زمهرير الشتاء وحرائق الخيام يفتكان بمهجري حلب

في مخيم قرية "خربة الجوز" السورية، قرب الحدود التركية، تتدفق مياه الأمطار إلى خيم مهترئة يتكدس فيها نازحون، يبلغ عددهم أحيانا العشرين في الخيمة الواحدة. ورغم مأساوية وضعهم، وغياب التدفئة في خيم غير مؤثثة، فإن هؤلاء النازحين محظوظون مقارنة بآخرين يواجهون البرد القارس في العراء، بلا خيم، حتى ولو كانت ممزقة. آلاف الأشخاص، بينهم أطفال ومسنون ونساء، اضطروا إلى النزوح من مناطقهم السكنية في أرياف محافظات حلب واللاذقية وإدلب (شمال)، تحت وطأة غارات جوية وقصف صاروخي مكثف تشنه قوات نظام بشار الأسد والملشيات الموالية لها على مناطق سيطرة المعارضة؛ ما يوقع قتلى وجرحى بين المدنيين، فضلا عن الدمار الهائل في الأحياء السكنية.

توفي طفلان سوريان جراء احتراق خيمتهم بمخيم باب السلامة بريف حلب الشمالي، بينما لقي نازح مصرعه وجُرح آخرون من عائلة واحدة جراء الحريق ذاته، في حوادث تشي بتفاقم أوضاع النازحين السوريين جراء برد الشتاء.

وأشار ناشطون إلى أن الطفلين أحدهما يبلغ ثلاثة أعوام والآخر يبلغ عامين توفيا على الفور بمخيم باب السلامة في أعزاز بريف حلب الشمالي، في حين نقل الوالدان إلى المستشفيات التركية لتقديم الخدمات الطبية لهم.

وفي المخيم نفسه على الحدود التركية، توفي نازح سوري وجُرح أربعة آخرون من عائلة واحدة في حريق اندلع أمس الأحد، وكان طفلان قد توفيا أيضا في مخيم "روبار" بمحيط مدينة عفرين في ريف حلب نتيجة البرد.

وزادت موجات البرد التي ضربت المنطقة وقلة وسائل التدفئة من معاناة النازحين في المخيم الذي يديره مكتب الشؤون الإنسانية للنازحين فيما تسمى "الإدارة الذاتية" التابعة لقوات وحدات حماية الشعب الكردية ويضم نحو خمسمئة خيمة.

وكان طفلان قد لقيا حتفهما جراء انهيار سبعين خيمة للنازحين في مدينة حارم التابعة لمحافظة إدلب بسبب عاصفة ثلجية السبت الماضي.

ويعاني قاطنو مخيمات الشمال السوري ظروفا إنسانية صعبة في ظل موجة البرد والمنخفض الذي يضرب المنطقة منذ أيام عديدة، حيث تساقطت خلال الأيام الماضية الثلوج على المخيمات.

وتواجه العوائل المهجرة من شرق حلب ظروفا في غاية الصعوبة بسبب برودة الطقس ونقص الإمكانات في المعسكرات التي أقيمت لهم في ريفي إدلب وحلب.
 

ظروف قاسية
وقال مراسل الجزيرة في غازي عنتاب رأفت الرفاعي إن آلاف المهجرين في حلب وجدوا أنفسهم أمام ظروف صعبة حيث لا يملكون ما يكفي لتأجير منازل يقيمون بها، بينما تنعدم الأغطية ووسائل التدفئة في مراكز الإيواء المؤقتة.

وذكر المراسل أن أهالي ريف إدلب أطلقوا مبادرات لإيواء المهجرين إلى جانب جهود الجمعيات الخيرية ولكن تلك الإجراءات لم توفر الحد الأدنى من متطلبات العوائل المنكوبة.

وقال المراسل إن ثلاثين ألف مهجر من حلب وصلوا إلى ريف إدلب ويعيشون ظروفا بالغة الصعوبة من شأنها أن تتفاقم في الأيام المقبلة مع توقع هبوب عاصفة ثلجية جديدة وتدني درجات الحرارة.

من جهة أخرى، يعاني آلاف السكان أوضاعا إنسانية غاية في السوء، بفعل الحصار المضروب على ريف حمص الشمالي، وقلة المواد الغذائية والطبية، كما تزداد معاناتهم في ظل العاصفة الثلجية التي ضربت الريف، والتي تعد الأشد منذ سنوات.

وفي سياق متصل، استقبلت المستشفيات التركية خلال الأيام الأخيرة 231 جريحا من المدنيين المهجرين من حلب بينهم 95 طفلا.

وأفادت مصادر برئاسة الوزراء التركية أن عملية نقل الجرحى السوريين إلى تركيا متواصلة بعد إجلائهم من أحياء حلب الشرقية التي كانت تحاصرها قوات نظام بشار الأسد والمليشيات الأجنبية الموالية لها.

وكان الآلاف من النازحين توافدوا إلى الحدود السورية التركية بعد التقدم الكبير الذي أحرزه نظام الأسد في ريف حلب الشمالي مع بداية التدخل الروسي في أواخر العام الماضي، ويقع مخيم باب السلامة على الحدود التركية قرب المعبر الحدودي بين سوريا وتركيا.

المصدر : الجزيرة + وكالة الأناضول