زهران علوش.. "أمير الغوطة" في مصيدة الاغتيال

زهران علوش
مقاتل سوري؛ عُرف بنشاطه الدعوي الذي أدخله السجن سنوات، ثم أفرِج عنه بعد قيام الثورة فأسس تنظيما عسكريا كبيرا، وأصبح بفضل قوته العسكرية النوعية من أبرز قيادات المعارضة السورية المسلحة إلى أن اغتيل بغارة جوية.

المولد والنشأة
ولد زهران عبد الله علوش عام 1971 في مدينة دوما بالغوطة الشرقية بريف العاصمة السورية دمشقلأسرة علمية، فوالده عبد الله علوش يعد من أبرز شيوخ الدعوة السلفية في البلاد.

الدراسة والتكوين
واصل علوش تعليمه النظامي حتى التحق بكلية الشريعة في جامعة دمشق، وبعد تخرجه فيها تابع دراساته العليا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (السعودية) حيث حصل على شهادة الماجستير.

التوجه الفكري
عُرف علوش باعتناقه "الفكر السلفي المعتدل" وبالدعوة إلى إقامة "الدولة الإسلامية"، لكنه يقال إنه على خلاف فكري مع جماعات توصف بالتطرف مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية.

وقد اشتهر بنشاطه الدعوي منذ 1987 مما جعل النظام السوري يلاحقه، فاعتقله جهاز الأمن السوري المسمى "فرع فلسطين" عام 2009 بتهمة حيازة أسلحة "وُجدت في سيارته"، ووُضع في سجن صيدنايا العسكري.

التجربة القتالية
ظل زهران علوش في السجن حتى اندلعت الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد في مارس/آذار 2011، حيث أقدم النظام على "خطوات إصلاحية"، تضمنت صدور "عفو رئاسي" في يونيو/حزيران 2011 أفرج بموجبه عن مئات من المسجونين كان من بينهم علوش.

أسس علوش -مع مجموعة من أبناء دمشق وغوطتها- في يونيو/حزيران 2012 تنظيما مسلحا عُرف حينها بـ"سرية الإسلام" لقتال قوات النظام السوري بعد أن واجه الاحتجاجات السلمية بالقوة العسكرية. ثم تغير اسم هذا التنظيم في نهاية 2012 إلى "لواء الإسلام" الذي أشرف هو على تدريبه وتطويره.

وفي سبتمبر/أيلول 2013 أعلن علوش تشكيل "جيش الإسلام" الذي ضم أكثر من 45 فصيلا مسلحا من فصائل الجيش الحر، وذلك إثر شن النظام السوري -في أغسطس/آب 2013- هجوما بالأسلحة الكيميائية على إحدى ضواحي دمشق مما أسفر عن مقتل المئات.

يُعتبر "جيش الإسلام" من أكبر الفصائل المقاتلة ضد نظام بشار الأسد وأفضلها تسليحا، حيث يتفرد بامتلاك منظومة "أوسا" الصاروخية التي اغتنمها من قوات النظام بالغوطة الشرقية، مما جعله يسيطر على الغوطة التي يتولى إدارة شؤونها، وأجزاء واسعة من القلمون الشرقي، ومناطق أقل من ذلك في ريف إدلب الشمالي.

وقد ساهم "جيش الإسلام" -الذي يتراوح عديده بين 15 و20 ألف مقاتل- في تأسيس الجبهة الإسلامية التي أعلنت سبعة فصائل سورية مسلحة تشكيلها في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، وشغل قائده علوش منصب رئيس الهيئة العسكرية فيها، كما اختير لرئاسة مجلس القيادة العسكرية الموحدة في الغوطة الشرقية الذي أنشئ أواخر أغسطس/آب 2014 وضم أبرز فصائلها العسكرية.

عُرف علوش بموقفه الرافض لوجود "التنظيمات المتشددة" بما فيها تنظيم الدولة الإسلامية، حيث شن جيشه -الذي يمثل أكبر فصيل للمعارضة المسلحة في منطقة ريف دمشق– حربا عنيفة على هذا التنظيم منذ يونيو/حزيران 2014، مما قاد إلى إخراجه بشكل كامل من الغوطة والقلمون.

وفي مقابلة له مع الجزيرة بُثت يوم 19 يونيو/حزيران 2013 قال علوش إن تنظيمه لديه "مشروع سياسي ننطلق فيه لبناء دولتنا من ديننا ومن حضارتنا الإسلامية، وننشد به دولة الحقوق التي يسود فيها العدل وتـُرجع فيها الحقوق إلى أصحابها، ونحن نطمح أن يكون لنا دور سياسي في سوريا مستقبلا"، وأكد أن الحوار مع نظام الأسد "مرفوض تحت أي ظرف لأنه مشاركة في الجريمة".

وأضاف "نحن حريصون على علاقات جيدة مع دول الجوار، لكننا لن ننسى أيادي الغدر التي دعمت النظام كإيران وحزب الله"، مشيرا إلى أن حقوق الأقليات في سوريا ستحترم "ولن نظلم أحدا أبدا".

ورغم تأكيد علوش أن التنظيمات السياسية السورية المعارضة في الخارج لا تمثل تنظيمه لأنها "منفصلة عن الواقع بالداخل السوري"، فقد شارك ممثلون عنه في معظم المجالس التي شكلتها المعارضة السورية، كما حضر ممثلون عنه اجتماع الرياض الذي عقدته المعارضة السورية في ديسمبر/كانون الأول 2015، وجرى فيه التوصل إلى إطار لمباحثات السلام مع النظام السوري.

وفي أبريل/نيسان 2015 ظهر علوش بمدينة إسطنبول التركية في زيارة قال عنها المتحدث باسم الجبهة الإسلامية إسلام علوش -للجزيرة نت- إن "وقتها مرتبط بمجموعة من الالتزامات العامة والاعتبارات الموضوعية التي ترجع إلى تغيرات في الظروف الداخلية والخارجية، وبعض المستجدات الطارئة والمتعلقة بالتقدم العسكري الكبير لفصائل المعارضة في عموم سوريا".

ورفض المتحدث إيضاح كيفية خروج قائد "جيش الإسلام" من الغوطة المحاصرة، وذلك "لأسباب أمنية بحتة".

الوفاة
اغتيل زهران علوش يوم الجمعة 25 ديسمبر/كانون الأول 2015 بغارة جوية استهدفته وبعض قياديي "جيش الإسلام" في بلدة أوتايا بمنطقة المرج في الغوطة الشرقية (ريف دمشق). وبينما قال التنظيم إن الغارة نفذتها طائرات روسية، ذكرت وسائل إعلام النظام السوري أن الغارة شنها الطيران السوري.

وفي حين تعهدت فصائل في المعارضة السورية المسلحة بالانتقام لاغتيال علوش، ومنها: حركة أحرار الشام وجيش اليرموك والتوحيد واللواء العاشر في الساحل ولواء شهداء الإسلام؛ قال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إن الاغتيال "جريمة تؤكد أهداف الغزو الروسي لسوريا، ومنها مساندة الإرهاب والنظام المستبد واستئصالُ قوى الثورة المعتدلة".

المصدر : الجزيرة