الغوطة تغرق بالدماء والمعارضة تحذر من "إبادة"

تواصل القصف الجوي والصاروخي المكثف والعنيف من قوات النظام السوري وروسيا على الغوطة الشرقية، وارتفع عدد القتلى خلال 24 ساعة إلى أكثر من 180 مدنيا بينهم أطفال ونساء. وبينما وصفت المعارضة السورية "الاعتداء الهمجي" على الغوطة بأنه "حرب إبادة"، طالبت الأمم المتحدة بالتوقف الفوري عن قصف المدنيين، وحذرت من خروج الوضع الإنساني عن السيطرة.

وقال مراسل الجزيرة في سوريا إن 73 مدنيا -بينهم أطفال ونساء- قتلوا، وأصيب عشرات في قصف من طائرات النظام السوري استهدف اليوم مدن وبلدات عربين ومسرابا ومنطقة المرج في الغوطة الشرقية المحاصرة في ريف دمشق. وبذلك يرتفع عدد الضحايا في الغوطة الشرقية منذ أمس إلى 183 قتيلا ومئات الجرحى.

وبين الضحايا 24 لقوا حتفهم في قصف جوي على منطقة المرج في الغوطة الشرقية، بحسب ما أفاد به الدفاع المدني في الغوطة، كما قتل سبعة مدنيين آخرين بينهم أربعة أطفال في غارات جوية استهدفت مدينة عربين، إضافة لسقوط خمسة قتلى مدنيين -بينهم امرأة وطفل- في قصف طائرات النظام بلدة مسرابا بغوطة دمشق الشرقية.

وأشار المراسل إلى أن تصعيد قوات النظام لم يتوقف طوال الليلة الماضية، وقد تواصل صباح اليوم.

وقد استخدمت طائرات النظام البراميل المتفجرة في قصفها بلدات مسرابا وبيت سوا والزريقية وحرزما بغوطة دمشق الشرقية.

في حين أعلنت فصائل المعارضة المسلحة مقتل وجرح عدد من عناصر قوات النظام خلال صدها هجوما لهم على مواقعها في الغوطة الشرقية.

ومنذ أمس الاثنين شنّ سلاحا الجو السوري والروسي عشرات الغارات على الأحياء السكنية في مدن الغوطة الشرقية وبلداتها مثل سقبا وجسرين وحمورية، فضلا عن القصف المدفعي، مما أدى إلى توقف المستشفى الميداني في مدينة سقبا عن الخدمة.

واكتظت مستشفيات الغوطة -التي تخضع لاتفاق خفض التصعيد– بالمصابين الذين زاد عددهم عن ثلاثمئة، بينهم الكثير من الأطفال، في منطقة تعاني نقصا حادا في المواد والمعدات الطبية جراء حصار محكم تفرضه قوات النظام عليها منذ 2013.

وتزامن التصعيد السوري والروسي مع إرسال تعزيزات عسكرية مكثفة تنذر بهجوم وشيك على معقل الفصائل المعارضة الأخير قرب العاصمة.

وعلى أثر هذا التصعيد، طلبت محافظة ريف دمشق والحكومة المؤقتة التابعتان للمعارضة السورية من هيئة التفاوض تعليق المفاوضات بهدف إنهاء التصعيد في الغوطة الشرقية وفك الحصار عنها.

وقالت إن تصاعد القصف الهستيري للنظام تزامن مع تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشأن تطبيق نموذج حلب على الغوطة الشرقية، وهذا يؤكد الخيار العسكري للنظام السوري وروسيا في الحل، وأنهما لا يعيران أي اهتمام للمسار التفاوضي، وفق المعارضة.

وكان لافروف قال إن تجربة إخلاء مدينة حلب من المسلحين يمكن أن تُطبق في الغوطة الشرقية، وأضاف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الجزائري عبد القادر مساهل أن أي عملية عسكرية يجب أن تراعي النتائج التي يمكن أن تنعكس على الوضع الإنساني.

حرب "إبادة"
من جانبه اتهم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية روسيا بأنها "تريد دفن العملية السياسية" من خلال هذا التصعيد، وأضاف في بيان "لم تكن حرب الإبادة الجماعية ولا الاعتداء الهمجي أن يقعا على أهالي الغوطة لولا الصمت الدولي المطبق".

وفي الأثناء، طالبت الأمم المتحدة بالوقف الفوري لاستهداف المدنيين في الغوطة الشرقية. وقال منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا بانوس مومتزيس الليلة الماضية في بيان إن استهداف المدنيين في الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق "يجب أن يتوقف حالا"، في وقت "يخرج فيه الوضع الإنساني عن السيطرة".

من جهته، نقل فرحان حق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة قلق العاملين في المجال الإنساني في سوريا على سلامة حوالي أربعمئة ألف شخص محاصرين في الغوطة الشرقية، وقال إن القصف المدفعي والجوي على دوما الاثنين أدى إلى مقتل ثلاثين شخصا، بحسب التقارير التي اطّلعت عليها الأمم المتحدة.

وكانت الأمم المتحدة قالت الأسبوع الماضي إن سوريا تشهد بعضا من أسوأ المعارك خلال الصراع الذي اقترب من دخول عامه الثامن، مشيرة إلى أن سوء التغذية زاد بشدة في الغوطة ولا سيما بين الأطفال.

بدوره، دعا الاتحاد الأوروبي المجتمع الدولي إلى التحرك لإنهاء آلام الشعب السوري في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية خلال الأسابيع الأخيرة في محافظة إدلب والغوطة الشرقية بريف دمشق.

ودعا الاتحاد في بيان جميع أطراف النزاع إلى إنهاء العنف وحماية الشعب السوري وفق القانون الإنساني الدولي، مشيرا إلى ضرورة مشاركة المعنيين بعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

قصف التحالف
وفي تطور آخر، نقل مراسل الجزيرة عن مصادر محلية سورية أن 16 شخصا -بينهم عشرة من عائلة واحدة من الأطفال والنساء- قُـتلوا في غارات للتحالف الدولي على بلدة الهجين بريف دير الزور الشرقي.

وأضافت المصادر أن القتلى كلهم نازحون من مدينة موحسن بريف دير الزور، وأن معارك بين ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي وتنظيم الدولة الإسلامية شهدتها أطراف المناطق المتبقية لتنظيم الدولة من ريف دير الزور الشرقي.

المصدر : الجزيرة + وكالات