التقرير الأول عن الانتهاكات الحقوقية جراء حصار قطر

مؤتمر صحفي لرئيس اللجنة القطرية لحقوق الإنسان بشأن إنتهاكات الحصار المفروض من دول خليجية
رئيس اللجنة علي بن صميخ المري أكد أن الحصار هو عقاب جماعي وانتهاك لحقوق الإنسان (الجزيرة)

تشتيت أسر
رصد التقرير الأول الانتهاكات التي وقعت مباشرة بعد بدء حصار قطر، حيث وردت منذ يوم الاثنين 5 يونيو/حزيران 2017 مئات الشكاوى إلى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان التي ضاعفت جهودها لترصد وتفرز وتوثق الشكاوى وتسلط الضوء عليها.

وبحسب التقرير، فإن 11387 مواطنا من الدول الثلاث المحاصِرة السعودية والإمارات والبحرين يقيمون بقطر، في حين يقيم نحو 1927 قطريا بتلك الدول، ويؤكد التقرير أن جميعهم تضرر بشكل متفاوت بعد قطع العلاقات وبدء الحصار.

أبرز الانتهاكات شملت الأسر المختلطة، حيث بلغ عدد القطريات المتزوجات من سعوديين 556، ومن بحرينيين 401، ومن إماراتيين 380، في وقت بلغ عدد السعوديات المتزوجات من قطريين 3138، والبحرينيات 944 والإماراتيات 1055.

وتمثلت تلك الانتهاكات في التفريق بين الأسر، ونقل التقرير شهادة أرملة سعودية تحكي أنها تقيم في قطر برفقة ولديها القاصرين الحاملين للجنسية القطرية، وذكرت أن السلطات السعودية طلبت منها يوم 8 يونيو/حزيران 2017 العودة إلى المملكة من دون أولادها، مؤكدة أنها لا يمكن أن تغادر وتترك أبناءها بمفردهم، وعبرت عن خشيتها من أن تتعرض لإجراءات تعسفية في حال عدم امتثالها لقرار سلطات بلادها.

كما نقل التقرير شهادة مواطن بحريني يقيم بدولة قطر برفقة زوجته ووالدته اللتين تحملان الجنسية القطرية، موضحا أن قطع العلاقات سيجبره على ترك أسرته وعمله بقطر والرجوع للبحرين، علما أن أمه تعاني من إعاقة، وقال للجنة "أنا لا أرغب في مغادرة قطر، وأخشى أي إجراء عقابي ستتخذه السلطات البحرينية بحقي".

تأثيرات سلبية
مجال التعليم هو الآخر شملته الانتهاكات، حيث بادرت السلطات القطرية لتأجيل الامتحانات للطلاب السعوديين والإماراتيين والبحرينيين الذين يدرسون بمدارس وجامعات قطر، حفاظا على مسارهم الدراسي فلا يضيع عام كامل من دراستهم.

وعلى سبيل المثال، ففي جامعة قطر يمثل الطلاب السعوديون 59% من الطلبة الأجانب، والبحرينيون 33% من الطلبة، والإماراتيون 8%.

وأكد عدد من الطلبة المشتكين للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر أن سلطات بلدانهم الثلاثة طلبت منهم العودة، علما أن ذلك يعني تشتيت شملهم، وتفريقهم عن أمهاتهم وأسرهم، إلى جانب إفشال عامهم الدراسي.

وتحدث التقرير عن التوقف عن العمل وكيف تسبب قرار المقاطعة والحصار في تضرر المئات من التجار وأصحاب المحلات التجارية، حيث كسدت البضائع في المستودعات، وفسدت أطنان الأغذية، وسجلت خسائر مالية كبيرة.

كما تحدث التقرير عن انتهاك حرية الرأي والتعبير، وكيف سنت دولة الإمارات مثلا عقوبة تفرض السجن من 3 إلى 15 عاما وغرامة مالية تصل إلى خمسمئة ألف درهم على كل من عبّر عن تعاطفه مع دولة قطر ولو بكلمة أو تغريدة، وكذلك فعلت البحرين التي هددت المتعاطفين بخمس سنوات سجنا، أما السعودية فقد اعتبرت التعاطف مع قطر جريمة من جرائم الإنترنت.

كما أجبر إعلاميون يعملون بقطر على تقديم استقالاتهم والعودة إلى بلدانهم.

وذكر التقرير أن ممارسة الشعائر الدينية في شهر رمضان الفضيل لم تسلم هي الأخرى من إجراءات الحصار، حيث تم منع معتمرين قطريين من أداء مناسك العمرة، وأجبروا على مغادرة السعودية بطريقة مهينة، كما تم إجبارهم على العودة إلى الدوحة لكن عبر مطار تركيا وليس مباشرة من جدة إلى العاصمة القطرية.

وفي الجانب الصحي، فقد تأثر بقرار الحصار مرضى كانوا يستعدون لإجراء عمليات جراحية، وتخوفوا من البقاء في قطر أو السعودية إلى حين استكمال علاجهم خوفا من أي إجراءات سعودية ضدهم.

انتهاكات بالجملة
أكد التقرير أن الدول الخليجية الثلاث انتهكت بقراراتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، وإعلان حقوق الإنسان لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكلها مواثيق وقوانين تجمع على ضرورة احترام حقوق الإنسان بكل تجلياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإنسانية، بحيث لا يجوز لأي طرف المساس بها.

واعتبر تقرير اللجنة أن الانتهاكات المجتمعية الحاصلة تهدد استقرار شعوب المنطقة، وتفرز تفاعلات سلبية اقتصاديا واجتماعيا، وطالب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بإعداد تقارير توثق مختلف أنواع الانتهاكات.

كما حث التقرير مجلس حقوق الإنسان على اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لرفع الحصار، وطالب المقررين الخاصين في مجلس حقوق الإنسان بتوثيق الانتهاكات ومراسلة الحكومات المعنية.

ودعا التقرير الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي لتفعيل هيئة تسوية المنازعات التابعة للمجلس الأعلى، وبذل الجهود لإقناع الحكومات بتسوية أوضاع الأسر المتضررة.

وطالب دول السعودية والإمارات والبحرين بمراعاة خصوصية المجتمعات الخليجية، واحترام حقوق الإنسان الأساسية، وتحييد الملف السياسي عن التأثير على الأوضاع الإنسانية والاجتماعية "وعدم استعماله كورقة ضغط وذلك لمخالفته القانون الدولي"، ورفع الحصار قبل عيد الفطر.

وفي ندوة صحفية يوم 16 يونيو/حزيران 2017، قال علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان -التي أعدت التقرير- إن ما تتعرض له قطر من إجراءات من كل من السعودية والإمارات والبحرين يمثل حصارا وعقابا جماعيا، وإن إجراءات الدول الثلاث تمثل انتهاكا لحرية الرأي والتعبير.

وأضاف خلال مؤتمر صحفي في جنيف بشأن انتهاكات الحصار المفروض من دول خليجية على قطر لحقوق الإنسان، أن آثار الحصار لم تقع على مواطني دولة قطر فقط، وإنما امتدت إلى مواطني الدول الأخرى. كما دعا المري الدول الخليجية الثلاث لمراجعة قراراتها ورفع الحصار عن قطر.

المصدر : الجزيرة