بوليود.. جسر الثقافة الهندية للعالم

تصوير مشهد في فيلم هندي في ستوديو خارجي - غيتي
تصوير مشهد في فيلم هندي في ستوديو خارجي (غيتي)

محمود العدم – نيودلهي

تعتبر بوليود الأيقونة الهندية الأشهر عالميا، وهي البساط الذي تسللت عبره الثقافة الهندية إلى القلوب في مختلف قارات الأرض في العالم، وهي الجسر الذي حمل هذه الثقافة وأدخلها إلى كل بيت.

يطلق مصطلح بوليود على السينما الهندية، مع أن هناك نحو عشرة مراكز لإنتاج السينما في الهند، لكنه الأشهر والأكثر تداولا، وهو مأخوذ من بومباي الاسم السابق لمدينة مبومباي الهندية، ومحوَّر ليقابل مركز صناعة السينما الأميركية هوليود.

وعلى عكس هوليود، فليس هناك مدينة سينمائية أو منطقة في الهند يطلق عليها بوليود، وإنما هي أشبه بمصطلح أطلق على مقرات اشتهرت بإنتاج الأفلام السينمائية، حيث تنتج السينما الهندية أكثر من ألف فيلم سنويا.

ووفقا لنشرة أصدرها مركز الدراسات الهندية والعربية حصلت الجزيرة نت على نسخة منها، فإن أول فيلم صامت أنتجته بوليود كان عام 1913، وأول فيلم ناطق كان فيلم "أضواء الدنيا" عام 1931، بينما أنتج أول فيلم ملون عام 1937.

وشهدت فترة الخمسينيات انتشار الأفلام الملونة، وبها انطلقت بوليود تشق طريقها نحو الدول المجاورة والعالم العربي وما سواه، وحقق فيلم "من أجل أبنائي" شهرة كبيرة في ذلك الحين.

سواح أجانب يتابعون تصوير خارجي لفيلم سينمائي هندي (الجزيرة)
سواح أجانب يتابعون تصوير خارجي لفيلم سينمائي هندي (الجزيرة)

موضوعات الأفلام
اشتهرت السينما الهندية في فترة الخمسينيات من القرن الماضي بالأفلام الموسيقية الرومانسية وأفلام الميلودراما التي تزخر بالحوادث المثيرة وتتسم بالمبالغة في كل شيء -وفقا لويكيبيديا- فالممثلون يبالغون في التعبير عن العواطف والانفعالات كما يبالغون في الحركات التمثيلية للتأثير في الجمهور، والمبالغة في شخصية الرجل الشرير في الرواية، كما أن البطل كريم الخلق جميل الصورة، والبطلة دائما حسناء طيبة طاهرة النفس.

ثم انتشرت في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات الأفلام الرومانسية وأفلام الحركة، ثم فتحت الطريق لأفلام العنف التي تناولت مواضيع العصابات، وفيها سطع نجم الممثل أميتاب باتشان. واستمرت هذه الموجة حتى بداية التسعينيات، ثم عادت الأفلام الموسيقية الرومانسية التي تدور حول العائلة. وقدمت السينما الثلاثي المسلم من عائلة خان: سلمان، وعامر، وأخيرا النجم الأشهر شاه روخ خان.

ويعتبر الرقص واحدا من أبرز خصوصيات السينما الهندية، وهو أهم ما يميزها، ولعل الراقصين هم أكثر الممثلين ظهورا على الشاشة، واستخدمت أساليب الرقص الكلاسيكية، ورقص المحظية الهندية الشمالية التاريخية أو رقصات شعبية، أما في الأفلام الحديثة فتمتزج عناصر رقص هندية مع أساليب رقص غربية في أغلب الأحيان.

النجم شاه روخ خان ممثل سينمائي في بوليود بعد اقتراعه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة (الجزيرة)
النجم شاه روخ خان ممثل سينمائي في بوليود بعد اقتراعه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة (الجزيرة)

جوائز وتحديات
وتنظم احتفالات سنوية لمنح جوائز للأفلام المنتجة منها جوائز "زي سينما"، والشاشة اللامعة وغيرها. ومنذ 1973 تبنّت الحكومة الهندية جوائز الفيلم الوطنية.

وتعتبر ميزانيات الأفلام في بوليود بسيطة إذا ما قورنت بأفلام هوليوود، وحتى الآن سجل فيلم "راو ون" لشاه روخ خان أعلى ميزانية في السينما الهندية قدرت بنحو 27 مليون دولار.

وتواجه بوليود عوائق في عمليات التمويل، حيث حظرت البنوك القروض لتمويل الأفلام ورفع ذلك الحظر مؤخرا فقط. كما تواجه السينما الهندية تحديات كبيرة في عمليات القرصنة التي تنتشر على نطاق واسع، إضافة إلى تحكم بعض عصابات المافيا في مومباي بعمليات الإنتاج والتوزيع وامتلاكها أدوات للضغط على المنتجين والممثلين.

النجم السينمائي عامر خان وزوجته بعد اقتراعهما في الانتخابات الأخيرة (الجزيرة)
النجم السينمائي عامر خان وزوجته بعد اقتراعهما في الانتخابات الأخيرة (الجزيرة)

بوليود والسياسة
دخل عدد من نجوم بوليود المعترك السياسي من خلال الترشح للبرلمان، مثل الممثل الكبير أميتاب بتشان الذي فاز بمقعد في البرلمان وكذلك زوجته جايا باشان، وتسلم بعضهم منصب وزير في الحكومة المركزية مثل الفنان شاتروغان سينها الذي تقلد حقيبة وزارة الصحة ورعاية الأسرة عام 2004.

وتسلم بعضهم منصب حاكم الولاية مثل الممثلة جي جاياليثا حاكمة ولاية تاميل نادو في جنوب الهند.
وشهدت انتخابات هذا العام 2014 حدثا نادرا، حيث جمعت المنافسة الانتخابية على مقعد منطقة في مدينة تشانديغار نجمتين من نجمات بوليود، هما النجمة غل باناغ مرشحة عن حزب آم آدمي "أنا إنسان"، والمرشحة عن حزب الشعب الممثلة الشهيرة كيرون كير.

ويرى عدد من كتاب الأعمدة في الصحف المحلية أن مغازلة نجوم السينما للسياسة ليست أمرا جديدا "فهم يبحثون عن حظهم في مواقع جديدة، كما أنهم يضيفون بريقا متجددا على المعركة من أجل السلطة"، مع الإشارة أن نجاحاتهم في شمال الهند أقل بكثير منها في جنوبه.

وتقول الصحفية إيرني أكبر في حديث للجزيرة نت إن المواطنين الهنود يتقبلون بشكل طبيعي أن يعمل الفنانون بالسياسة وأن يترشحوا للبرلمان، مشيرة إلى نجاح عدد كبير من الفنانين السياسيين بأداء مهامهم، "وأنهم لم يخذلوا ناخبيهم". وتابعت أن كثيرا من الفنانين أكدوا أن ترشحهم جاء من أجل صالح الشعب ولشعورهم بالمسؤولية تجاه المواطنين، ولإثبات أن "اهتماماتهم ترقى لمستوى المسؤولية ولا تنحصر بالقضايا السطحية".

كما لم يخف الفنانون ميولهم السياسية، حيث ظهر أشهر نجوم بوليود شاه روخ وعامر وسلمان خان، في حملات مختلفة للأحزاب الهندية المختلفة.

ولا بد من الإشارة هنا إلى كون أكبر نجوم بوليود هم من المسلمين، سواء في التمثيل أو الغناء أو الكتابة والإنتاج، لكن هذا لم ينعكس على وضع الأقلية المسلمة بل إن بعض الممثلين يصرون على اعتبار أن الثقافة الهندية السائدة هي ثقافتهم، فيما لم يخف بعضهم تأييده لحزب الشعب الهندوسي الموصوف بالتعصب.

ويرى بعض السياسيين أن "نجوم السينما لديهم المقدرة على اجتذاب الجمهور وصنع الإثارة، وهم اليوم يتمتعون بوعي سياسي على عكس ما كان في الماضي. وهم مهمون في أي حزب في موسم الانتخابات"، ويصفهم أحد الكتاب بقوله "إن تأثيرهم كالسحر في الحملات الانتخابية وحشد الجماهير وتوجيههم".

المصدر : الجزيرة