"الشدادي" السورية.. مدينة النفط والموقع الإستراتيجي

تضارب بشأن السيطرة على الشدادي بريف الحسكة
الشدادي أو الشدادة مدينة سورية تاريخية تتبع محافظة الحسكة الواقعة شمال شرق سوريا وتربطها بمحافظة دير الزور، وتتميز بموقعها الإستراتيجي إلى جانب قربها من الحدود العراقية، كما تتوفر على ثروات متنوعة نفطية وزراعية.

الموقع
تقع مدينة الشدادي على بعد 60 كم تقريبا إلى الجنوب من مدينة الحسكة على الطريق الرئيسي الواصل بين محافظة الحسكة ومحافظة دير الزور والذي يقسمها إلى قسمين شمالي وجنوبي.

وتبعد نحو 40 كم عن الحدود العراقية، ويمر بها نهر الخابور الذي ينبع من جنوب شرقي تركيا ويعبر الحدود إلى سوريا من ناحية رأس العين شمالي محافظة الحسكة.

السكان
يبلغ عدد سكان الشدادي والنواحي التابعة لها نحو 300 ألف نسمة كلهم من العرب، وهم خليط من قبائل الجبور التي تشكل الأغلبية وقبيلتيْ العقيدات والبقارة.

التسمية
الشدادي أو الشدادة بلدة موغلة في القدم، كانت تسمى باسم "سُكير العباس" وكلمة السكير هنا يقصد بها الحاجز أو السد الذي يحبس مياه النهر المتدفقة، وقد أورد المؤرخ والرحالة المسلم ياقوت الحموي اسم بلدة "سكير عباس" فقال في كتاب "معجم البلدان": "سكير العباس: بلفظ تصغير السكر، وهو اسم للسداد الذي تسد به فوهة الأنهر، وهي بلدة صغيرة بالخابور فيها منبر وسوق".

وقبل الحموي ذكرها الجغرافي العربي ابن حوقل الذي رسم في كتابه "صورة الأرض" مجرى نهر الخابور ووضح أماكن المدن الواقعة عليه من الشمال إلى الجنوب، ومنها "سُكير العباس" الذي قال إنها تقع على الضفة اليمنى لنهر الخابور.

التاريخ
اشتهرت المدينة تاريخيا بالزراعة والتجارة وكانت ملتقى للسفن التجارية القادمة من مدينتيْ "حلف" و"ماري" التاريخيتين.

أما تسميتها فيما بعد بالشدادي فمرجعه قولان، أولهما يتحدث عن وجود أحد التابعين الزاهدين بها عام 75 للهجرة اسمه الشداد بن جماح، وعندما مات دفن في قمة التل وأطلق عليه فيما بعد تل الشداد، وكان الناس يقصدون قبره بغية التبرك فسموا المنطقة باسمه.

أما الثانية فتقول إن التل كان مملكة قديمة كانت تحيط به مياه نهر الخابور القوية من كل الاتجاهات، مما يصعب صعوده أو اقتحامه من قبل الغزاة الطامعين في ذلك، فإن تلك الخاصية أكسبته صفة المنعة والشدة فوصف المكان بذلك.

وربما يكون اسمها أصلا "السدادي" أو "السدادة" بالسين تبعا للمعنى المذكور سابقا (نقلا عن الحموي) لاسمها القديم  "سُكير العباس" وهو السد والإغلاق، ثم حُرفت الكلمة وأصبحت السين شينا بمرور الزمن فصار الناس يسمونها "الشدادي" أو "الشدادة".

الاقتصاد
تكتسب الشدادي أهمية اقتصادية كبيرة نظرا للثروات النفطية والزراعية التي تتوفر عليها، مما أهلها لإطلاق وصف "بلدة الذهب الأبيض والأسود" عليها. 

وتحتوي الشدادي أهم خزانات النفط في المنطقة الشرقية من سوريا، ويقع فيها حقل الجبسة الذي يضم نحو 500 بئر نفطي ويعد ثاني أكبر حقول النفط في محافظة الحسكة بعد حقول رميلان، كما تضم أيضا معمل الشدادي للغاز الحر.

وإلى جانب ذلك تتميز الشدادي بأرضها السهلية الخصبة التي أكسبتها شهرة بالزراعات الإستراتيجية كالقطن والقمح والشعير والذرة، مستفيدة من سد على نهر الخابور الذي يعد أهم أنهار المحافظة وشريانها الحيوي.

بؤرة صراع
اجتمع لمدينة الشدادي الموقع الإستراتيجي والثقل السكاني والثروات فاكتسبت أهمية إستراتيجية كبرى، فهي عقدة مواصلات للطرق والتنقل بين محافظات الجزيرة السورية الثلاث: الرقة ودير الزور والحسكة. فضلاً عن تحكمها في الطريق الواصل بين مدينتيْ الرقة السورية والموصل العراقية.

هذه المزايا حولت الشدادي إلى بؤرة صراع في المشهد السوري الدامي الذي بلغ ذروته عام 2016. فقد شهدت الشدادي في فبراير/شباط 2016 معارك بين تنظيم الدولة الإسلامية الذي كان يسيطر عليها و"قوات سوريا الديمقراطية" التي تشكل "وحدات حماية الشعب الكردية" أهم فصائلها المقاتلة، وأطلقت الأخيرة حملة عسكرية أسمتها "غضب الخابور".

وشكلت السيطرة على الشدادي هدفا محوريا لوحدات حماية الشعب نظرا لقربها من مدينة الحسكة التي سيطرت على أجزاء واسعة منها، ولكون الشدادي البوابة الجنوبية للمحافظة وآخر معاقل تنظيم الدولة الإسلامية فيها.

وكانت الشدادي أهم معاقل تنظيم الدولة الإسلامية جنوب الحسكة إثر انتزاعه السيطرة عليها في مايو/أيار عام 2014 من فصائل تابعة للجيش السوري الحر كانت قد سيطرت عليها في فبراير/شباط  2013.

ورأت القوات الكردية في السيطرة على الشدادي عاملا مهما لقطع خطوط إمداد تنظيم الدولة القادمة من مدينة الموصل أهم معاقله في العراق في اتجاه الرقة التي تعد من أهم معاقله في سوريا، ويسهم في انكماش نشاط التنظيم في الحسكة بحرمانه من أهم موارده الاقتصادية في سوريا، وحرمانه أيضا من القدرة على التنقل بين سوريا والعراق.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية