غارات سودانية على ولاية الوحدة الجنوبية

قال مراسل الجزيرة إن القوات الجوية السودانية شنت غارات مكثفة على مواقع تابعة لجنوب السودان بمدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة الحدودية الغنية بالنفط ومنطقة ربكونا بنفس الولاية. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مراسلها بالمنطقة أن عدة قذائف سقطت قرب جسر رئيسي وداخل أحد السواق مما أدى إلى مقتل طفل واحد على الأقل وإصابة عدة مدنيين آخرين.

وقد أعلن السودان أن أربعمائة من جنود جنوب السودان قتلوا في المعارك للسيطرة على منطقة هجليج. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن نافع علي نافع أحد المساعدين الكبار للرئيس السوداني عمر البشير أن من بين القتلى عددا من "المرتزقة" بينما لم يشر إلى عدد قتلى الجيش السوداني.

وذكر مصور وكالة الصحافة الفرنسية أنه شاهد نحو مائة جريح في مستشفى بالخرطوم. وكان جيش جنوب السودان قد أعلن في وقت سابق أن 19 من جنوده قتلوا إضافة إلى 240 جنديا سودانيا, بينما لم يتم تأكيد تلك التقديرات من مصدر مستقل, حيث لم يسمح للصحفيين أو المراقبين بالتوجه إلى منطقة هجليج خلال المواجهات مع الجنوب الذي أكد في وقت سابق أمس الأحد الانتهاء من سحب قواته من المنطقة.

اتهامات متبادلة
في هذه الأثناء, تبادل الجانبان الاتهامات بشأن مزيد من الهجمات كشف عنها مؤخرا, في وقت تتعثر فيه محاولات دفعهما إلى العودة لطاولة المفاوضات.

وتحدث جنوب السودان عن هجمات قالت إنها استهدفت قرى تقع على عمق عشرة كيلومترات على جانبه من الحدود, من بينها غارات جوية على مناطق بولاية الوحدة المنتجة للنفط بجنوب السودان.

وفي مؤشر على استمرار التوتر, كشف ماك بول نائب مدير المخابرات العسكرية في بلدة بانتيو الحدودية بجنوب السودان أن الجنوب يعزز قواته, قائلا إن الجيش السوداني أيضا يعزز قواته.

وعرض مسؤولون بجنوب السودان على الصحفيين أمس الأحد حقلا نفطيا قالوا إنه تعرض لقصف القوات الجوية السودانية الأسبوع الماضي.

وقد نفى السودان تلك الاتهامات, وأعلن صد هجوم كبير من جانب مقاتلي الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال بولاية جنوب كردفان على الجانب السوداني من الحدود.

في هذا السياق, دعا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بينغ الطرفين إلى وقف القتال واستئناف المفاوضات, وقال إنهما بحاجة للتحلي "بالحنكة السياسية وأن يكون الدافع وراء تصرفاتهما رؤية تضع في الاعتبار المصالح طويلة الأمد لدولتيهما وشعبيهما والمسؤولية صوب المنطقة وبقية أفريقيا والمجتمع  الدولي على نطاق أوسع".

كما طالب بينغ الطرفين بالامتناع عن البيانات التحريضية "التي لا تعقد الموقف الحالي والحساس فقط ولكنها تقوض احتمالات إقامة علاقات أخوية بين الدولتين".

وبينما وجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون انتقادات حادة, دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما لاستئناف المفاوضات المتوقفة بشأن الخلافات على الحدود والنفط, معتبرا أن الفرصة لا تزال قائمة لتفادي الحرب.

في مقابل ذلك, اعتبر وزير الدولة السوداني للنفط إسحاق آدم جامع أن فرص التوصل لتسوية قريبة لا تزال بعيدة, وتحدث عن احتمال أن تطلب  الخرطوم تعويضات عن الأضرار التي لحقت بهجليج قبل أي محادثات. وكشف عن فقدان الخرطوم لنحو أربعين ألف برميل يوميا من الإنتاج النفطي بسبب القتال, لكنه أشار إلى أن لدى بلاده احتياطيات كافية لتسعة أشهر.

وطبقا لرويترز, فإن القتال سيخلف آثارا مدمرة لاقتصاد البلدين الذي يعتمد على النفط, كما يمكن أن يفجر أزمة لاجئين على طول الحدود المشتركة والمناطق المجاورة.

وأشارت رويترز إلى توتر من نوع آخر, حيث قالت نقلا عن شهود إن مئات الأشخاص اقتحموا كنيسة يستخدمها الجنوبيون بالخرطوم السبت الماضي مما أثار المخاوف من إشعال توترات طائفية وعرقية.

ويعيش بالسودان أغلبية مسلمة, ويقدر عدد المسلمين في جنوب السودان بنحو 17% من السكان وعدد المسيحيين بنحو 18%، ويعتنق بقية السكان الديانات الأفريقية القديمة. ولا يزال مئات الآلاف من الجنوبيين يعيشون بمناطق قريبة من الحدود المشتركة, حيث يواجهون أزمة قانونية تتعلق بتوفيق أوضاعهم القانونية.

يُذكر أن جنوب السودان انفصل عن السودان بعد استفتاء نصت عليه اتفاقية السلام التي وقعت بين طرفي الحرب الأهلية عام 2005 وأنهت عقودا من الحرب خلفت نحو مليوني قتيل.

وقد تزايد التوتر بين السودان وجنوب السودان منذ ذلك التاريخ حيث اندلع أعنف قتال منذ الانفصال, في وقت سابق من الشهر الجاري على منطقة هجليج المنتجة للنفط مما أثار مخاوف من العودة إلى الحرب الشاملة.

وقد قال الجيش السوداني قبل أيام إنه سيطر على هجليج بالكامل، بينما يقول الجنوبيون إن رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت أصدر أمرا لجيشه بالانسحاب من المنطقة بدءا من يوم الجمعة.

المصدر : وكالات