إياد مدني.. أمين عام التعاون الإسلامي المستقيل

Organization of Islamic Cooperation (OIC) Secretary General Iyad Ameen Madani delivers his statement during the High-Level Segment of the 28th session of the Human Rights Council, at the European headquarters of the United Nations in Geneva, Switzerland, 03 March 2015.

مسؤول سعودي، ووزير سابق لوزارة الحج والعمرة ووزارة الإعلام. اختير عام 2013 أمينا عاما لمنظمة التعاون الإسلامي وكان أول سعودي يشغل هذا المنصب منذ تأسيس المنظمة، لكنه استقال منه "لأسباب صحية" عام 2016.

المولد والنشأة
ولد إياد بن أمين مدني في مكة المكرمة يوم 26 أبريل/نيسان 1946، لأسرة آل مدني المعروفة في المدينة المنورة والتي برز منها الكثيرون في حقول القضاء والأدب والعلم، حيث كان والده أول رئيس تحرير لصحيفة "المدينة" السعودية.

الدراسة والتكوين
أتم دراسته الثانوية في مدرسة طيبة بالمدينة المنورة، ثم التحق بجامعة ولاية أريزونا في الولايات المتحدة الأميركية حيث حصل عام 1969 على البكالوريوس في إدارة الإنتاج.

الوظائف والمسؤوليات
بعد عودته إلى البلاد، عمل مدني مديرا لإدارة التنمية الإدارية بالخطوط الجوية السعودية عام 1970، ثم مديرا عاما لمنطقة جدة بالخطوط الجوية السعودية حتى عام 1976، وكان أول رئيس تحرير لصحيفة "سعودي جازيت" التي تصدر بالإنجليزية عن مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر.

كما عمل مديرا عاما لمؤسسة عكاظ للصحافة والنشر، وله كتابات وإسهامات صحفية عديدة في صحف ومجلات بالمملكة منها "سعودي جازيت" وعكاظ والمدينة والرياض.

على المستوى الرسمي، اختير لعضوية مجلس الشورى، ثم وزيرا للحج والعمرة على مدار ست سنوات، كما تولى وزارة الإعلام.

اختير عام 2013 أمينا عاما لمنظمة التعاون الإسلامي، ليكون عاشر أمين عام لهذه المنظمة وأول سعودي يشغل هذا المنصب منذ تأسيسها عام 1969.

التوجه الفكري
يعرف مدني بين المثقفين السعوديين برؤيته العميقة وهدوئه وميله إلى عدم الحديث بكثرة إلى وسائل الإعلام.

يصفه البعض بأنه من دُعاة الليبرالية في المملكة، مع أنه يقف موقفا صريحا معارضا لليبرالية، إذ يقول في مقالته "إلى اليسار در": "مرة أخرى، يجب أن نكرّر أن رفض الليبرالية ورفض أفكار اليسار يعني بالضرورة تقديم البديل، ومنطقة الجزيرة والخليج تمتلك إمكانية تقديم هذا البديل، بحكم أنهما لم يقعا ضحية الفكر الليبرالي الغربي أو الماركسي اليساري، وبحكم إصرارهما التاريخي على تقديم الممارسة الإسلامية على التبني غير المشروط لأفكار الآخرين".

التجربة الوظيفية
ارتبط إياد مدني في ذهن الكثيرين بصورته حين كان وزيرا للإعلام، وظهر على جميع القنوات التلفزيونية مطلع أغسطس/أب 2005 ناعيا العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبد العزيز، ومعلنا بيعة الأسرة المالكة للأمير عبد الله بن عبد العزيز ملكا للبلاد.

عُدّ مدني الوزير الأكثر إثارة للجدل داخل الحكومة السعودية، والأكثر تعرضا للانتقاد على خلفية "السياسة المنفتحة" التي انتهجتها وزارة الإعلام في عهده.

فقد عادت المرأة في عهده إلى التلفزيون كمقدمة لنشرات الأخبار، وبدأ بث الموسيقى والأفلام، وهو ما جعله عرضة لانتقادات مباشرة ومتواصلة من التيار المحافظ داخل المملكة، الذي اتهمه بأنه "ليبرالي علماني تجاوز الخطوط الحمراء".

وزادت الانتقادات تباعا بعد تخفيف الرقابة على معرض الرياض الدولي للكتاب، وإعلانه صراحة تأييد افتتاح دور سينما في المملكة، بل تشجيعه على إقامة مهرجانات لأفلام للشباب، حيث حرص بنفسه على افتتاح المسابقة السينمائية السعودية الأولى التي انطلقت في الدمام تحت عنوان "أفلام سعودية 2008".

ورغم الانتقادات الشديدة التي وجهت لمدني من التيار المحافظ، فإنه لم يسلم من انتقادات المثقفين السعوديين أيضا الذين اتهموه بالمسؤولية عن إلغاء انتخابات الأندية الأدبية.

مع ذلك، يذكر كلا الطرفين لمدني -الذي تولى حقيبة وزارة الحج على مدار ست سنوات قبل توليه مقاليد وزارة الإعلام في 2005- التنظيم الجديد لخدمات المعتمرين وزوار المسجد النبوي الشريف، حيث قام بتيسير الإجراءات وتسهيل أداء المناسك بالنسبة للمعتمرين، وسمح بموجبه للراغبين في أداء العمرة بالتجول داخل المدن السعودية وفق ترتيبات حددها النظام.

وفي تجربة جديدة، انتقل مدني للعمل في منظمة التعاون الإسلامي بعد أن اختارته القمة الإسلامية الثانية عشرة بالقاهرة -في فبراير/شباط 2013- لخلافة أكمل الدين إحسان أوغلو الذي انتهت ولايته نهاية عام 2013 في منصب الأمانة العامة.

زار إياد مدني المسجد الأقصى في يناير/كانون الثاني 2015، ودعا إلى "شد الرحال إلى مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك، لمواجهة سياسة التهويد الإسرائيلية والتأكيد على هوية القدس الإسلامية".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2016، تقدم إياد مدني باستقالته من منصبه أمينا عاما لمنظمة التعاون الإسلامي، وذلك بعد أيام من أزمة مع مصر سببتها "مزحة".

وقال بيان المنظمة إن استقالة مدني كانت لـ"أسباب صحية"، وقبلها لوّحت مصر بـ"مراجعة موقفها إزاء التعامل" مع سكرتارية منظمة التعاون الإسلامي وأمينها العام إياد مدني، على خلفية ممازحة الأخير للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، عبر التلميح بعبارة استخدمها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وقال مدني أثناء حضور الرئيس التونسي ووزير التعليم المصري الهلالي الشربيني، افتتاح فعاليات مؤتمر "الإيسيسكو" الأول لوزراء التربية في تونس في أكتوبر/تشرين الأول 2016، "فخامة الرئيس السيد الباجي قايد السيسي رئيس الجمهورية التونسية.. السبسي آسف (ضحك)، هذا خطأ فاحش، أنا متأكد أن ثلاجتكم فيها أكثر من الماء فخامة الرئيس (ثم ضحك)".

وتعود واقعة "الثلاجة والماء" إلى عبارة رددها السيسي أثناء لقائه مجموعة من الشباب المصري في ندوة بعنوان "أزمة سعر الصرف"، على هامش المؤتمر الوطني الأول للشباب بشرم الشيخ في أكتوبر/تشرين الأول 2016.

وقال الرئيس المصري آنذاك: "أنا واحد منكم.. والله العظيم، أنا قعدت عشر سنين تلاجتي كان فيها مية (ماء) بس (فقط)، وما حدش سمع صوتي"، يقصد أنه لم يشكُ من ضيق الحال.

واعتذر مدني عن الحادثة بعدها بقليل في اليوم نفسه، معتبرا -في بيان له- تصريحاته بهذا الخصوص "على سبيل المزاح والمداعبة".

وجاءت الاستقالة بعد ساعات قليلة من دعوة مدني إلى عقد اجتماع طارئ في مقر الأمانة العامة بمدينة جدة غربي السعودية؛ لبحث إطلاق جماعة "الحوثيين" في اليمن صاروخا بالستيا استهدف منطقة مكة المكرمة.

المؤلفات
ما إن تقاعد مدني عن العمل الوزاري في 2009، حتى قضى وقته في جمع وترتيب مقالات ومشاركات قدمها على مدى سني عمره، أصدرها في كتاب حمل عنوان "سن زرافة" صدر عام 2012، وكان بمثابة نافذة أطل من خلالها الجميع على أطروحاته الفكرية، وقدم عبرها إجابات لكثير من التساؤلات والاتهامات التي واجهته خلال عمله.

الأوسمة والجوائز
لمدني عدد من الإنجازات الثقافية المهمة المرتبطة باسمه، منها: تطوير مجلة "الحج والعمرة" عندما كان وزيرا للحج؛ كما حصل على العديد من الجوائز والأوسمة خلال عمله من عدة دول ومنظمات.

المصدر : الجزيرة + رويترز + وكالة الأناضول