باسيرو فاي.. مرشح "احتياطي" فاز برئاسة السنغال

باسيرو ديوماي فاي ترشح للرئاسة وهو في السجن وخرج منه بعد انطلاق الحملة الانتخابية (الفرنسية)

باسيرو ديوماي فاي، الرئيس الخامس لجمهورية السنغال، ولد عام 1980 لعائلة متواضعة في إقليم تييس قرب العاصمة دكار، وحصل على الإجازة (البكالوريوس) في القانون وعمل مفتشا بالإدارة العامة للضرائب.

شغل منصب الأمين العام لحزب "الوطنيون من أجل العمل والأخلاق والأخوة" (باستيف)، الذي يقوده زعيم المعارضة عثمان سونكو، والذي حل ثالثا في الانتخابات الرئاسية عام 2019، قبل أن يُحل الحزب ويُعتقل رئيسه ثم أمينه العام.

ومن داخل السجن، ترشح باسيرو وسونكو مستقلين لرئاسيات 2024 في ما اعتبره متابعون مناورة من الحزب المنحل وتحسبا لمنع رئيسه من الترشح، ليكشف فرز النتائج الأولية مساء 24 مارس/آذار 2024 عن تقدم باسيرو على بقية المرشحين بفارق مريح.

أنصار باسيرو ديوماي فاي أمام مقر حملته الانتخابية يوم 24 مارس/آذار 2024 (الفرنسية)

المولد والنشأة

ولد باسيرو ديوماي فاي يوم 25 مارس/آذار 1980 لأسرة متواضعة ببلدة ندياجانياو، وهي بلدة تقع في غرب السنغال وتتبع إقليم تييس، ثاني أكبر أقاليم السنغال وموطن رئيسها الأول ليوبولد سيدار سينغور.

الدراسة والتكوين

تلقى باسيرو تعليمه في المراحل الدراسية الأولى في بلدة ندياجانياو، وأكمل تعليمه الثانوي في ثانوية ديمبا ديوب بمدينة امبور، وهي مدينة سياحية تبعد نحو 80 كلم من العاصمة دكار، حيث حصل على شهادة الباكالوريا (الثانوية العامة) عام 2000.

ثم أكمل تعليمه العالي بجامعة الشيخ أنتا جوب (كبرى الجامعات السنغالية) وحصل منها على "المتريز" (الإجازة) في تخصص القانون.

وعام 2004 نجح في الحصول على وظيفة في وزارة المالية، فتلقى تكوينه بالمدرسة الوطنية للإدارة في دكار، وبعد 3 سنوات تخرج مفتش ضرائب عام 2007.

التجربة المهنية

التحق باسيرو بالإدارة العامة للضرائب وبدأ مسيرته المهنية التي قادته للتعرف على عثمان سونكو، الذي سبقه للعمل في إدارة الضرائب بعدة سنوات.

كما أصبح عضوا في نقابة الوكلاء الضريبيين والماليين، وهي هيئة أسسها سونكو وكان لها دور مهم في كشف التجاوزات وسوء التسيير في السنغال، فتوطدت العلاقات بينهما.

دخول المعترك السياسي

إلى جانب سونكو، كان باسيرو أحد مؤسسي حزب "الوطنيون من أجل العمل والأخلاق والأخوة" عام 2014، وأحد الذين تولوا كتابة وثائقه القانونية، ثم أصبح أمينه العام عام 2022، وهو المنصب الثاني في هيئته القيادية.

وسرعان ما استقطب الحزب الوليد فئات واسعة من الكفاءات، وخصوصا من الشباب المتعطش للتغيير، وفي فترة وجيزة تصدر المشهد بصفته أحد أبرز الأحزاب السياسية في السنغال، بينما أصبح باسيرو أحد قيادييه البارزين.

السجن

يوم 14 أبريل/نيسان 2023 اعتقلت قوات الأمن السنغالية باسيرو، ووجهت إليه المحكمة تهم إهانة العدالة والمساس بالأمن العام والتحريض على التمرد، إثر تصريحات أدلى بها عقب اعتقال زميله ورئيس حزبه عثمان سونكو.

ورغم هذه التهم، فإن باسيرو لم يخضع للمحاكمة ولم يصدر ضده أي حكم قضائي، مما أبقى لدى الحزب المعارض ورقة للمناورة عبر ترشيحه، حتى وإن كان هو الآخر يقبع في السجن.

مرشح الخطة البديلة "ب"

غاب رئيس الحزب السجين عثمان سونكو عن قائمة مرشحي الرئاسة التي أعلنها المجلس الدستوري يوم 13 يناير/كانون الثاني 2024، وكان سابقا أبرز المرشحين المؤهلين لمنافسة المرشح المدعوم من الرئيس ماكي سال، بينما ضمت القائمة صديقه باسيرو.

كان هذا الترشيح بمثابة الخطة البديلة "ب" لدى حزب "الوطنيون من أجل العمل والأخلاق والأخوة"، خصوصا أن رفض ترشح سونكو كان مطروحا بالنظر إلى موقف النظام منه ولكونه مدانا بالسجن عامين، ولم تكن أكثر التوقعات تفاؤلا تضع باسيرو مؤهلا للفوز من الجولة الأولى.

وكان الرئيس ماكي سال أعلن مطلع فبراير/شباط 2024 تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى، ثم عدل عن ذلك بعد قرار المجلس الدستوري وتحت ضغط الشارع السنغالي.

وأواخر فبراير/شباط 2024، أعلن سال -تحت ضغط الشارع أيضا- مشروع قانون عفو يشمل سونكو وباسيرو وعناصر الأمن المتورطين في الاعتداء على المتظاهرين في الفترة ما بين 2021 و2024.

لكن باسيرو المرشح المعتمد من المجلس الدستوري لم يستفد من تنفيذ هذا القانون إلا بعد منتصف مارس/آذار 2024، أي بعد مرور 6 أيام على بدء الحملة الانتخابية.

FILE PHOTO: Presidential candidate Bassirou Diomaye Faye cheers on supporters during his electoral campaign caravan in Zinguinchor, Casmance, Senegal March 16, 2024. REUTERS/Abdou Karim Ndoye/File Photo
باسيرو ديوماي فاي وسط مؤيديه في أثناء الحملة الانتخابية يوم 16 مارس/آذار 2024 (رويترز)

البرنامج السياسي

وعد باسيرو ناخبيه بـ"إعادة تأسيس" السنغال من خلال "تعزيز السيادة الوطنية والحرب على الفساد ومراجعة اتفاقيات الدفاع والصيد، وإعادة التفاوض في عقود الغاز مع شركات استغلال الحقول المكتشفة حديثا على الحدود مع موريتانيا".

وشمل برنامجه الانتخابي وعدا بسك عملة وطنية لتحل محل الفرنك الأفريقي، الذي يعده إرثا استعماريا يكبل الاقتصاد، ويذهب أبعد من ذلك، إذ يقترح عملة جديدة لدول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) بدل الفرنك، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار وتطوير البنى التحتية في مجالات المواصلات والكهرباء وغيرها.

ولم يتح كثير من الوقت أمام باسيرو لعرض برنامجه السياسي أمام الناخبين، وفضلا عن الخروج متأخرا من السجن، فقد منع من عرض رسائله الدعائية الموجهة للناخبين على التلفزيون الحكومي الرسمي.

الفوز بالرئاسة

بعد إغلاق مكاتب الاقتراع في السنغال مساء 24 مارس/آذار 2024 وبدء فرز نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، كشفت الأرقام عن تقدم المرشح باسيرو فاي على بقية المترشحين.

وبعد ساعات قليلة، بادر عدد من المتنافسين إلى تهنئته بالفوز، وفي صبيحة اليوم الموالي أعلن المرشح آمادو با، المدعوم من الرئيس ماكي سال، تهنئة باسيرو، ثم غرد الرئيس نفسه مهنئا عبر منصة إكس.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية