السجن للمتهمين بقتل خالد سعيد

المحكمة قررت حبس الشرطيين 7 سنوات

المحكمة أدانت الشرطيين بالقبض على خالد سعيد بدون وجه حق وتعذيبه (الجزيرة نت)

أنس زكي-القاهرة

قضت محكمة جنايات الإسكندرية بالسجن سبع سنوات على رجليْ الشرطة المتهمين بقتل الشاب خالد سعيد الذي عرف إعلاميا بـ"شهيد الطوارئ"، وساهم مقتله في إشعال جذوة الثورة التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك.

وفي شأن متصل أيضا بملف الانتهاكات في ظل النظام السابق، قررت نيابة الإسكندرية إحالة خمسة من ضباط جهاز أمن الدولة المنحل لمحكمة الجنايات بتهمة تعذيب وقتل الشاب السلفي السيد بلال أثناء التحقيق معه في قضية تفجير كنيسة القديسين.
 
وجاء حكم المحكمة في قضية شهيد الطورائ في جلسة عقدت الأربعاء برئاسة المستشار موسى النحراوي، وحضرها المدانان وهما أمين الشرطة محمود صلاح ورقيب الشرطة عوض إسماعيل، اللذان وجهت إليهما ثلاث تهم، هي القبض على شخص بدون وجه حق واستخدام القسوة والتعذيب البدني.

وفي ظل وجود أمني مكثف، أشعل الحكم حالة من الغضب سواء لدى أهالي المتهمين، أو أهالي خالد سعيد الذين رأوا أن الدفاع عنه لم يأخذ حقه الكافي في الترافع، كما انتقدوا هيئة المحكمة لعدم استجابتها لطلب تعديل وصف القضية في ضوء تقرير الطب الشرعي الأخير لتصبح جريمة قتل عمد بدلا من ضرب أفضى إلى الموت.

حكم مخفف
واستنكر علي قاسم (عم القتيل) -في حديث للجزيرة نت- ما اعتبره "حكما مخففا" على قتلة ابن شقيقه، معتبراً أن الحكم "سيؤدي إلى عودة المظاهرات التي ستجوب كل شوارع مصر، وسيكون شرارة لاندلاع ثورة ثانية كما كان مقتله شرارة لاندلاع ثورة 25 يناير".

واتهم قاسم الشرطة العسكرية وقوات الأمن "بالتواطؤ مع أهالي المتهمين وتسهيل الاعتداء عليهم داخل المحكمة"، مضيفاً "ونحن كأولياء للدم نعلن أن ردنا سيكون في الشارع وليس في ساحات المحاكم".
 
وترجع وقائع القضية إلى شهر يونيو/حزيران من العام الماضي عندما حاول المتهمان القبض على خالد سعيد لتنفيذ حكم قضائي صادر ضده، وذلك أثناء وجوده بأحد مقاهي الإنترنت قرب مسكنه بوسط الإسكندرية، وادعى المتهمان أنهما ضبطا معه لفافة من مخدر البانغو فقام بابتلاعها، مما أدى إلى وفاته خنقا.
 

مظاهرة في الإسكندرية تطالب بتوقيع أقصى العقوبات بحق المتهمين (الجزيرة نت-أرشيف)
مظاهرة في الإسكندرية تطالب بتوقيع أقصى العقوبات بحق المتهمين (الجزيرة نت-أرشيف)

واتهمت أسرة خالد سعيد رجليْ الشرطة بضربه حتى الموت، مؤكدين وجود شهود للواقعة، لكن تقرير مصلحة الطب الشرعي أيد رواية رجليْ الشرطة، وهو ما أثار انتقادات حادة من وسائل الإعلام المستقلة وشباب ثورة 25 يناير وأطلقوا على سعيد لقب شهيد الطوارئ، معتبرين أن ما حدث له كان إحدى نتائج استمرار تطبيق قانون الطوارئ طوال السنوات الثلاثين لحكم مبارك.
 
وأخذت القضية منحى جديدا بعدما انتدبت المحكمة لجنة تضم ثلاثة من أساتذة كليات الطب في جامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية لتقديم الرأي الفني حول كافة الأوراق والتقارير الفنية التي وردت إلى المحكمة، وهو رأي تسلمته المحكمة بشكل سري، لكن وسائل إعلام محلية أشارت إلى أنه ربما أكد استحالة ابتلاع سعيد للفافة، وأن تعرضه للضرب المبرح هو سبب وفاته.
 
فصل آخر
ومثلت القضية الأخرى -وهي مقتل الشاب السلفي السيد بلال- وجها آخر لانتهاكات حقوق الإنسان في عهد مبارك، حيث ألقت الشرطة القبض عليه ضمن محاولاتها معرفة هوية منفذي تفجير كنيسة القديسين، وهو التفجير الذي وقع عشية بدء العام الحالي وراح ضحيته أكثر من عشرين مسيحيا إضافة إلى إصابة نحو مائة شخص.
 

بلال لقي مصرعه في 17 يناير/كانون الثاني قبل ثمانية أيام من انطلاق الثورة، وذلك نتيجة التعذيب الذي مورس عليه بمكتب أمن الدولة القديم بمنطقة اللبان غرب الإسكندرية، خلال التحقيق معه

ولقي بلال مصرعه في 17 يناير/كانون الثاني أي قبل ثمانية أيام من انطلاق الثورة، وذلك نتيجة التعذيب الذي مورس عليه بمكتب أمن الدولة القديم بمنطقة اللبان غرب الإسكندرية، خلال التحقيق معه.
 
وشهدت الفترة الماضية استدعاء عدد من ضباط جهاز أمن الدولة الذي تم حله عقب الثورة، حيث انتهت تحقيقات النيابة إلى مسؤولية خمسة منهم عن الجريمة، وجرى اتهامهم باعتقال بلال دون وجه حق وتعذيبه وقتله، إضافة إلى تعذيب عدد من زملائه وشهود الواقعة لحملهم على الاعتراف بالمسؤولية عن التفجير.
 
جدير بالذكر أن واحدا فقط من المتهمين الخمسة يقع حاليا في قبضة العدالة، في حين يختفي ثلاثة آخرون داخل مصر، وهرب الخامس إلى خارج البلاد.
 
وسألت الجزيرة نت إبراهيم شقيق السيد بلال عن ذلك فعبر عن استغرابه الشديد لتباطؤ وزارة الداخلية في القبض عليهم، مؤكدا أن هذه ليست مهمة صعبة لو توافرت الإرادة لدى الوزارة.
 
واتهم إبراهيم الداخلية بتهريب أحد المتهمين عبر إرساله في مهمة إلى خارج مصر، وأضاف "لو كان الوزير هو حبيب العادلي وزير داخلية الرئيس المخلوع مبارك لتفهمنا ذلك، لكن ما مصلحة الوزير الحالي منصور عيسوي في عدم إحضار هؤلاء الضباط المتهمين إلى العدالة؟".
 
وختم شقيق السيد بلال تصريحاته بالتأكيد على أن الأسرة تعرف أنها لن تستعيد ابنها حتى لو تم إعدام كل المتهمين بتعذيبه حتى الموت، لكنها تريد معاقبتهم حتى تحمي بقية الشعب المصري من احتمال تكرار مثل هذه الانتهاكات البشعة.

المصدر : الجزيرة