حركة التوحيد والإصلاح

حركة التوحيد والإصلاح - الموسوعة

حركة دعوية مغربية؛ تهدف حسب أدبياتها إلى تحقيق نهضة إسلامية من خلال حركة إصلاحية معتدلة تعتمد المرجعية الإسلامية وتتبنى خيار الشورى والديمقراطية. يصفها المراقبون بأنها النظير الدعوي لحزب العدالة والتنمية، لكنها تعتبر نفسها عملا إسلاميا تجديديا لإقامة الدين وإصلاح المجتمع.

النشأة والتأسيس
يعود تاريخ نشأة حركة التوحيد والإصلاح بمشروعها الدعوي والتربوي والفكري والثقافي إلى أواسط سبعينيات القرن العشرين من خلال الفعاليات التي كانت تقيمها مجموعة من الجمعيات الإسلامية.

وفي 31 أغسطس/آب 1996 تحققت الوحدة الاندماجية بين حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي لتولد رسميا الحركة باسمها وصيغتها الحاليين. وقد جعلت شعارها قوله سبحانه وتعالى: "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله" (سورة هود، الآية: 88).

المبادئ والأهداف
تعرف حركة التوحيد والإصلاح نفسها بأنها "حركة مغربية مفتوحة في وجه كل مسلم من أبناء هذا الوطن العزيز، يريد أن يتعاون على التفقه في دينه والعمل به والدعوة إليه".

وتؤكد الحركة -في أدبياتها- أنها "منفتحة تندمج مع مجتمعها وتتفاعل معه وتعتبر نفسها من هذا المجتمع (…)، كما أنها حركة تدعو للإصلاح باتباع رسالة الأنبياء، وإثبات عناصر الخير والصلاح في الفرد والمجتمع وتقويتها، ومقاومة عناصر الفساد والإفساد".

وأكدت الحركة أن رسالتها هي الإسهام في إقامة الدين وتجديد فهمه والعمل به على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع والدولة والأمة، وبناء نهضة إسلامية رائدة وحضارة إنسانية راشدة، من خلال حركة دعوية تربوية، وإصلاحية معتدلة، وشورية ديمقراطية، تعمل وفق الكتاب والسنة"، وشددت على أنها تعتمد أساسا على إعداد الإنسان وتأهيله ليكون صالحا مصلحا في محيطه وبيئته.

وحددت لنفسها 11 هدفا، أبرزها ابتغاء وجه الله والدار الآخرة، ومتابعة السنة في الاعتقاد والقول والعمل، والدعوة إلى الله بعمل جماعي منظم، يعتمد الحرية والشورى والتدرج والحكمة والموعظة الحسنة، والتدافع السلمي، والمخالطة الإيجابية، والانفتاح على باقي الفاعلين في المجتمع، والتعاون مع الغير على تحقيق الخير.

وفي وثيقة أصدرتها عام 2003 بعنوان "توجهات واختيارات" سطرت الحركة مجموعة عناوين كبرى من قبيل "تأييد نظام إمارة المؤمنين الملازمة للملك وأساس شرعيته الدينية، وتمسكها بجعل الشريعة المصدر الأول للتشريع دون اختزالها في الحدود، ورفضها الغلو والعنف والإرهاب، والتمسك بالديمقراطية وحقوق الإسان".

الهياكل
يقوم البناء التنظيمي للحركة على ثلاثة هياكل أساسية تشمل المؤتمر الوطني العام وهو أعلى هيئة تقريرية، وينعقد بصفة عادية كل أربع سنوات وينتخب رئيس الحركة وباقي أعضاء الهيئة المسيرة لها. وهو الذي يحدد توجهات وأولويات الحركة في المرحلة المقبلة.

ومجلس الشورى وهو هيئة تقوم مقام المؤتمر العام، ويجتمع سنويا لمتابعة عمل الحركة وأداء المكتب التنفيذي والمصادقة على البرامج السنوية.

ويمثل المكتب التنفيذي قيادة الحركة التي تضمن تنزيل مخططاتها وفق الأولويات المحددة، وتمثيل الحركة لدى مختلف الجهات، وتحقيق التفاعل الإيجابي مع المستجدات، فضلا عن متابعة عمل الهيئات الأخرى للحركة.

شهدت الحركة عام 2006 تحولا على مستوى الهيكلة التنظيمية تجلى أساسا في تدعيم اللامركزية بإحداث مكاتب تنفيذية جهوية فُوّض لها عدد من الصلاحيات التقريرية والتوجيهية، مع تطوير للعلاقة مع القيادة المركزية من خلال العمل بنظام التعاقد الذي تلتزم في إطاره الجهات بإنجاز برامج وأعمال انطلاقا من المخطط الإستراتيجي المعتمد.

التجربة الدعوية والسياسية
تبنت حركة التوحيد والإصلاح منذ نشأتها المراجعة كآلية بنيوية للتأقلم والاستجابة للتحولات المجتمعية  في المغرب. وتميزت بأخذها مبكرا مسافة تنظيمية من حركة الإخوان المسلمين، والتفكير الحركي الإسلامي المشرقي عموما. فإذا كانت الحركة الإخوانية قد وضعت إقامة الدولة على رأس أولوياتها، فإن الحركة ركزت على البعد التربوي الذي يبني الإنسان.

وجاء في كتاب جماعي بعنوان "حركة التوحيد والإصلاح المغربية.. البناء والكسب، التحديات والتطلعات"، أن الحركة عملت "على إقرار مراجعة عميقة في بنائها التصوري والمنهجي"، حيث "انتقلت الحركة من مركزية إقامة الدولة أو إقامة دولة الخلافة كما كانت سائدة في الفكر الحركي في الشرق، إلى مركزية إقامة الدين".

ومن مظاهر هذا الاستقلال عن الفكر الحركي في الشرق خروج الحركة من ضيق مفهوم "الجماعة" الخالصة إلى مفهوم الحركة ثم إلى مفهوم الأمة، ومن التمحور حول التنظيم إلى التمحور حول الرسالة، ومن وحدة التنظيم إلى وحدة المشروع.

حيث لم يعد التنظيم الحركي الهرمي المغلق هو الإطار الذي تصب فيه أنشطة الحركة، وغدت في تحقيقها لأهدافها منفتحة على كفاءات وإطارات مجتمعية. كما عملت على تأسيس عدد من المنظمات والمراكز والمنتديات والجمعيات في القطاع النسائي والطلابي والطفولي والاجتماعي.

ولأن كثيرا من أعضاء حزب العدالة والتنمية وقياداته تربت داخل حركة التوحيد والإصلاح، ورفعا لأي لبس وخلط بين الدعوي التربوي والسياسي، أصر الطرفان (الحزب والحركة) على الفصل بين وظيفتيهما (الدعوي و السياسي) واستقلالية كل منهما عن الآخر، دون أن يمنع ذلك التقاء مواقف الحزب والحركة في اللحظات الكبرى للاصطفاف بخصوص قضايا ذات علاقة بالمرجعية الدينية.

كما قررت الحركة -التي انتخبت عبد الرحيم الشيخي رئيسا لها خلفا لمحمد الحمداوي في أغسطس/آب 2014- منع الوعاظ والمشتغلين في العمل الاجتماعي من أعضاء الحركة من الترشح في الانتخابات باسم حزب العدالة والتنمية المغربي.

ويقول خصوم الحزب إن هذا الفصل شكلي فقط، وإن الحركة احتياطي انتخابي وتنظيمي للحزب، واعتبر الراحل الدكتور فريد الأنصاري -وهو قيادي سابق في الحركة- أن الحزب "اختطف" الحركة لأنها -حسب رأيه- انغمرت في الصراع السياسي بمناوراته على حساب الوظيفة التربوية والدعوية.

لكن الرئيس الأسبق للحركة أحمد الريسوني (وهو نائب لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) رد على الأنصاري أقواله هذه في صيغة جدل لم يخل من حدة.

وعرفت انتخابات المكتب التنفيذي للحركة عام 2010 استبعاد عضوين ينتميان لحزب العدالة والتنمية من مكتب الحركة، وهو ما أشار آنذاك -حسب المراقبين- إلى محاولة الابتعاد عن "الحرج" الذي تسببه العلاقة بين الحركة وحزب العدالة والتنمية

وفسر رئيس حركة التوحيد والإصلاح السابق محمد الحمداوي ذلك -في تصريح للجزيرة نت- بالتأكيد على ضرورة الإيمان بـ"التمايز الوظيفي" بين حركة التوحيد والإصلاح باعتبارها هيئة دعوية مدنية، وحزب العدالة والتنمية بوصفه هيئة سياسية، لكنه أكد في نفس الوقت استمرار علاقة "الشراكة" بينهما.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية