العروسي.. قاتل الشرطيين الفرنسيين

A frame grab taken from Reuters video footage June 14, 2016 shows a still photograph of the suspected attacker, who police and justice sources have named as 25-year-old Larossi Abballa, who stabbed a police commander to death outside his home and later killed his partner on Monday in an attack in Magnanville, a suburb some 60 km (40 miles) west of Paris, France, and claimed by Islamic State. REUTERS/Social Media via REUTERS TV ATTENTION EDITORS - THIS PICTURE WAS

عبد الله العروسي، مواطن فرنسي ولد وعاش وقتل في فرنسا، اعتقل عام 2011 بتهم تتعلق بشبكة إرهابية، وسجن ثلاث سنوات. وفي يونيو/حزيران 2016 قتل ضابط شرطة وشريكته، وأعلن بيعته لتنظيم الدولة الإسلامية، قبل أن تقتله الشرطة ليلة ارتكابه عملية القتل المزدوجة.

المولد والنشأة
ولد عبد الله العروسي -الذي عرفه تنظيم الدولة الإسلامية بلقب "أبو عبد الله العروسي"- عام 1991 بمدينة نانت، ونشأ في منطقة "لي ميرو"، وعاش في مدينة "مانت لاجولي" بالضواحي الباريسية.

التجربة القتالية
اعتقل عبد الله العروسي برفقة سبعة أشخاص آخرين عام 2011 من طرف المصالح الأمنية بعد مراقبة استمرت شهورا، حيث كان يتدرب برفقة أصحابه السبعة بصفة منتظمة في حدائق منطقة السين سان دوني، وبالنسبة للمحققين فقد كانت الشكوك تحوم حول كون تلك التدريبات هدفها "تنفيذ هجمات".

وفي مقابلة مع صحيفة لوفيغارو يوم 14 يونيو/حزيران 2016، قال القاضي المتخصص في شؤون الإرهاب مارك تريفيديك -الذي سبق أن حقق مع العروسي في هذه القضية- إن الأدلة لم تكن كافية لإدانته تحديدا، إذ باستثناء الجري والتمارين الرياضية المنتظمة لم يوجد أي شيء يدل على أن الأمر له علاقة بالاستعداد لتنفيذ عمليات إرهابية مفترضة.

كما أن اثنين فقط من عناصر المجموعة هما من توجها إلى باكستان وأوقفا مباشرة بعد عودتهما إلى فرنسا، في حين بقي العروسي في الداخل ولم يسافر.

وبحسب صحيفة لوموند الفرنسية يوم 14 يونيو/حزيران 2016، فإن القضاة -رغم غياب الأدلة- وضعوا العروسي رهن الاعتقال الاحتياطي، بعدما ثبت تبادل رسائل بريد إلكتروني بينه وبين زملائه يعلن فيها رغبته في السفر إلى الحدود الأفغانية الباكستانية بغرض الجهاد. وفي إحداها، وردا على زميل له يتساءل حول موقف الوالدين من مثل هذا السفر، قال العروسي: "سواء وافقوا أم رفضوا فهذه ليست مشكلتي، أنا أريد أن أقاتل لأجل الله".

وأسهبت صحيفة لوموند في الحديث عن رسائل البريد الإلكتروني المتبادلة بين العروسي وزملائه، حيث كان يجدد في كل مرة رغبته الشديدة في الالتحاق بالحدود الأفغانية الباكستانية، أو البقاء في فرنسا لـ"مقاتلة الكفار" ورفع "علم القتال" داخلها.

وعند مواجهته بكل هذه الرسائل والتهم، نفى العروسي جملة وتفصيلا أن يكون هو من حررها، كما نفى أن يكون هو صاحب عنوان البريد الإلكتروني الذي كان يستقبل تلك الرسائل ويرد عليها.

لكنه اعترف في المقابل بأنه كان يسجل عناوين مفوضيات الشرطة، لكن من دون أن يوضح للمحكمة لماذا كان يفعل ذلك.

وأصدرت المحكمة بحق عبد الله العروسي حكما بالسجن ثلاث سنوات، منها ستة أشهر موقوفة التنفيذ هي مدة اعتقاله احتياطيا، وأطلق سراحه بعد قضاء المدة المحكوم عليه بها. وفي القضية نفسها، حكم على محمد عبد الرشيد -الذي اعتبر رئيسا للمجموعة- بثماني سنوات سجنا، والطرد النهائي من فرنسا.

وبعد إطلاق سراحه من السجن، نجح عبد الله العروسي مع بداية 2016 في فتح مطعم للوجبات السريعة يقدم خدماته للزبائن من العاشرة ليلا وحتى الخامسة صباحا، وكان يبدو مستمتعا في عمله الجديد، وينظم الدعاية له عبر صفحته على فيسبوك، وهو ما ساهم في "تحسين صورته" لدى الأجهزة الأمنية التي كانت تضعه تحت المراقبة.

وقد شمل العروسي تحقيق فتح في 2016 عن شبكة سورية مسلحة، وقالت صحيفة لوموند إن للعروسي سجلا إجراميا يشمل السرقة والعنف.

عبد الله العروسي، قرر البدء في خطته مساء الاثنين 13 يونيو/حزيران 2016 ببلدية مانيانفيل، حيث قتل كلا من ضابط الشرطة جان باتيست سالفان (42 عاما)، وشريكته جيسيكا شنايدر (36 عاما).

وبحسب الشرطة الفرنسية، بدأ المهاجم بتسديد طعنات لضابط الشرطة أمام منزله، وتمكن الأخير من الفرار مسافة قصيرة حيث أبلغ جيرانه بالهجوم قبل أن ينهار، ثم اقتحم المهاجم منزل شريكة الضابط التي كانت برفقة ابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات، ليقتلها هي الأخرى طعنا.

تنظيم الدولة سارع لتبني العملية، وبث تسجيلا مصورا لمنفذها الذي قالت السلطات الفرنسية إنه كان يخطط لاستهداف شخصيات عامة.

وأعلنت وكالة أعماق التابعة لتنظيم الدولة أن المنفذ هو أبو عبد الله العروسي، وبثت شريطا مصورا -تبلغ مدته 12 دقيقة- ظهر فيه العروسي وهو يبايع زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي، قبل أن يكشف عن مبررات تنفيذه العملية.

وبالإضافة إلى الإقرار بقتل الضابط وشريكته، تضمنت كلمة العروسي رسائل تحريض لرفاقه على قتل مزيد من رجال الشرطة والنواب الفرنسيين. وقال إن تنظيم الدولة يخبئ ما سماها "مفاجآت كثيرة" خلال بطولة كأس أمم أوروبا لكرة القدم في فرنسا، والتي بدأت يوم 10 يونيو/حزيران 2016، وتستمر شهرا كاملا.

وقد أكد ممثل الادعاء العام في باريس فرانسوا مولانس أنه كانت لدى المنفذ لائحة بأهداف تشمل شخصيات وعناصر شرطة ومغني راب، حيث تم إبلاغ الشخصيات المستهدفة بالتهديدات، مشيرا إلى اعتقال ثلاثة أشخاص للاشتباه في صلتهم بقتل الشرطيين.

وقبل عملية العروسي، تبنى تنظيم الدولة أيضا الهجمات التي وقعت في باريس في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 وخلفت 130 قتيلا، كما تبنى هجمات بروكسل في مارس/آذار 2016 وقتل فيها أكثر من ثلاثين شخصا.

الوفاة
عقب تنفيذه عملية القتل المزدوجة في بلدية مانيانفيل، اقتحمت الشرطة المنزل الذي كان يتحصن فيه العروسي وأطلقت النار عليه فقتلته (يوم 13 يونيو/حزيران 2016)، وقبل أن يقتل بالرصاص قال العروسي لعناصر الشرطة إنه بايع تنظيم الدولة قبل ثلاثة أسابيع، وإنه كان يعرف أن ضحيته شرطي مع أنه كان بلباس مدني، حسب ما قال ممثل الادعاء العام في باريس، ثم قطع الاتصال وهدد بنسف المنزل.

الصحف الفرنسية نشرت تصريحات من وصفتها بخليلة العروسي السابقة، قالت فيها إنهما كانا على علاقة لمدة خمس سنوات قبل أن يفترقا بعدما ظهرت عليه معالم تدين. كما ذكرت أنه ندد في حديث معها بتفجيرات 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وقال إن من قاموا بها "ليسوا مسلمين حقيقيين".

وأوضحت أنه عاود الاتصال بها قبل تنفيذه عملية القتل بثلاثة أيام، وطلب لقاءها، لكن لم يتسن لها ذلك، لتسمع بعدها نبأ العملية.

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية