وثيقة قرطاج.. اتفاق سياسي حدد أولويات الحكومة التونسية

Tunisia's Prime Minister designate Youssef Chahed speaks at the Assembly of People's Representatives in Tunis, Tunisia November 18, 2016. REUTERS/Zoubeir Souissi
على قاعدة اتفاق قرطاج تشكلت حكومة وحدة وطنية هي الثامنة في تونس بعد الثورة برئاسة يوسف الشاهد (رويترز)

وثيقة سياسية وقعتها تسعة أحزاب وثلاث منظمات تونسية، وتضمنت خطوطا عامة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وألويات في عدد من المجالات الوطنية، وعلى قاعدتها تم تشكيل حكومة وحدة وطنية هي الثامنة في تونس بعد الثورة برئاسة يوسف الشاهد.

وتنص وثيقة الاتفاق على أن أولويات حكومة الوحدة الوطنية تشمل "كسب الحرب على الإرهاب، وتسريع نسق النمو والتشغيل (العمل)، ومقاومة الفساد وإرساء مقومات الحكومة الرشيدة، والتحكم في التوازنات المالية، وإرساء سياسة خاصة بالمدن والجماعات المحلية، ودعم نجاعة العمل الحكومي واستكمال تركيز المؤسسات".

توقيع الوثيقة
وتم التوافق على مضامين وثيقة قرطاج التي عرفت أيضا بوثيقة أولويات حكومة الوحدة الوطنية، بعد أشهر من المفاوضات بين عدد من الأطراف السياسية والنقابية في البلاد. وتم توقيعها يوم 13 يوليو/تموز 2016 بقصر قرطاج في تونس العاصمة.

ووقعت الوثيقة أحزاب نداء تونس، وحركة النهضة، والاتحاد الوطني الحر، وآفاق تونس، وحركة مشروع تونس، وحركة الشعب، وحزب المبادرة الوطنية الدستورية، والحزب الجمهوري، وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي. كما وقعها الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة أرباب العمل الرئيسية) والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (نقابة الفلاحين الرئيسية).

مضامين الوثيقة
وحددت الاتفاقية عددا من الأهداف والتوجهات الأساسية من أهمها: إحلال الأمن والاستقرار في البلاد من جديد، وترسيخ الانتقال الديمقراطي وحمايته من الانحرافات وذلك بفرض احترام الدستور والقانون وبصون حقوق وحريات التونسيين، وإعداد برنامج للنهوض الاقتصادي يتضمن مساهمة القطاع العمومي والقطاع الخاص، كما يتضمن بعث المشاريع الاقتصادية المهيكلة وإقرار خطط عاجلة لمجابهة الأوضاع المستجدة في القطاعات التي تواجه مصاعب طارئة وتنفيذ المشاريع المبرمجة لتنمية مختلف الجهات.

وحدد أيضا أولويات العمل الحكومي كما يلي:
– كسب الحرب على الإرهاب، وذلك بوضع إستراتيجية وطنية لمقاومة الإرهاب، ومواصلة العمل لتوفير الإمكانيات الضرورية لدعم قدرات المؤسستين العسكرية والأمنية ولتطوير أداء أجهزة الاستعلامات وللإحاطة بجرحى وعائلات شهداء المؤسستين من خلال إحداث صندوق للغرض، ودعم نجاعة التنسيق بين مختلف الأجهزة المتدخلة في مقاومة الإرهاب.

ونصت الاتفاقية أيضا في هذا المحور على ضرورة الإسراع في كشف حقيقة الاغتيالات السياسية، ووضع برنامج متكامل للتوعية والتثقيف من مخاطر الإرهاب، والتوعية المستمرة لتشجيع انخراط المواطنين في مجهود مقاومة الإرهاب.

– تسريع نسق النمو لتحقيق أهداف التنمية والتشغيل، وحدد في هذا المحور جملة من المهام والأولويات من أهمها تنمية الجهات الداخلية وتوفير مناخ محفز للاستثمار بها، وتسريع نسق تنفيذ المشاريع المبرمجة وقرارات المجالس الوزارية والجهوية حول التنمية في مختلف الولايات، واتخاذ كافة الإجراءات التي تمكن من استرجاع النسق العادي للإنتاج وتدعيمه في مختلف القطاعات وخاصة في مجال الفسفاط ومشتقاته والطاقة.

ونصت الاتفاقية أيضا على ضرورة التعجيل بتسوية الأوضاع العقارية للأراضي الفلاحية، واتخاذ إجراءات استثنائية لدعم تمويل الاقتصاد وخاصة المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وتوفير الموارد الملائمة لذلك، ووضع الآليات والبرامج الكفيلة بإدماج النشاط الاقتصادي الموازي، واتخاذ الإجراءات التي تمكن من استيعاب الموارد المالية المتداولة بالسوق الموازية (بالدينار والعملة الأجنبية) بما يوفر موارد إضافية لتمويل الاقتصاد ولميزانية الدولة، والتصدي للتهريب ووضع الآليات والوسائل التي تمكن من نجاعة التدخل في هذا المجال بما في ذلك تشكيل أجهزة مختصة بين الوزارات المعنية لمقاومة التهريب.

– مقاومة الفساد وإرساء مقومات الحوكمة الرشيدة، عبر وضع خطة وطنية لمقاومة الفساد، والإسراع في سن القوانين والإجراءات الداعمة للشفافية ومقاومة الفساد وفقا للمعايير الدولية، والتصدي للإثراء غير المشروع، وتفعيل القانون المتعلق بالتصريح بالمكاسب لكبار مسؤولي الدولة، ودعم دور المجتمع المدني في مقاومة الفساد.

– التحكم في التوازنات المالية ومواصلة تنفيذ سياسة اجتماعية ناجعة، وذلك بواسطة التحكم في عجز ميزانية الدولة وفي المديونية العمومية من خلال مقاومة التهرب الجبائي بتطوير وتدعيم إدارة الجباية والاستخلاص وتمكينها من استعمال الآليات الحديثة للرقابة وفقا للمعايير الدولية في المجال، والإسراع في معالجة ملف الأملاك المصادرة بما يوفر موارد إضافية للدولة في إطار الشفافية ومراعات البعد الاجتماعي.

وأيضا من خلال التحكم في عجز ميزان الدفوعات، واتخاذ الإجراءات التي تمكن صناديق الضمان الاجتماعي من الإيفاء بالتزاماتها وتقديم الخدمات الضرورية لمنخرطيها مع ضمان توازناتها المالية في إطار العقد الاجتماعي، وتنفيذ سياسة اجتماعية ناجعة عبر توفير تغطية صحية أساسية للجميع والارتقاء بجودة الخدمات الصحية في مختلف المناطق.

– إرساء سياسة خاصة بالمدن والجماعات المحلية، بإعداد تقييم شامل لوضع المدن وفقا لمقاييس جودة الحياة، وتحديد مخطط عاجل لتحسين الخدمات العمومية والمحيط العمراني في كل المدن، وحث البلديات على تطبيق القانون في مجال الطرقات والبناء الفوضوي وحفظ الصحة والبيئة.

– دعم نجاعة العمل الحكومي واستكمال تركيز المؤسسات، بالتزام أعضاء الحكومة بمقتضيات العمل الجماعي والمتضامن، وتسريع مسارات أخذ القرار، وإنجاز المشاريع ومتابعتها، وإعداد رزنامة لتنفيذ الإصلاحات المتفق عليها، والإسراع في إتمام إرساء المؤسسات الدستورية، واستحداث المجلس الوطني للحوار الاجتماعي وتفعيله، وتشكيل حكومة تحظى بالدعم الكامل من قبل الأطراف الداعمة لمبادرة رئيس الجمهورية على قاعدة الأولويات والتوجهات المضمنة بهذه الوثيقة التوافقية ومبادئ التشاركية.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية