الهوسا شعب المصارعين

epa00989018 A Nigerian Hausa trader riding a camel listens to election news on his radio in Katsina state, northern Nigeria on 21 April 2007, the day of the presidential elections. Reports of electoral malpractice, rigging, incompetence and violence were widespread on polling day and more than a dozen people were injured and at least two died in violent clashes in the northern town of Daura. EPA/TUGELA RIDLEY
تاجر من الهوسا في شمال نيجيريا يقود قافلته التجارية (وكالة الأنباء الأوروبية)

الهوسا عرقية أفريقية موزعة من الناحية الجغرافية على أراض واسعة ومناطق بعدة دول، خصوصا في شمال وسط نيجيريا، وجنوب النيجر، حيث يجاورون عرقية الفولاني، الذين تبنى بعضهم لغة الهوسا وثقافتهم.

تاريخ الهوسا

تسكن نسبة 30% من عرقية الهوسا في المناطق الشمالية والشمالية الغربية من نيجيريا، وتعرف تلك المنطقة بأرض الهوسا، ويبلغ عدد سكانها 22 مليونا، كما يتواجدون في دول أفريقية أخرى مثل النيجر وتشاد والسودان وغانا وساحل العاج وبوركينا فاسو ودول أفريقية أخرى.

وتقول بعض الروايات إن الهوسا سابقا كيانا سياسيا مستقلا يستقر بين نهر النيجر وبحيرة تشاد، ولم تكن لهم سلطة مركزية، فبقوا معزولين حتى منتصف القرن الرابع عشر الميلادي.

ويشتهر أبناء الهوسا بإتقان أعمال معينة مثل الحدادة وصيد الأسماك والزراعة واستخراج الملح، وبحلول القرن السادس عشر أصبحت مدينة كانو النيجيرية مركزا تجاريا رئيسيا للهوسا.

وفيما بين عامي 1804 و1815، وحّد العالم المسلم عثمان دان فوديو ولايات الهوسا المستقلة، وآل ذلك إلى خلافة سوكوتو، التي ألغيت لاحقا حين هزمها البريطانيون عام 1903، وأطلق عليها شمال نيجيريا.

وتقول الروايات المتداولة بين الهوسا إن أصولهم من العراق، وإن جدهم الأول "بياجدة" هاجر من بغداد إلى إمبراطورية كانم-برو (شمال شرق نيجيريا الآن) في القرن التاسع أو العاشر الميلادي، وهناك تزوج من أميرة.

ولكثرة الخلافات مع والد زوجته، اضطر إلى المغادرة وتركها وطفلهما الأول، وبعد رحلة طويلة مرهقة وصل إلى مدينة تسمى الدورة، وهناك طلب الماء من امرأة عجوز.

وأفهمته المرأة أن لا ماء عندها، لأن ثعبانا في القرية أرهب الناس، ومنعهم من البئر وبالكاد يستقون مرة في الأسبوع، فغضب "بياجدة" وذهب إلى البئر وقتل الثعبان.

ولمكافأته على ذلك الفعل الشجاع، زوجه أهل قرية الدورة ملكتهم، وأنجب منها ابنه باو، الذي أسس فيما بعد مدينة بيرام، إضافة إلى ستة أبناء آخرين كانوا حكام مدن الهوسا الأخرى، وتعرف هذه المدن بـ"هوسا باكواي"، أي مدن الهوسا السبع.

لغة الهوسا وزيّهم

لغة الهوسا هي اللغة الأم لقبائل الهوسا، وتكتب بأحرف عربية، وهي اللغة الرسمية في شمال نيجيريا، لكن لغات أخرى مثل الفرنسية أو الإنجليزية تعد لغات رسمية للبلدان التي يتواجدون فيها.

وتنتمي لغة الهوسا إلى الفرع التشادي للغات الأفرو-آسيوية في أفريقيا، وربع مفرداتها مشتق من اللغة العربية، كما دمجت فيها بعض المصطلحات بلغات الفولاني والكانوري، إضافة إلى اللغة الإنجليزية.

وللغة الهوسا خمس لهجات رئيسية في شمال نيجيريا، ويمكن للعديد منهم الحديث باللغة الفرنسية أو الإنجليزية، أو العربية.

ويمكن التعرف على رجال الهوسا بسهولة، من خلال زيهم المكون من عباءة منسدلة تسمى "بابان جيدا"، ومعها قبعة مطرزة ملونة تسمى "هولونا"، وتطرز ثيابهم حول العنق، وبعض أقمشتهم باهظة الثمن.

وترتدي نساء الهوسا رداء ملفوفا يسمونه "عباية"، مع بلوزة وربطة رأس وشال، ويحنين أيديهن وأقدامهن، ويعد أسلوبهم العام في اللباس محافظا للغاية. وتتملك النسوة المجوهرات، وخاصة الذهب، وتعد ملكيتها دلالة على المكانة والثروة.

الهوسا والإسلام

عرفت قبائل الهوسا الإسلام في عام 1500 على أيدي التجار المسلمين، الذين قدموا إلى هذه المناطق من مالي وبرنيو وغينيا.

اعتنق العديد من الهوسا الحضريين الإسلام، بينما بقيت أقلية ريفية منهم على عاداتها ومعتقداتها الوثنية. ورغم اعتناق عدد كبير من سكان الهوسا للإسلام، وتطبيقهم شرائعه، إلا أن فئة منهم تؤمن بعبادة الأرواح الطبيعية، وتسمى تلك الطائفة "ماجوزايا"، وتعبد الأرواح المعروفة بـ"بوري" أو "إسكوكي".

ومسلمو الهوسا يعدون من السنة، ويتأثرون بالحركات الإسلامية، مثل حركة الإخوان المسلمين المنتشرة في منطقة الساحل، بينما لطائفة "ماجوزايا" طقوسها الخاصة، مثل طرد الأرواح الشريرة.

ويتبع الهوسا التقويم الإسلامي السنوي، وتكون عطلاتهم الرسمية وفقا له، مثل عيدي الفطر والأضحى، وذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى احتفالهم بالأعياد الوطنية للدول التي ينتمون إليها.

ويسمي الهوسا أطفالهم وفق الطريقة الإسلامية، ويدرسونهم القرآن، ويتمون حفظه عادة في سن الثالثة عشرة، كما يقيمون حفلات الزفاف وفق العادات والضوابط الإسلامية، وعادة ما يكون عقد القران في المسجد، كما يقيمون طقوس الدفن وفق الشريعة الإسلامية، غير أن الزوجات يبكين أزواجهن ثلاثة أشهر.

أسلوب حياة الهوسا

ينتظم مجتمع الهوسا سياسيا على أساس إقطاعي، فيكون لكل منطقة حاكم، ويكون الأمراء من أصحاب المناصب الملقبين، ويقومون على تحصيل الضرائب، وغالبا ما يستخدمون اللغة العربية في سجلاتهم.

ويسمى أمير الولاية عند الهوسا "ساركي"، والولايات مقسمة إلى أقاليم ومناطق، يتحكم بها رؤساء القرى.

ويعتمد اقتصادهم بشكل أساسي على الزراعة، خاصة زراعة الذرة والدخن وبعض المحاصيل الأخرى، ويستخدمون روث ماشية قبائل الفولاني في تسميد زراعتهم، ويحقق لهم نشاطهم الزراعي الكفاف.

ويمارس الهوسا نشاطات أخرى مثل النسيج وصياغة الفضة وصناعة الجلود، ويروجون منتجاتهم في أسواق بعض المدن الكبرى.

وتختلف أوضاعهم الصحية حسب المناطق، فبعضها تتوفر فيه الرعاية الصحية رغم وجود نقص في الأدوية، باستثناء القرى النائية، ويعتمد بعضهم على الأدوية التقليدية.

وفي شمال نيجيريا يواجه أبناء الهوسا صعوبات في الحصول على فرص عمل، كون القطاعات الاقتصادية الحديثة تتطلب مهارات تعليمية وتقنية لا يملكونها.

وفي الريف يتنقلون سيرا على أقدامهم أو بالدراجات، كما يستخدمون وسائل النقل العام للسفر مسافات طويلة، وفي المدن يمتلك العديد من السكان سياراتهم الخاصة.

النظام الأسري

تسكن أسر الهوسا في أكواخ طينية، وتعد الحياة الأسرية هامة ومركزية، وروابط القرابة وطيدة، ويعتبرون أبناء العمومة شركاء الزواج المثاليين، رغم انتشار الطلاق وتكرره بينهم.

ويعيش الآباء الكبار في منازل تقليدية تسمى "غيداجي"، ويعيش معهم فيها أبناؤهم وزوجاتهم وأطفالهم، إلا أن الذين يسكنون في المدن منهم مثل اليوروبا والإيغبو والنوبي والكانوري يعيشون في منازل حديثة نسبيا.

ويتعاون الأقارب في الأنشطة التي يشرفون عليها، بنوعيها التجاري في المناطق الحضرية، والزراعي في الريف، ويحبون التجاور في العيش لمساعدة بعضهم البعض.

ويقرر كبار الهوسا الزيجات لأبنائهم، وفق ما يرون فيه مصلحة الجماعة، وللرجل أن يعدد زوجاته حسب ما تقره الشريعة الإسلامية، ويعد النسب والقرابة هما أهم عاملين في هذا الاختيار.

وتمكث النسوة المتزوجات في البيت، ولا يخرجن إلا للاحتفالات أو العلاج، وتستثنى قلة منهن تخرج للعمل، ويتحجبن إذا خرجن ويصطحبن معهن أطفالهن.

الطعام عند الهوسا

يعتمد طعام الهوسا على نوعية محاصيلهم الزراعية، خاصة الذرة والدخن، ويستخدمون الأرز عنصرا أساسيا إلى جوار دقيق الذرة، وغالبا ما تكون وجبة الإفطار عصيدة، أو وجبة كعك مصنوعة من الفاصوليا المقلية أو دقيق القمح.

وتعد وجبة العشاء الوجبة الرئيسية، وهي عبارة عن حساء مكون من الطماطم المطحونة أو المقطعة، والبصل والفلفل، تضاف إليها خضروات مثل السبانخ واليقطين والبامية، وبعض الخضروات الأخرى الورقية، وكذا التوابل المحلية.

وتستخدم كميات قليلة من اللحوم في الوجبات، وقد يضاف إليها الفول السوداني والحليب. وتمارس العديد من نسوة الهوسا تجارة بيع الأطعمة الجاهزة خارج المنزل.

تقسيمات العمل

يقسم أفراد الهوسا العمل في الأنشطة التجارية والزراعية حسب الجنس والعمر، وللنساء اللائي يمكثن في البيت طويلا (عدا فترة الحصاد) تخصصات مهنية، تتمثل معظمها في الطهي وبيع الطعام والمنسوجات والأدوية التقليدية والزيوت النباتية، ويساعدهن أطفالهن في ذلك، وقد يذهبون هم أو الخدم نيابة عن النساء إلى السوق.

ويساعد الأبناء الذكور البالغون آباءهم في الزراعة، بينما تساعد الفتيات في أعمال المنزل ورعاية الأطفال، إلا أن بعض الأنشطة النسائية تراجعت في الفترة الأخيرة بسبب التحاق الأطفال بالمدارس.

وتتعدد المهن عند رجال الهوسا، وغالبا ما يكون للرجل منهم أكثر من مهنة، إذ بإمكانه أن يكون مزارعا وينخرط في التجارة، كما قد يكون له وظيفة رسمية، مثل التدريس أو العمل الحكومي.

المصارعة والترفيه

تعد رياضتي المصارعة والملاكمة من الرياضات الشعبية عند الهوسا، ويشكل المصارعون مجموعات مميزة، ويتم التعرف عليهم من خلال الزي وتسريحات الشعر المختلفة.

ويستدعى الناس إلى الساحات أو الأسواق لمشاهدة المباريات، وسماع الموسيقى والطبول التي تقرع لزيادة الحماس في المنافسة، وتستخدم جرعات سحرية تسمى "ماجاني" لتحسين أداء اللاعبين.

يرتدي كل من الملاكمين والمصارعين مئزرا خاصة أثناء المنافسات، كما يرتدي الملاكمون أساور خاصة وقطعة قماش ملفوفة حول يد واحدة، تكون بمثابة قفاز للملاكمة.

وخلال المباراة، يختار المصارع خصما ويتصارع معه حتى يرمى أحدهما الآخر على الأرض، ويقاتل الملاكمون حتى يركع أحدهما على ركبتيه أو يسقط.

وفي الآونة الأخيرة، أدخلت رياضات أخرى إلى أرض الهوسا على وجه الخصوص، منها سباقات الخيل والبولو بين النبلاء، كما تحظى كرة القدم بشعبية بين الجميع تقريبا.

ويشارك الأطفال في الاستعراضات الراقصة، وتسرد في السوق قصص وأساطير، وتعرض دراما محلية شائعة للترفيه.

المصدر : الجزيرة