محمد جلال كشك.. خصم الملكية والناصرية بمصر

محمد جلال الكشك

محمد جلال كشك صحفي ومفكر مصري ناضل ضد حكم الملك فاروق الأول وجمال عبد الناصر، وانتقل من طليعة العمل الشيوعي إلى صدارة الفكر الإسلامي وأغنى المكتبات العربية بإصدارات غطت مختلف المجالات.

المولد والنشأة
ولد محمد جلال كشك عام 1928 في بلدة المراغة في محافظة سوهاج بصعيد مصر. كان والده قاضيا في المحاكم الشرعية.

الدراسة والتكوين
تلقى تعليمه الأولي والثانوي بالقاهرة. وفي عام 1947 التحق بكلية التجارة في جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا) وحصل منها على إجازة الليسانس عام 1952.

الوظائف والمسؤوليات
بدأ محمد جلال كشك العمل الصحفي بمطلع الخمسينيات من القرن العشرين وعمل كاتبا وصحفيا بالعديد من الجرائد المصرية كالجمهورية، وروز اليوسف، ومجلة بناء الوطن. وبعد هجرته إلى لبنان عمل لسنوات في مجلة الأحداث.

التجربة السياسية والفكرية
انخرط محمد جلال كشك في العمل السياسي في مرحلة مبكرة من عمره، وانضم إلى التيار الشيوعي في مصر فكان من أبرز قادته الشباب المؤثرين في الشارع.

وشارك في تأسيس "تنظيم الراية" الشيوعي بمصر، وتصدّر عدة أنشطة نضالية ضد الملكية وطالب بالعدل واحترام حقوق الإنسان وإشراك الشعب في القرار.

بيد أن المسار الفكري لللشاب شهد تحولا مهما في عام 1950 حيث انفصل عن رفاقه الشيوعيين إثر خلاف معهم حول الكفاح المسلح ضد الإنجليز.

لكن شيئا لم يطرأ على مواقفه النضالية، فقد واصل النشاط ضد السلطة. وفي عام 1952 سجن بتهمة التحريض على إسقاط الملك فاروق، وقد أدى امتحان الجامعة وهو في السجن.

بعد سقوط الملكية إثر ثورة يوليو/تموز 1952 عارض نظام جمال عبد الناصر وسجن بين عامي 1954 ـ 1956.

وإلى جانب الشارع والجامعة فتح كشك جبهة جديدة على الحكومة في صفحات الجرائد والمجلات.

لاحقا، نقل خلافه مع الشيوعيين للعلن وكتب مقالات قوية سعى فيها إلى "تعرية أيديولوجياتهم". وقد اكتسبت مقالاته زخما كبيرا في الوسط الثقافي المصري والعربي، إلى حد أن حكومة الاتحاد السوفياتي اعتبرت أن هذه المقالات تسيئ للعلاقات بين موسكو والقاهرة.

بدأ احتكاكه بالفكر الإسلامي عام 1963 فقرأ كتبا لكبار الإسلاميين، وواصل في ذات الوقت كتابة مقالاته المتمردة على الحكومة وتلك المعادية للفكر الشيوعي.

وتقول المصادر إن الحكومة المصرية استجابت لاحقا لضغط من الاتحاد السوفياتي ومنعت محمد جلال كشك من ممارسة العمل الصحفي في الفترة ممن 1964 وحتى 1967.

وبعد تجربة مع السجن والمضايقات اضطر الرجل لمغادرة مصر عام 1968، واستقر به المقام في بيروت حيث عمل في "مجلة الحوادث" وبقي هناك حتى اشتعال الحرب الأهلية اللبنانية واغتيال زميله في الصحيفة سليم اللوزي عام 1975.

بعدها غادر إلى الولايات المتحدة، ولاحقا عزز صلته بالفكر الإسلامي ودخل في معارك مع الشيوعية والعلمانية.

كتب عن ندمه على الكتب التي ألفها في تمجيد مبادئ الشيوعية ورأى أن اعتناق الماركسيّة يرجع أصلا إلى جهل الإسلام.

ونادى بمواجهة ما يسميه التآمر العالمي اليهودي على الإسلام، وقال إن هذا التآمر لا يقهر إلا بحركة بعث إسلامي تتبنى الجهاد وتعمل على استكمال مقومات الحضارة الإسلامية.

وأثنى في كتاباته على الإخوان المسلمين وقال إنه "لولا جهاد ومعارك الإخوان لما اهتدى الكثيرون إلى الفكر الإسلامي".

عرف محمد جلال بمواجهته للغزو الفكري وكرهه للتسلط والدكتاتورية. ويرى أن القومية لا تستطيع تخليص العرب من محنهم، بينما بإمكان الإسلام فعل ذلك لكونه "يربط بين العرب والبربر والأكراد وغيرهم".

المؤلفات
أصدر محمد جلال كشك عشرات الكتب الفكرية والسياسية والتاريخية بينها: مصريون لا طوائف، القومية والغزو الفكري، الحق المر، دراسة في فكر منحل، الطريق إلى مجتمع عصري، ثورة يوليو الأميركية.

ومن مؤلفاته أيضا: النكسة والغزو الفكري، الجهاد ثورتنا الدائمة، تحرير المرأة المسلمة، السعوديون والحل الإسلامي، خواطر مسلم عن الجهاد والأقليات والأناجيل، كلمتي للمغفلين.

الوفاة
توفي محمد جلال كشك في 5 ديسمبر/كانون الأول 1993 خلال مشاركته في مناظرة تلفزيونية مع الكاتب المصري نصر حامد أبوزيد الذي ثار جدل حينها حول ردته وتطليق زوجته عليه.

تروي المصادر أن كشك أصيب أثناء المناظرة بأزمة قلبية أدت لوفاته على الفور، وقد دفن بمصر رفقة ثلاثة من كتبه كان أوصى أن تدفن معه وهي: السعوديون والحل الإسلامي، ودخلت الخيل الأزهر، وقيل الحمد لله.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية