعة من الشباب الإندونيسي إلى وضع مشروع 1001 كتاب، للإسهام في حل مشكلة المكتبات العامة والتشجيع على القراءة، وتكمن فكرة المشروع في توزيع صناديق في الأماكن العامة والأسواق وقرب المراكز الثقافية، ليجمعوا فيها الكتب التي يمكن لأصحابها الاستغناء عنها، وتوزيعها على المكتبات العامة الخاصة بالأطفال.

ونجحت هذه المجموعة في إقناع 600 شاب وشابة للعمل التطوعي لخدمة هذه الفكرة, وتنوي هذه المجموعة تأسيس مشروع مماثل خاص بالبالغين والمهنيين، يهتم بتوفير الكتب وحلقات النقاش والإبداع الأدبي.

ولدى زيارة الجزيرة نت لمكتبة "تنها أبنغ" العامة وسط العاصمة الإندونيسية بدت شبه مهجورة، إذ لم يكن في المكتبة سوى فتاتين كان من الواضح أنهما تعدان لبحث مدرسي.

ويرجع ستانلي -الذي يعمل مسؤولا للخدمات والمعلومات العامة في هذه المكتبة منذ عام 1978- السبب في ضعف الإقبال على المكتبة في حديثه للجزيرة نت "إن المنطقة تحولت من منطقة سكنية إلى منطقة تجارية ومكاتب، وبالتالي ليس هناك مدارس كثيرة، ولا طلبة ممن يحتاجون للمكتبة".

فيما بدا أن حظ مكتبة جنوب جاكرتا أفضل حالا إذ كان فيها قرابة 15 طالبا من مختلف المراحل الدراسية، بعضهم كان يقرأ منفردا وبعضهم في شكل مجموعات. ويقول إيدي ويتشاكسونو الذي يعمل في المكتبة إن معدل الرواد يوميا يصل إلى 200، معظمهم من طلبة المدارس والجامعات. ومنذ عام 1996 الذي افتتحت فيه المكتبة لم يتجاوز عدد الأعضاء المسجلين في المكتبة 5000 عضو. وهو عدد متواضع قياسا لعدد السكان الكبير في العاصمة جاكرتا وأحيائها.

وتعاني إندونيسيا من ضعف خدمة المكتبات العامة بشكل عام، فحتى بعد أن منحت الأقاليم والمحافظات صلاحيات التنمية الذاتية منذ عام 1999 لا تزال حال المكتبات العامة مخيبة لآمال المهتمين بالشأن الثقافي والذين يرون أن الحكومات المتعاقبة تركز على قطاعات السياسة والاقتصاد فيما يهتم بعض الأفراد والمنظمات غير الحكومية بالقطاع الثقافي.

وفي حديث للجزيرة نت يعتقد هارديتو المثقف والمهتم بشأن حركة النشر أن ضعف الاهتمام بالمكتبات العامة يرجع إلى "عدم إدراك أهمية ودور المكتبات العامة في نشر الوعي والثقافة العامة" فهناك ضعف في التمويل وفي الموظفين المختصين والمؤهلين للاهتمام بهذه المكتبات، بالإضافة إلى تراجع هواية القراءة بشكل عام لدى الشعب الإندونيسي.

وأضاف هارديتو "ومن الأسباب الإدارية نقل مسؤولية المكتبات بشكل متكرر من وزارة إلى أخرى، وبالتالي ضياع الإستراتيجية الحكومية تجاه تنمية المكتبات".

وحسب إحصائيات رسمية فقد كان في إندونيسيا تحت الاحتلال الهولندي وتحديدا عام 1908 نحو 608 مكتبات عامة في مدارس إندونيسيا، لكن كافة محتوياتها كانت باللغة الهولندية، وبلغ عددها 2686 مكتبة في عام 1930، لكن تم تدمير معظمها إبان الاحتلال الياباني للبلاد.

وحاليا يوجد في إندونيسيا مكتبة واحدة وطنية، و25 مكتبة على مستوى المحافظات الـ 33 و519 مكتبة جامعية و12620 مكتبة مدرسية و769 مكتبة على مستوى المدن بالإضافة إلى 800 مكتبة خاصة.

وتحظى ست مكتبات عامة كبيرة بالنشر على مواقع خاصة على الإنترنت، وهي مكتبة معهد العلوم ومعهد التكنولوجيا في باندونغ، والمكتبة الوطنية في جاكرتا، ومكتبة باجدجران في باندونغ، ومكتبة جامعة بترا كريستيان في سورابايا، ومكتبة جامعة شمال سومطرة في ميدان.
_______________
مراسل الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة