البلهارسيا

داء البلهارسيات مرض طفيلي حاد ومزمن تسبّبه الديدان المثقوبة الدموية (المثقوبات) من جنس البلهارسيا، وفقا لمنظمة الصحة العالمية*.

ويحدث انتشار المرض عندما يلوث الأشخاص المصابون بداء البلهارسيات مصادر المياه العذبة بفضلاتهم التي تحتوي على بيض الطفيليات الذي يفرخ في الماء.

ويُصاب الناس بالعدوى عندما تخترق يرقات الطفيلي -التي تفرزها قواقع المياه العذبة- بشرتهم أثناء تعاملهم مع المياه الملوّثة بها.

وتتطوّر اليرقة في جسم الإنسان إلى بلهارسيا بالغة، وتعيش الديدان البالغة في الأوعية الدموية، حيث تفرز الديدان الإناث بيضها.

ويُطرح بعض ذلك البيض خارج الجسم في البراز أو البول لمواصلة دورة حياة الطفيلي، أمّا بقية البيض فيظلّ محبوساً داخل الجسم ويتسبّب في وقوع تفاعل مناعي وإلحاق أضرار تدريجية بالأعضاء.

وينتشر داء البلهارسيات في المناطق المدارية وشبه المدارية، لا سيما في المجتمعات المحلية الفقيرة التي لا تُتاح فيها فرص الحصول على مياه الشرب المأمونة ووسائل الإصحاح المناسبة. وتشير التقديرات إلى أنّ 90% على الأقلّ ممّن هم بحاجة إلى العلاج من هذا الداء يعيشون في أفريقيا.

ويتفرّع داء البلهارسيات إلى شكلين رئيسيين: الشكل المعوي والشكل البولي التناسلي، وتسبّبهما خمسة أنواع رئيسية من الديدان المثقوبة.

ويؤثر داء البلهارسيات أكثر ما يؤثر على الفقراء والمجتمعات المحلية الريفية، لا سيما المجموعات السكانية العاملة بالزراعة والصيد، كما أن النساء اللاتي يقمن بالأعمال المنزلية مثل غسل الملابس، باستخدام المياه الملوثة، يتعرضن أيضاً للمخاطر، ويتسبب انعدام النظافة وملامسة المياه الملوثة في جعل الأطفال عرضة بصفة خاصة للإصابة بالعدوى.

ويُعتبر داء البلهارسيات البولي التناسلي أيضاً من عوامل الخطر المرتبطة بالإصابة بفيروس الإيدز، لاسيما لدى النساء.

أعراض البلهارسيا

تنتج أعراض داء البلهارسيات عن رد فعل الجسم لبيض الديدان، ويمكن أن يتسبّب داء البلهارسيات المعوي في حدوث ألم بطني وإسهال ونزف يؤدي إلى ظهور الدم في البراز.

ومن الأعراض الشائعة في الحالات المتقدمة تضخّم الكبد الذي عادة ما ينجم عن تجمّع السائل في جوف الصفاق وفرط ضغط الدم في الأوعية الدموية البطنية، وقد يُسجّل أيضاً -في تلك الحالات- تضخّم الطحال.

وتتمثّل العلامة المألوفة التي تطبع داء البلهارسيات البولي التناسلي في البيلة الدموية (وجود الدم في البول)، ومن العلامات التي تُسجّل في المراحل المتقدمة من المرض تليّف المثانة والحالب وتضرّر الكليتين، ويمثّل سرطان المثانة أيضاً إحدى المضاعفات المحتملة التي قد تظهر في المراحل المتأخّرة.

وقد يظهر داء البلهارسيات البولي التناسلي لدى النساء في شكل آفات تناسلية ونزف مهبلي وألم يحدث أثناء الاتصال الجنسي وظهور عقيدات في الفرج. ويمكن أن يؤدي المرض لدى الرجال إلى اعتلال الحويصلتين المنويتين والبروستات وأعضاء أخرى، وقد يخلّف المرض كذلك آثاراً طويلة الأجل لا يمكن تداركها، مثل العقم.

والجدير بالذكر أنّ داء البلهارسيات يخلّف آثاراً اقتصادية وصحية كبيرة، حيث إن الداء يعيق أكثر من أن يقتل؛ فبإمكان هذا المرض أن يتسبّب في إصابة الأطفال بفقر الدم وعرقلة نموّهم وأدائهم المدرسي، على الرغم من إمكانية تدارك الوضع بالعلاج في أغلب الأحيان. وقد يؤثر هذا المرض، إذا تطوّر إلى الشكل المزمن، في قدرة الشخص على العمل، ويمكنه -في بعض الحالات- أن يؤدي إلى الوفاة.

وتقدر منظمة الصحة العالمية أن عدد الوفيات من داء البلهارسيات يقارب عشرين ألف حالة وفاة في العالم سنويا.
_______________
* منظمة الصحة العالمية، داء البلهارسيات، صحيفة وقائع، يناير/كانون الثاني 2017.

المصدر : مواقع إلكترونية