خليفة الغويل.. رئيس حكومة الإنقاذ الليبية "الثائرة"

خليفة الغويل - النائب الأول لرئيس حكومة الإنقاذ الوطني الليبي

خليفة الغويل مهندس وسياسي ليبي، برز إلى واجهة الأحداث عقب نجاح الثورة الليبية عام 2011 على نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، وترأس ما عرف بـ"حكومة الإنقاذ" منتصف عام 2014، وتنازل عن السلطة إثر تشكيل حكومة الوفاق الوطني بمقتضى اتفاق الصخيرات نهاية عام 2015، ثم أعلن مجددا في أكتوبر/تشرين الأول 2016 عودة حكومته السابقة إلى الحكم بالعاصمة طرابلس.

المولد والنشأة
وُلد خليفة محمد الغويل عام 1963 بمدينة مصراتة غرب ليبيا.

الدراسة والتكوين
أكمل الغويل مراحل دراسته النظامية الأولى ثم التحق بكلية الهندسة في جامعة بنغازي حيث تخرج عام 1986.

الوظائف والمسؤوليات
عمل الغويل في مصالح الدولة الليبية أيام عهد القذافي قبل أن ينتقل للشغل بالقطاع الخاص في بعض المجالات الهندسية، ثم تولى مناصب رسمية عدة في حكومات ما بعد الثورة توجها برئاسة "حكومة الإنقاذ".

التجربة السياسية
دخل الغويل المشهد السياسي الليبي من بوابة "ثورة 17 فبراير" التي شارك فيها بقوة ضمن كتائب الثوار المنتمية إلى مسقط رأسه مصراتة، وانتهت بإسقاط نظام القذافي في 20 أغسطس/آب 2011.

وبعد نجاح الثورة اختير في يونيو/حزيران 2014 لعضوية مجلس إدارة مدينة مصراتة، وأصبح النائب الأول لـعمر الحاسي رئيس حكومة الإنقاذ الوطني المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام (البرلمان الليبي بطرابلس)، ثم عُين وزيرا للدفاع في هذه الحكومة بعد إطلاقها عملية "فجر ليبيا" العسكرية يوم 13 يوليو/تموز 2014، ردا على "عملية الكرامة" التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر في مناطق الشرق الليبي.

وفي 1 أبريل/نيسان 2015 سلّم الحاسي -بعد إقالته من المؤتمر الوطني العام- عهدة الحكومة (24 وزيرا) إلى الغويل الذي كُلف بتسيير أعمالها مدة شهر واحد. وقد أثنى الغويل على عملية "التداول السلمي على السلطة"٬ مجددا نبذ حكومته "الإرهاب والعنف والتطرف بجميع أشكاله"، ومؤكدا التزامها "بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف الوسطي المعتدل".

وأضاف الغويل أن الحكومة ستعمل على المحافظة على وحدة التراب الليبي شرقا وغربا وجنوبا٬ والعمل على حل الإشكاليات التي تواجه البلاد داخليا وخارجيا، كما وجه رسالة إلى المجتمع الدولي أكد فيها عزمه المضي في "بناء دولة المؤسسات التي حلم بها كل الليبيين٬ إضافة إلى الحفاظ على ثوابت ثورة 17 فبراير".

وفي 11 مايو/أيار 2015 رحّب الغويل بأي حوار يؤدي إلى "تهدئة الفتنة بين الليبيين ووقف نزيف الدماء والاقتتال"، وشكر مساعي أي دولة من الدول تتبنى هذا الحوار، مشيرا إلى أنهم يطمحون في أن يكون الحوار حقيقيا "لا كحوار المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون الذي نتجت عنه مسودة مخزية ومؤسفة أرجعتنا إلى ما قبل ثورة 17 فبراير".

ودعا الغويل المجتمع الدولي والأمم المتحدة وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي (لا سيما إيطاليا) إلى التعامل المباشر مع حكومته، والتعاون معها في مكافحة ظاهرة الهجرة غير النظامية -التي وصفها بأنها "آفة خطيرة"- بمساعدتها بكل السبل والإمكانيات المعينة على مواجهتها، مثل القوارب والقاطرات والبوارج لحماية السواحل البحرية.

وفي 1 ديسمبر/كانون الأول 2015 صوت المؤتمر الوطني لصالح تغيير حكومي جاء بحكومة مصغرة (12 وزيرا) بمثابة "خلية أزمة" وأبقى على الغويل في منصبه، في الوقت الذي توجد فيه -منذ يوليو/تموز 2014- حكومة أخرى في البيضاء (الشرق)، انبثقت عن مجلس النواب الذي يتمركز في طبرق، وتصف نفسها بأنها "الحكومة الشرعية" وتحظى بدعم دولي.

وحين دخلت حكومة الوفاق الوطني -المشكلة بمقتضى اتفاق الصخيرات الذي جرى برعاية أممية- العاصمة طرابلس أواخر مارس/آذار 2016، رفض الغويل الاعتراف بها وتسليم السلطة إليها، بل إنه هدد بالقبض على أعضاء مجلسها الرئاسي بقيادة فايز السراج.

لكن الغويل سرعان ما تخلى عن السلطة حين أصدر يوم 5 أبريل/نيسان 2016 بيانا قال فيه "نعلن توقفنا عن أعمالنا المكلفين بها كسلطة تنفيذية رئاسة ونوابا (نواب رئيس الحكومة) ووزراء…، تأكيدا على حقن الدماء وسلامة الوطن من الانقسام والتشظي".

ثم عاد الغويل في اليوم الموالي وأصدر بيانا آخر حذر فيه رؤساء الهيئات والمؤسسات التابعة لحكومته من التعامل مع القرارات الصادرة عن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، مشددا على أن من يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة القانونية، وذلك بعد ساعات من انتخاب عبد الرحمن السويحلي رئيسا للمجلس الأعلى للدولة.

وقد رأى مراقبون في التناقض بين البيانين وجود انقسام داخل حكومة الغويل بشأن التعاطي مع مخرجات اتفاق الصخيرات الذي هدد بفرض عقوبات على معرقلي تطبيقه، خاصة أن الاتحاد الأوروبي قرر في 31 مارس/آذار 2016 فرض عقوبات على الغويل، ورئيس المؤتمر الوطني نوري أبوسهمين، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بعدما اعتبر أنهم يعرقلون الحل السياسي.

ويقول آخرون إن الغويل والفريق المعارض لحكومة الوفاق يسعون للخروج بـ"ضمانات" تتعلق بعدم اعتراف المجلس الرئاسي بـ"عملية الكرامة" التي يقودها حفتر٬ وعدم التخلي عن مبادئ ثورة 17 فبراير٬ وعدم عودة رموز النظام السابق تحت شعارات المصالحة.

وفي 14 أكتوبر/تشرين الأول 2016 سيطر أعضاء من المؤتمر الوطني وحكومة الإنقاذ برئاسة الغويل على مقار المجلس الأعلى للدولة في طرابلس بالتعاون مع جهاز الأمن الرئاسي المكلف بحماية المجمع الرئاسي، وتزامن ذلك مع بيان آخر للمؤتمر الوطني العام أعلن فيه عودته إلى مقاره الإدارية الرسمية.

وقد طالب الغويل -في بيان ألقاه من داخل مقر قصور الضيافة الرئاسية- بإيقاف عمل حكومة الوفاق الوطني، مؤكدا أن "كل من كلفهم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق موقوفون عن ممارسة أي نشاطات أو مهام، وأنهم سيحالون للقضاء لانتحالهم الصفات غير المخولين بها".

وأضاف الغويل أن على "جميع الوزراء ورؤساء الهيئات التابعين لحكومة الإنقاذ ممارسة مهامهم وتقديم تقاريرهم وتسيير مؤسساتهم، خاصة فيما يتعلق ويمس الحياة اليومية للمواطن".

وفي المقابل، توعدت حكومة الوفاق بتوقيف "جميع السياسيين (…) الذين يحاولون إقامة مؤسسات موازية وزعزعة استقرار العاصمة"، وأدانت استيلاء "مجموعة مسلحة" على مقر مجلس الدولة معتبرة أنها "محاولات لتخريب الاتفاق السياسي" الذي ترعاه الأمم المتحدة، كما شجب الخطوة رئيسُ بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مارتن كوبلر والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ودعا الغويل نظيره رئيس حكومة البيضاء عبد الله الثني إلى "تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل أطياف الشعب الليبي كافة في إطار حوار ليبي ودون وساطة أجنبية"، فرحب الثني بالدعوة وطلب من مجلس النواب (برلمان طبرق) النظر فيها.

وفي 24 أكتوبر/تشرين الأول 2016 اتهم الغويل المبعوث الدولي إلى ليبيا كوبلر بمحاولة فرض اتفاق الصخيرات السياسي على الليبيين، وقال إن حكومته "لن تدفع الملايين لمكافأة من سرق قوت الليبيين". واستبقت تصريحاتُه هذه اجتماعا بشأن الأزمة الليبية بـالقاهرة بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ممثلة بمبعوثها كوبلر.

المصدر : الجزيرة