تعرف على أنواع الدراسات الطبية

د. أسامة أبو الرب

الدراسة الطبية هي ممارسة علمية لها ضوابط محددة تهدف للحصول على معلومات عن الممارسة الطبية والتشخيص والعلاج وعلوم الطب والصيدلة والعلوم المرتبطة بها، وتسهم في فهم مرض معين أو اختبار علاج سلوكي أو دوائي.

وهناك عدة أنواع من الدراسات الطبية، ويعد اختيار نوع الدراسة جانبا مهما في تصميم الدراسات الطبية، ويجب اختيار نوع الدراسة التي يمكن أن تجيب عن سؤال البحث على أفضل وجه.

ويجب الانتباه إلى أنه حتى لو كانت الدراسة الطبية صحيحة وموثوقة فهي تبقى دراسة، أي لا يتم بناء قرارات علاجية عليها، وعادة فإن عشرات الدراسات تتعاضد لتؤدي في النهاية إلى وضع توصية رسمية من المؤسسات الطبية مثل منظمة الصحة العالمية وغيرها.

وفي بعض الأحيان فإن ظروف الدراسات التي يتم الاتكال عليها في إطلاق أحكام عامة قد تكون غير قابلة للتطبيق بشكل حقيقي، فمثلا في دراسة ربطت الشوكولاتة (التي تعزى فوائدها إلى احتوائها على مادة الفلافانول المضادة للأكسدة) بخفض ضغط الدم تم إعطاء المشاركين في المتوسط 670 ميلغراما من الفلافانول.

وعلى أرض الواقع سوف يحتاج الشخص إلى تناول نحو 12 لوحا من الشوكولاتة الداكنة يوميا، ووزن كل لوح مئة غرام (أي أن الشخص يجب أن يأكل 1.2 كيلوغرام شوكولاتة يوميا) أو شرب نحو خمسين عبوة من شوكولاتة الحليب، وهذا أمر غير معقول ومستحيل التطبيق.

والصحيح هو أن تناقش أي دراسة مع طبيبك، ولا تتخذ أي خيارات علاجية أو وقائية فقط اعتمادا عليها.

ويمكن تقسيم الدراسات الطبية إلى نوعين: الدراسات الأولية (primary research)، والدراسات الثانوية (secondary research).

الدراسات الأولية، وتشمل ثلاثة أنواع:

  • الدراسات الأساسية (basic medical research).
  • الأبحاث السريرية (clinical research).
  • الأبحاث الوبائية (epidemiological research).

أما الدراسات الثانوية فتشمل مراجعة مجموعة كبيرة من الدراسات الأولية وجمعها للحصول على نتائج أشمل وأدق، ومن أنواعها المراجعة البحثية (reviews) وتحليل "ميتا" (meta-analyses).

وهنا نقدم نبذة عن هذه الدراسات

الدراسات الأساسية (basic medical research ) تشمل التجارب على الحيوانات والدراسات الخلوية والتحاليل البيوكيميائية والوراثية والفسيولوجية ودراسات عن خصائص الأدوية والمواد.

من محدداتها أن نتائجها قد لا تنطبق على البشر أو في الظروف العادية التي يعيشها البشر، لأنها تجرى في المختبر وعلى الحيوانات أو الخلايا.

الأبحاث السريرية (clinical research ) هي الأبحاث التي تجرى على البشر، وتقسم إلى الدراسات التدخلية (التجريبية) (interventional experimental) والدراسات غير التدخلية (الملاحظة) (noninterventional or observational).

ومن الأمثلة على الدراسات السريرية التجريبية الدراسات التي تبحث الآثار السريرية أو الدوائية أو الجانبية للعقاقير، وكذلك فحص امتصاص وتوزيع والأيض للعقار.

كما تشمل الدراسات المخبرية دراسات الأجهزة الطبية والدراسات التي يتم فيها فحص الإجراءات الجراحية والفيزيائية والعلاج النفسي على عكس الدراسات السريرية.

في الدراسات غير التدخلية يقوم الباحث بملاحظة نظام علاجي موجود بالفعل ووفقا للممارسة الطبية حصريا، وليس وفق بروتوكول الدراسة المحدد مسبقا.

الهدف من الدراسة السريرية التدخلية هو مقارنة إجراءات العلاج داخل مجموعة من المرضى، والتي يجب أن تظهر أقل قدر ممكن من الاختلافات، ويتم تحقيق ذلك عبر تدابير مثل:

  • التوزيع العشوائي للمرضى إلى المجموعات وذلك لتجنب حدوث تحيز في النتائج.
  • وجود مجموعة مراقبة والتي لا تتلقى علاج أو تتلقى علاجا وهميا.
  • التعمية (Blinding)، وهي طريقة أخرى لتجنب التحيز، وهناك نوعان: التعمية الفردية (single blinding) حيث لا يكون المريض على دراية بالعلاج الذي يتلقاه، والتعمية المزدوجة (double blinding) حيث لا يعرف المريض ولا الباحث أي علاج يتم التخطيط له.

وتعتبر التجارب السريرية العشوائية مع التعمية معيارا ذهبيا لاختبار فعالية وسلامة العلاجات أو الأدوية.

هناك ضوابط قانونية وأخلاقية للدراسات السريرية التدخلية، مثل أن يتم تسجيل الدراسة من قبل السلطات المسؤولة والتي يجب أن توافق عليها، وأيضا الموافقة عليها من لجنة الأخلاقيات المسؤولة.

كما يجب إجراء دراسة وفقا للقواعد الملزمة للممارسة السريرية الجيدة، ويجب الحصول على موافقة من الأشخاص المشاركين بالدراسة.

الأبحاث الوبائية (epidemiological research ) تهدف إلى التحقيق في التوزيع والتغيرات الزمنية بوتيرة الأمراض وأسبابها، وهي وصفة تصف مرضا أو حالة معينة.

من الأمثلة على الدراسات الوبائية دراسة عينة من منطقة في دولة معينة، أو مجموعة سكانية أو إثنية أو عمرية، مثل دراسة علاقة نسبة السمنة في دولة معينة بنسب سرطانات معينة.

ومن الدراسات الوبائية:

  • دراسات متابعة (cohort studies)، وتشمل ملاحظة مجموعتين صحيتين من الأشخاص، وتتعرض إحدى المجموعتين إلى مادة معينة والأخرى لا، مثل دراسة عمال مصنع كيميائي مقارنة بعمال لا يتعرضون للكيميائيات، وتسجيل حدوث سرطان الرئة على فترة زمنية مستقبلية في المجموعتين ومقارنتهما.
  • دراسات مراقبة الحالة (case control studies)، وتشمل مقارنة حالات لأشخاص مصابين بمرض معين بأشخاص ليسوا مرضى، ويتم إجراء تحليل بأثر زمني رجعي.
  • دراسات الانتشار (cross-sectional studies)، وتفحص نسبة انتشار مرض معين أو حالة في وقت محدد.

ويجب أن تنشر الدراسة الطبية دائما في مجلة تتم مراجعتها من قبل أقران متخصصين (peer reviewed journal).

بالنسبة للقارئ غير المتخصص يجب الانتباه إلى الأمور التالية عند قراءة الدراسات أو ما ينشر عنها في المواقع إعلامية والصحف والقنوات وغيرها:

  • ما هو الموقع الذي نشر الدراسة؟ هل هو موقع إعلامي عريق وجاد؟ هل هو موقع لمؤسسة صحية عالمية مثل منظمة الصحة العالمية، أم موقع لمدونة غير معروف أو موقع شركة؟
  • هل الموقع معروف بنشره مواد علمية دقيقة؟ مثلا هناك مواقع معروفة بتبنيها نظرية المؤامرة، مثلا "مرض فيروس إيبولا مؤامرة لبيع الأدوية"، و"وكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) تخفي حقيقة وجود كائنات فضائية".
  • إذا كان الموقع الذي نقل المعلومة دقيقا يجب أن تنظر إلى الخبر نفسه، فمثلا أين نشرت الدراسة التي نقلها الموقع، في مجلة طبية محكمة معروفة مثل لانسيت؟ أم ما زالت الدراسة قيد المراجعة ولم تقبل للنشر؟
  • احذر من كلمات تستخدم مثل "كشف العلاج السحري".. "أخيرا.. عُرف السر الذي لن يخبرك به طبيبك".. هذه الجمل عادة تكون ضمن مواد غير ذات مصداقية.
  • إذا كان الخبر عن دراسة على دواء يمكنك أن ترجع إلى المصدر وتتأكد من أنها موجودة، فبعض الأخبار تكون ملفقة وتكون الدراسة أصلا ليست منشورة أو حتى غير موجودة.
  • على من أجريت الدراسة؟ فئران تجارب أم بشر؟ وكم عددهم؟ هذا يعطيك انطباعا عن الدرجة التي وصل إليها البحث قبل أن تذهب لتبشر صديقك بأنه تم اكتشاف علاج للسكري.
  • احذر من الأخبار التي تقدم مزاعم أفضل من أن تصدق: اكتشاف علاج شاف للسكري.. تصميم محرك يقلل استهلاك الوقود بنسبة 90%.
  • حتى لو كانت الدراسة الطبية صحيحة وموثوقة فهي تبقى دراسة، أي لا يتم بناء قرارات علاجية عليها، وعادة فإن عشرات الدراسات تتعاضد لتؤدي في النهاية إلى وضع توصية رسمية من المؤسسات الطبية مثل منظمة الصحة العالمية وغيرها.
  • والصحيح هو أن تناقش أي دراسة مع طبيبك، ولا تتخذ أي خيارات علاجية أو وقائية فقط اعتمادا عليها.
المصدر : الجزيرة + غارديان + مواقع إلكترونية