عبد الرزاق جلغاف.. ورحل آخر رفاق عمر المختار

الموسوعة - عبد الرزاق جلغاف البرعصي آخر المجاهدين الليبيين الذين قاتلوا الاستعمار الإيطالي إلى جانب الشهيد عمر المختار

عبد الرزاق جلغاف البرعصي مقاوم ليبي ينحدر من قبيلة البراعصة ومن أسرة كانت لها علاقات مميزة مع الأسرة السنوسية التي حكمت ليبيا، قاوم الاحتلال الإيطالي إلى جانب الشهيد عمر المختار الملقب بأسد الصحراء، ويوصف بأنه آخر رفاقه. توفي في فبراير/شباط 2017.

المولد والنشأة
ولد عبد الرزاق جلغاف البرعصي عام 1907 في مدينة البيضاء شرق ليبيا. وهو ينحدر من أسرة ترتبط بعلاقات تاريخية وثيقة مع الأسرة السنوسية التي انحدر منها ملك البلاد الأسبق إدريس السنوسي.

التجربة الجهادية
شارك عبد الرزاق جلغاف البرعصي في مقاومة الاحتلال الإيطالي لليبيا إلى جانب عمر المختار، وقد كان في ريعان شبابه، وذلك قبل إعدام أسد الصحراء عام 1931.

وإن كانت المصادر الإعلامية لا تذكر تفاصيل مشاركة جلغاف في الجهاد ضد المحتل، فإن مشاركة قبيلة البراعصة في مقاومة الإيطاليين حظيت باهتمام كبير من طرف المؤرخين.

فقد مهدت إيطاليا لغزو ليبيا منذ نهاية القرن الـ 19 وفتحت الباب على مصراعيه للأسر الإيطالية للاستقرار بها وقوّت دورها الاقتصادي والاجتماعي، وبنت المدارس والمستشفيات والشركات الاقتصادية ومدارس تعليم اللغة الإيطالية والإرساليات التنصيرية.

كما فتح البنك الإيطالي المركزي فرعين له في طرابلس وبرقة، وتمكن من إغراق مواطنين ليبيين بالديون وحجز على أراضي كثيرين منهم بحجة عدم استطاعتهم رد تلك الديون.

وبموازاة ذلك، نشط دور إيطاليا في أوروبا فعقدت اتفاقيات مع الدول الاستعمارية الكبرى، حيث تم الاتفاق على إطلاق يد فرنسا في كل من تونس والجزائر والمغرب، ومنح مصر لـ إنجلترا مقابل السماح لإيطاليا بالاستفراد بليبيا.

وحاولت الإمبراطورية العثمانية الحفاظ على ليبيا فأرسلت دعما عسكريا قويا للقطر الليبي، وهو ما دفع روما لتأجيل مخططاتها حتى تحين الفرصة المناسبة.

وجاءت تلك الفرصة مع الإطاحة بالسلطان عبد الحميد الثاني، وظهور خلافات واضطرابات أمنية بالأراضي التي تحت سيطرة العثمانيين، ما جعل إيطاليا تتحرك باتجاه ليبيا وتبعث بإنذار إلى الباب العالي تحذر فيها من أنها ستتدخل في ليبيا إن لم يتم توفير الحماية للرعايا الإيطاليين.

وحانت ساعة الصفر يوم 30 سبتمبر/أيلول 1911، وأرسلت روما أسطولها العسكري إلى ليبيا. وتشير الروايات التاريخية إلى أنه كان يتكون من نحو 340 ألف مقاتل، وقصفت المدن والقرى وارتكبت مذابح بحق السكان.

بهذه الأجواء، ظهرت حركة مقاومة قوية قادها "أسد الصحراء" عمر المختار، وشاركت فيها قبيلة البراعصة بقوة، وبينهم جلغاف. وتمكنت من تكبيد المحتل خسائر فادحة وخاصة في معارك فاصلة بينها معركة أم الشافتير التي وقعت عام 1927، ومعركة فزان عام 1928 والتي خسر فيها الإيطاليون جنودا كثيرين ومعدات عسكرية متنوعة، وأجبروا على تغيير إستراتيجيتهم واتباع سياسة إبادة جماعية للنساء والأطفال بمختلف الأسلحة وبينها الطيران لإضعاف المقاومة وإجبارها على الانسحاب.

وعمر المختار مجاهد ليبي قاوم الغزو الإيطالي لبلاده فقاد ضده معارك عديدة ما بين 1911-1931، وقد أسره الإيطاليون وعقدوا له محاكمة صورية قضت بإعدامه شنقا. لقبه الليبيون بـ "شيخ المجاهدين" واستلهموا دوره وبطولته في ثورتهم على نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.

وقد وجد عمر المختار من البراعصة، وبينهم في وقت متأخر عبد الرزاق جلغاف، كل الدعم، حيث احتضنت القبيلة الشيخ المختار، وذلك بالنظر إلى العلاقة القوية بينها وبين قبيلة أسد الصحراء.

وذكر المؤرخون أن البراعصة لم يستسلموا أبدا للمحتل الإيطالي، وظلت قبيلتهم تتميز بمكانة بارزة خلال العهد الملكي وحظي أبناؤها بكبار المناصب الحكومية.

وتمكن الليبيون من الحصول على استقلال بلادهم في ديسمبر/كانون الأول 1951.

وفي 30 أغسطس/آب 2008 اعتذرت إيطاليا عن احتلالها لليبيا على لسان رئيس الوزراء الإيطالي وقتها سلفيو برلسكوني وأقرت إقرارا كاملا وأخلاقيا بالأضرار التي لحقت بليبيا إبان الاحتلال الذي استمر من 1911 وحتى 1943، كما تضمن الاتفاق كذلك حصول ليبيا على تعويضات قدرها خمسة مليارات دولار تدفع خلال 25 عاما على شكل استثمارات في البنية الأساسية. 

الوفاة
أعلن عن وفاة عبد الرزاق جلغاف البرعصي يوم 27 فبراير/شباط 2017 بمدينة البيضاء شرق ليبيا، وبذلك انطفأت آخر نجوم الجهاد الليبي ضد الاستعمار الإيطالي.

المصدر : مواقع إلكترونية + وكالات