عيسى قاسم

Bahrain's leading Shi'ite cleric Isa Qassim gives a rare speech as a translator is seen behind him at Saar Mosque, west of Manama, Bahrain February 10, 2012. Bahrain has stripped the spiritual leader of the kingdom's Shi'ite Muslim majority of his citizenship, state news agency BNA reported on June 20, 2016. REUTERS/Hamad I Mohammed/File Photo

عيسى قاسم أكبر مرجع ديني شيعي بحريني، يعتبر "الأب الروحي" لجمعية الوفاق السياسية البحرينية المعارضة. اتهمته السلطات البحرينية بـ"تقسيم المجتمع طائفيا" فأسقطت جنسيته، وأثارت بذلك انتقادات دولية وغضبا شيعيا.

المولد والنشأة
وُلد عيسى أحمد قاسم عام 1940 في قرية الدراز شمال غرب المنامة عاصمة البحرين لأسرة شيعية والدها يمتهن الصيد البحري. توفي والده وهو في الرابعة من عمره فرعته أمه وإخوته.

الدراسة والتكوين
تعلم عيسى القرآن الكريم في الكتاتيب، وفي عام 1951 دخل مدرسة البديع الابتدائية للبنين ثم ثانوية المنامة حيث حصل على الشهادة الثانوية عام 1958، والتحق بكلية المعلمين فنال منها إجازة التعليم.

وإلى جانب دراسته النظامية تعلم الفقه في البحرين على يد علوي الغريفي، ثم غادر بلده للدراسة في كلية الفقه بالنجف جنوبي العراق ومنها نال شهادة الليسانس في العلوم الإسلامية والشرعية.

الوظائف والمسؤوليات
بعد إكماله المرحلة الثانوية انخرط عيسى عام 1959 في سلك التدريس مدرسا لمادتيْ اللغة العربية والتربية الإسلامية. وفي 1972 أسس "جمعية التوعية الإسلامية" فترأسها ثلاث دورات خلال 1972-1983. كما أسس عام 2005 "المجلس الإسلامي العلمائي" الذي ترأسه دورة واحدة، وهو عضو في الهيئة العليا للمجمع العالمي لأهل البيت (مقره طهران).

التجربة العملية
في 1962 بدأ عيسى قاسم رسميا مساره العلمي الديني بالدراسة على مشايخ بلده، ثم استقال من مهنة التعليم وسافر للدراسة في الحوزات العلمية الشيعية بالعراق فدرس على مشايخ كبار في مقدمتهم آية الله محمد باقر الصدر، وعاد إلى وطنه نهائيا عام 1971 عند إعلان استقلال البحرين عن بريطانيا.

ترشح عيسى لانتخابات "المجلس التأسيسي" الذي سيتولى وضع دستور الدولة ففاز بمقعد فيه، وكان ذلك الفوز إيذانا ببدء مرحلة جديدة في حياته ألقت به في معترك السياسة وتجاذباتها المحتدمة.

ففي عام 1973 انتخِب لعضوية المجلس الوطني (البرلمان) وظل كذلك إلى أن حُل المجلس عام 1975. وفي 1984 أغلِقت "جمعية التوعية الإسلامية" التي أسسها وفـُرضت عليه الإقامة الجبرية بعد استجوابه أمنيا، وبقي كذلك حتى بداية التسعينيات.

قرر عيسى عام 1992 مغادرة البحرين مجددا ولكن هذه المرة إلى مدينة قم في إيران لتعميق دراساته الدينية، وأثناء إقامته في إيران اتهمته الحكومة البحرينية بالتخطيط لقلب نظام الحكم وتأسيس مجموعة سياسية معارضة، وبالوقوف وراء المظاهرات التي شهدتها البحرين في 1994 و1996.

بقي عيسى في إيران حتى عودته إلى البحرين في 8 مارس/آذار 2001 إثر إقرار "ميثاق العمل الوطني" بين الحكومة والمعارضة باستفتاء شعبي نـُظم يوميْ 14-15 فبراير/شباط 2001.

دشن بعودته تلك عهدا جديدا أصبح فيه يمثل المرجعية الدينية والسياسية للشيعة فيها؛ إذ أسس "مكتب البيان للمراجعات الدينية" و"المجلس الإسلامي العلمائي" في 2005، ودعا في العام نفسه لتنظيم مسيرة كبرى اعتراضا على قانون حكومي للأحوال الشخصية، كما كانت له مواقف سياسية مؤيدة لاحتجاجات البحرين منذ فبراير/شباط 2011.

ففي خطبته للجمعة في جامع الصادق بمنطقة الدراز يوم 25 فبراير/شباط 2011؛ أعلن عيسى رفضه "فكرة الحوار من أجل الحوار، لأن الحوار الذي يستهدف حلا شكليا لا يصلح اليوم، ولا بد أن يكون الحوار جذريا مقتنعا بروح التغيير ومستجيبا للمطالب العادلة".

وفي 24 يونيو/حزيران انتقد محاكمة ثمانية معارضين من قبل محكمة عسكرية بتهمة التآمر لقلب النظام، قائلا إن أحكامها "قاسية وغير عادلة" ومطالبا السلطات بالتراجع عنها.

واعتبر هذه الأحكام سدا يحول دون المشاركة في الحوار الذي دعا إليه ملك البلاد حمد بن عيسى آل خليفة، ووصف هذا الحوار بأنه "فاشل قبل أن يبدأ".

وفي 23 أغسطس/آب 2011 أرسل وزير العدل والشؤون الإسلامية خالد بن علي آل خليفة خطابا إلى قاسم يتهمه فيه بإثارة الفتنة الطائفية والعنف، وبأنه يستخدم منبره في خطب الجمعة لدعوة أنصاره إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية التكميلية (أجريت يوم 24 سبتمبر/أيلول من نفس العام).

واعتبر علماء شيعة بارزون في البلاد ما جاء في ذلك الخطاب إهانة وتهديدا مباشرا لقاسم، وتعهدوا بتوحيد صفوفهم ودعوا أتباعهم إلى الانضمام إليهم في صلاة جمعة موحدة في نفس الأسبوع بقرية الدراز.

وفي 17 مايو/أيار 2013 اتهمت جمعية الوفاق المعارضة قوات الأمن البحرينية باقتحام وتفتيش منزل عيسى في الدراز و"ترويع النساء والأطفال"، مشيرة إلى أنه لم يكن في بيته وقت الاقتحام.

وفي 20 يونيو/حزيران 2016 أعلنت وزارة الداخلية البحرينية أن مجلس الوزراء أصدر قرارا بالموافقة على إسقاط الجنسية البحرينية عن "المدعو عيسى أحمد قاسم"، لأنه "قام منذ اكتسابه الجنسية البحرينية بتأسيس تنظيمات تابعة لمرجعية سياسية دينية خارجية، حيث لعب دورا رئيسيا في خلق بيئة طائفية متطرفة، وعمل على تقسيم المجتمع تبعا للطائفة وكذلك تبعا للتبعية لأوامره".

واتهمته الوزارة -في بيان لها- بأنه قام "بتبني الثيوقراطية وأكد على التبعية المطلقة لرجال الدين (…)، ويقوم بجمع الأموال دون الحصول على أي ترخيص خلافا لما نص عليه القانون".

وردا على هذه الخطوة، انتقد مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشدة هذا القرار وقال إنه "غير مبرر" وفقا للقانون الدولي، كما انتقدت القرار كل من الولايات المتحدة وإيران وحزب الله اللبناني.

وقال مركز البحرين لحقوق الإنسان القريب من المعارضة البحرينية إن إسقاط الجنسية عن عيسى قرار "اعتباطي"، وإن الخطوة تشكل "ضربة أخرى توجه لحرية التعبير في البحرين".

المصدر : الجزيرة