القضاء يواجه مرسي وإعلان اكتمال الدستور

إجراءات أمنية مشددة أمام المحكمة الدستورية العليا بمصر


undefined

صعد القضاء المصري بكل هيئاته الأربعاء ضغوطه على الرئيس محمد مرسي من أجل "إسقاط" الإعلان الدستوري الذي حصن بموجبه قراراته من رقابة القضاء، والجمعية التأسيسية من أي قرار قضائي بحلها، بينما أعلنت الجمعية بشكل مفاجئ أنها أكملت مسودة الدستور النهائية وستصوت عليه غدا الخميس.

وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن الجمعية التأسيسية "ستبدأ صباح الخميس التصويت على المسودة النهائية للدستور"، ونقلت عن رئيسها حسام الغرياني قوله إن "غدا سيكون يوما رائعا في تاريخ الجمعية".

ويتوقع أن يكون هذا الإعلان المفاجئ مقدمة لخلافات جديدة حول الدستور، بعد خلافات عميقة حول مشروع كتابته بين جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب السلفية المتحالفة معها من جهة، وكل الأحزاب والحركات السياسية غير الإسلامية من جهة أخرى، أدت الى انسحاب كل ممثلي القوى المدنية (21 عضوا من إجمالي مائة إضافة إلى سبعة أعضاء احتياطيين) من الجمعية.

‪استمرار المواجهات في ميدان التحرير‬ (الجزيرة)
‪استمرار المواجهات في ميدان التحرير‬ (الجزيرة)

اتهام
وتتهم الأحزاب غير الإسلامية جماعة الإخوان والأحزاب السلفية بالسعي إلى فرض رؤاها في الدستور الجديد للبلاد، وتؤكد أنه لا يشتمل على ضمانات كافية للحريات العامة والشخصية وحريات الرأي والتعبير والصحافة وحرية تشكيل التنظيمات النقابية.

وتتردد في دوائر المعارضة المصرية معلومات عن أن الجمعية التأسيسية ستسلم مسودة الدستور فور التصويت عليها إلى الرئيس المصري، وأن الأخير سيصدر السبت قرارا بدعوة المصريين إلى الاستفتاء عليه، بينما دعت جماعة الإخوان والأحزاب السلفية إلى مظاهرات في اليوم نفسه تأييدا للرئيس المصري.

وفي أول رد فعل على تصريحات الغرياني، قال عمرو موسى إن محاولة الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور وإنجاز مسودته النهائية اليوم "هراء، وإحدى الخطوات التي ما كان ينبغي اتخاذها، نظرا للغضب والاستياء من الجمعية التأسيسية الحالية".

وتستبق الجمعية بذلك أي قرار محتمل من المحكمة الدستورية العليا التي ستنظر الأحد المقبل دعاوى تطالب بحل الجمعية وحل مجلس الشورى. كما تستبق محكمة القضاء الإداري التي ستنظر الثلاثاء المقبل في دعاوى تطالب بوقف تنفيذ وإلغاء الإعلان الدستوري الأخير.

وبهذا التصعيد المتبادل يتواصل اختبار القوة الذي تشهده البلاد منذ إصدار الإعلان الدستوري الخميس الماضي بين الإسلاميين ومعارضيهم الذين نظموا الثلاثاء في القاهرة والعديد من المحافظات مظاهرات حاشدة شارك فيها مئات الآلاف من المصريين.

تعليق
وبعد ظهر الأربعاء، أعلنت محكمة النقض -وهي المحكمة العليا في القضاءين الجنائي والمدني المصري- "تعليق أعمالها إلى حين إسقاط الإعلان الدستوري"، وأصدرت بيانا وصفته فيه بأنه "سابقة لم تعرفها أعتى النظم الاستبدادية"، واعتبرت أن "التغول على السلطة القضائية بلغ منتهاه".

وكان نادي قضاة مصر (بمثابة النقابة العامة للقضاة العاملين في المحاكم المدنية والجنائية) قد أوصى الجمعة الماضية بوقف العمل في جميع المحاكم والنيابات المصرية إلى حين إلغاء الإعلان الدستوري، وطلب من الجمعيات العمومية للمحاكم المختلفة إقرار هذه التوصية.

المحكمة الدستورية أصدرت بيانا اتهمت فيه ضمنا الرئيس مرسي بالهجوم عليها دون دليل، كما أكدت أنه لن يرهبها تهديد أو وعيد أو ابتزاز، ولن تخضع لأي ضغوط

وعلقت معظم محاكم الدرجة الأولى ومحاكم الاستئناف والعديد من النيابات أعمالها في مختلف محافظات مصر.

وأصدرت المحكمة الدستورية العليا الأربعاء بيانا اتسمت لهجته بالتحدي واتهمت فيه ضمنا الرئيس مرسي بالهجوم عليها دون دليل، كما أكدت أنه "لن يرهبها تهديد أو وعيد أو ابتزاز، ولن تخضع لأي ضغوط".

وقال رئيس المحكمة ماهر البحيري في بيان تلاه أمام الصحفيين إن الرئيس مرسي "انضم في مباغتة قاسية ومؤلمة إلى حملة الهجوم المتواصلة على المحكمة الدستورية، وهو من اكتسب شرعية ولايته رئيسا عندما قام بأداء اليمين الدستوري أمامها".

وكان نادي قضاة مجلس الدولة (القضاء الإداري) قد أصدر بيانا شديد اللهجة مساء الثلاثاء وصف فيه الإعلان الدستوري بأنه "عدم".

مواجهات في الميدان
وعلى الأرض، استمرت المواجهات المتقطعة في القاهرة بين متظاهرين وقوات مكافحة الشغب قرب ميدان التحرير، وأطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المدمع على المتظاهرين الذين اضطروا إلى الفرار وعلى الخيام التي أقاموها منذ الجمعة. ويعتصم الآلاف من معارضي الإعلان الدستوري في ميدان التحرير مطالبين بإسقاطه.

ويُخشى من تصعيد المواجهات في الشارع مع إعلان المتحدث باسم الإخوان المسلمين محمود غزلان أن الجماعة دعت السبت "إلى مظاهرات لمساندة الرئيس مرسي، وسيتم إعداد الأماكن التي لم تحدد حتى الآن". وأكد العضو البارز في حزب النور السلفي صلاح عبد المعبود أن الإسلاميين سينظمون مظاهرات يوم السبت، وأضاف أنها يمكن أن تكون في ميدان التحرير حيث يعتصم معارضو مرسي بالفعل منذ سبعة أيام.

وتوفي ثلاثة أشخاص على الأقل خلال أسبوع من المواجهات بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب، حسب مصادر طبية. كما جرح العشرات -بينهم مائة يوم الثلاثاء- وفق وزارة الصحة.

وبينما تحتاج مصر إلى مساعدة لإعطاء دفعة جديدة لاقتصادها، حذر صندوق النقد الدولي مساء الثلاثاء من أن حدوث "تغيير كبير" في سياسة مصر الاقتصادية والسياسية يمكن أن يؤدي إلى إعادة النظر في الاتفاق التمهيدي على خطة مساعدة هذا البلد والتي تنص على منحها قرضا بقيمة 4.8 مليارات دولار.

أما الولايات المتحدة فقالت إن الوضع في مصر "غير واضح"، وكررت الخارجية الأميركية الدعوة إلى إنهاء "المأزق الدستوري"، لكنها قللت من احتمال تحول مرسي إلى دكتاتور، مضيفة "لا نزال نجهل ماذا سينتج من هذه (اللقاءات).. لكننا بعيدون من (حاكم) دكتاتوري يقول ببساطة: هذا أو لا شيء".

المصدر : الجزيرة + وكالات