الجيش الألماني.. عسكر تحت رقابة البرلمان

الجيش الألماني

الجيش الألماني (بوندسفيهر Bundeswehr) يوصف بأنه جيش الدفاع الاتحادي، ويدعى رسميا بأنه جيش برلماني لأن كافة أنظمة عمله ومهامه الخارجية محكومة برقابة مشددة من برلمان البلاد" بوندستاغ".

النشأة
تأسس جيش ألمانيا الحديثة يوم 5 مايو/أيار 1955 بالتزامن مع سماح الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الثانية لأول مرة بتسليح ألمانيا التي بقيت في السنوات التالية لانتهاء الحرب بلا جيش رسمي باستثناء قوات رمزية لحماية الحدود.

وصاحب جدل سياسي واسع الإعلان عن تأسيس الجيش الألماني داخل البلاد حول المشروعية الأخلاقية لأن يصبح لألمانيا جيش جديد بعد كل ما جرى بعهد الديكتاتورية النازية. وصدق برلمان ألمانيا الغربية يوم 22 مايو/أيار 1956 على دستور الجيش الجديد.

ورغم مجيء معظم ضباط وضباط صف جيش ألمانيا الوليد من قوة الدفاع (الجيش النازي) ومن قوته الخاصة النخبوية (أس أس) فإن الجيش الجديد حرص على النأي بنفسه عن التقاليد العسكرية للحقبة الهتلرية، وأسس لنفسه تقاليد جديدة كجيش بلد ديمقراطي.

بعد الوحدة
495 ألف فرد هو عدد أفراد الجيش الألماني خلال مرحلة الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي الرأسمالي والشرقي الشيوعي وحتى سقوط سور برلين عام 1989، إضافة لقوات احتياط تبلغ نصف مليون آخرين.

وبعد توحيد شطري ألمانيا الغربي والشرقي، اشترطت اتفاقية "2+4" -المؤسِسة لهذه الوحدة الموقعة بين الألمانيتين والولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وبريطانيا وفرنسا– عدم تجاوز قوام جيش ألمانيا الموحدة 285 ألف فرد، وهو مازال محل التزام حتى اليوم.

وعقب الوحدة، حلت ألمانيا جيش الشطر الشرقي سابقا الذي بلغ تعداده 90 ألف فرد، وأحالت قادته ومعظم جنرالاته للتقاعد، ولم تضم لصفوف جيشها الجديد إلا 20 ألفا من جيش الجمهورية الشرقية الآفلة.

وتخلصت الحكومة الألمانية من جزء كبير من أسلحة ومعدات الجيش الشرقي السابق بإعدامها، أو بيعها مثل الدبابات التي بيعت لـ تركيا وطائرات ميغ 29 التي تم بيعها لـ إندونيسيا وبولندا.

سلسلة إصلاحات
وبعد وحدة البلاد وزوال حلف وارسو، أجرى الجيش الألماني سلسلة إصلاحات واسعة بمنظومته البنيوية، كان أبرزها إضفاء المحكمة الدستورية العليا عام 1994 مشروعية على المهام العسكرية للجيش بالخارج، وهو ما كان غير مسموح به قبل هذا الحكم.

وأصبحت هذه المهام الخارجية مع مرور الوقت ثاني هدف للجيش الألماني، بعد واجبه الرئيسي بحماية البلاد وسلامة مواطنيها من الأخطار الخارجية والداخلية.

وبعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 بالولايات المتحدة، تزايد عدد هذه المهام باضطراد وتصدرت واجبات الجيش الألماني خاصة المشاركات العسكرية المرتبطة بـ الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) والاتحاد الأوروبي بمواجهة النزاعات والأزمات الإنسانية العالمية.

وعام 2002 عكس وزير الدفاع الألماني بيتر شتروك هذا التطور، معتبرا أن حماية أمن البلاد القومي يبدأ عند جبال الهندوكوش في أفغانستان.

الحجم والتشكيلات
ومثل إلغاء ألمانيا الخدمة العسكرية الإلزامية عام 2012 مرحلة جديدة بإعادة تشكيل جيشها، ويناهز عدده 185 ألف فرد إضافة إلى 90 ألفا آخرين بالاحتياط. ويخدم بالجيش وفقا لإحصائية عام 2016 نحو 96600 موظف وعامل ومدرب.

وتقدر الميزانية السنوية للجيش بـ 34.2 مليار يورو تمثل 1.2% من الناتج القومي، وتخطط الحكومة لرفعها إلى 39.2 مليارا بحلول عام 2020.

وتعتبر القوات البرية والجوية والبحرية والقيادة العامة والخدمات الطبية أهم أفرع الجيش، وسيضاف إليها في أبريل/نيسان 2017 فرع جديد لحروب السايبر وإدارة المعلومات.

ويُعد وزير الدفاع -الذي يعين من السياسيين المدنيين- القائد الأعلى للجيش بحالة السلم، وتنتقل هذه القيادة لمستشار البلاد بحالة الحرب، ويعاون الوزير بإدارة الجيش وزيرا دولة من المدنيين، والمفتش العام للجيش -يعادل منصبه رئيس الأركان- وهو بالغالب جنرال توكل له المهام العسكرية المتخصصة.

رقابة برلمانية
وتراقب لجنة الدفاع بالبرلمان الألماني (بوندستاغ) كل ما يتعلق بعمل وأنشطة الجيش، بالتعاون مع مفوض خاص يعينه البرلمان لشؤون الجيش، ويوكل إليه مهمة متابعة الأوضاع العامة للجنود والتزام الضباط والقادة بالقواعد العسكرية وحالة الأسلحة.

الناتو والخارج
تحولت ألمانيا بانضمامها عام 1955 لحلف الناتو لعضو رئيسي بهذا التحالف العسكري الغربي، والتزمت تجاهه بوضع 5000 آلاف فرد من جيشها بوضع التأهب للمشاركة بأي مهمة عسكرية له بالخارج.

والتزم الجيش الألماني بموجب عضويته في الناتو بالمشاركة في الدفاع عن أي دولة عضو بالحلف تتعرض لاعتداء، وهو الالتزام الذي لم يتم تطبيقه عمليا إلا مرة واحدة مع الولايات المتحدة، بعد وقوع هجمات سبتمبر.

وقد حولته المشاركات العسكرية الخارجية المتزايدة من جيش دفاع لجيش نشط بمسارح الأزمات العالمية. ووصل عدد المهام بالخارج إلى 14 مهمة بدأت أولها بإرسال قوة بحرية إلى الخليج العربي بعد حرب الخليج الثانية عام 1991، وانتهت بالمشاركة بالمجهود العسكري الفرنسي يوم 4 ديسمبر/كانون الثاني 2015 بالحرب ضد تنظيم الدولة في سوريا.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية