رينو.. من صناعة الدبابات إلى السيارات

The logo of French car manufacturer Renault is seen on an automobile in Vendenheim, North Eastern France, January 21, 2014. REUTERS/Vincent Kessler
في عام 2015 بلغ رقم تعاملات "رينو" 45 مليارا و327 مليون يورو وباعت أكثر من 2,8 مليون سيارة (الفرنسية)

"رينو" شركة فرنسية لصناعة السيارات؛ تعد من أقدم مثيلاتها في أوروبا إذ نشأت عام 1898، تألقت في الحربين العالميتين، وارتبطت بشراكة وثيقة مع نيسان اليابانية فباتت بفضل ذلك تحتل مركزا رياديا ضمن كبار منتجي السيارات في العالم.

لعبت "رينو" دورا هاما في المجهود الحربي الفرنسي خلال الحرب العالمية الأولى، وقررت السلطات الفرنسية تأميمها عند نهاية الحرب العالمية الثانية بعد اتهامها بالتعاون مع الاحتلال الألماني لفرنسا وحكومة فيشي التي نصبها الاحتلال.

النشأة والتطور
تأسست شركة رينو عام 1898 فبدأت مصنعا أسريا تتوزع ملكيته بين أبناء عائلة رينو الفرنسية، وهم مارسيل ولويس وفرناند الذين كانوا يمتلكون خبرة في المجال الصناعي اكتسبوها من عملهم في مصنع نسيج للأسرة.

قام المشروع على فكرة بسيطة خطرت ببال أحد الإخوة وهي تحويل درجاته النارية ذات الحصان الواحد إلى سيارة، وكان الجانب الإبداعي الأهم في ذلك هو أن السيارة الجديدة مزودة بعلبة لضبط السرعات تتصل بشكل مباشر بالمحرك، ولا تقوم على مبدأ السلسلة الدوارة الناقلة للحركة التي كانت آلية ضبط السرعة الوحيدة آنذاك.

جُربت السيارة أواخر 1898 فنجحت وأظهرت قدرة قياسية على الدفع لدى اجتيازها المرتفعات، وفي ضوء ذلك سُجلت براءة الاختراع المتعلقة بعلبة السرعات باسم أحد الإخوة، وفي العام الموالي بدأت ورشات الإنتاج في الدوران بمنطقة بولون مهد الصناعة الفرنسية، وبيعت أولى السيارات على نطاق ضيق بسبب غلائها.

انتبهت الشركة الناشئة إلى أهمية الإشهار في تعزيز انتشارها أوروبياً، فقررت المشاركة في سباقات السيارات السنوية وحققت منها مكاسب مالية جيدة، لكن أحد الإخوة مات أثناء مشاركته في سباق باريس/مدريد عام 1903، وفي 1908 تخلى أخ ثان عن حصته لتؤول ملكية الشركة إلى لويس رينو.

وإثر تفجر الحرب العالمية الأولى لعبت الشركة دورا مركزيا في المجهود الحربي الفرنسي، فوفرت كل الدعم اللوجستي للجيش الفرنسي وجزءاً منه للحلفاء بفضل شاحناتها، كما أنتجت دبابات قتالية حملت اسمها. وفي نهاية الحرب أصبحت رينو أكبر شركة خاصة بفرنسا وكرّمها الحلفاء لأجل دورها في النصر.

بدأت شركة رينو تُفكر في توسيع نشاطها مدعومة بالنتائج المالية الباهرة التي حققتها، فتوجهت إلى صناعة الآلات الفلاحية كما استثمرت في إنتاج بعض مكونات النقل السككي.

لكن هذا التوسع كان على حساب قطاع السيارات الذي بدأ يزدهر في تلك الفترة، وظهر فيه منافسون جدد لرينو خاصة إثر إنشاء شركة سيتروين التي رصدت استثمارات هائلة، وتمكنت من صناعة سيارات ذات كفاءة عالية وكلفة منخفضة، أغرقت بها السوق حتى أصبحت أول صانع سيارات فرنسي متفوقة على شركتيْ رينو وبيجو.

لكن رينو استعادت مكانتها بفضل مشاريع التسلح والإنتاج الحربي التي باشرتها فرنسا في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية وتحديدا عام 1935، ومكنت الشركة من ريادة هذا المجال على المستوى الأوروبي بمعدل بلغ 250 دبابة في السنة.

التأميم والخوصصة
بعد استسلام فرنسا للاحتلال الألماني وقيام حكومة فيشي الموالية لبرلين، تعاونت مصانع رينو مع الاحتلال فأسهمت في المجهود الحربي الألماني بإصلاح الدبابات وتوفير الشاحنات، وبعد نهاية الحرب قررت السلطات الفرنسية تأميم الشركة مما تسبب في تراجع قدرتها التنافسية لصالح منافساتها الأوروبيات.

استمرت رينو على ذلك الحال إلى أن اكتشف مهندسوها محرك الدفع الأمامي الذي شكل ثورة في قطاع السيارات، لكنها تضررت مجددا من اضطرابات 1968 فشهدت مصانعها إضرابات دامت أكثر من شهر.

وفي 1990 تحولت رينو إلى شركة مجهولة الاسم مع احتفاظ الدولة برأس مالها وذلك تجاوبا مع تعديلات قانونية تتعلق بالاستثمار، وفي عام 1994 تحولت رينو نهائيا إلى شركة مسجلة في البورصة، وخفضت الدولة مساهمتها فيها من 80% إلى 53% فقط.

وفي 1999 انخرطت الشركة في سياسة توسعية ترمي إلى المنافسة على المستوى الدولي، فتحالفت مع نيسان اليابانية وأقامت معها شراكة عميقة لتبادل الخبرات والتعاون الصناعي، وتوسعت الشركة باتجاه قارات آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.

تتوفر رينو على فروع صناعية وتجارية في 118 بلدا منها 39 موقعا صناعيا، وتشغل الشركة (وفق إحصائيات 2012) أكثر من 128 ألف مستخدم، نسبة 42% منهم في فرنسا رغم أن الشركة تُنتج أقل من ربع إنتاجها على التراب الفرنسي.

وفي 2015 بلغ رقم تعاملات رينو 45 مليارا و327 مليون يورو، وباعت أكثر من 2,8 مليون سيارة أي نسبة 3% من السوق العالمية، وينحصر نشاطها في قطاع السيارات (بما فيه الجرارات) والمالية.

تتملك الدولة الفرنسية 15% من رأس مال شركة رينو مقابل 62% للعموم، وتتوزع بقية الأسهم بين مختلف فروعها خاصة المالية، كما يملك العمال نسبة 3,6% من رأس المال.

المصدر : الجزيرة