القيارة.. جسر إستراتيجي إلى معركة الموصل

Floating bridge made by Iraqi security forces is seen on the outskirt of Al Qayyarah, Iraq, August 14, 2016. Picture taken August 14, 2016. REUTERS/Stringer EDITORIAL USE ONLY. NO RESALES. NO ARCHIVE.
جسر أقامته القوات العراقية بالقرب من مدينة القيارة (رويترز)

القيارة مدينة عراقية إستراتيجية، أدت دورا مهما في أحداث العراق خلال العقود الأخيرة. جعل منها تنظيم الدولة الإسلامية أهم معاقله في محافظة نينوى حين اتخذها مقرا للقيادة والسيطرة في ما سماه "ولاية دجلة"، وتعد رأس جسر أساسيا للهجوم على الموصل لاستعادتها من مقاتلي التنظيم.

ومما يعزز أهمية المدينة حقول نفطها التي تعد من أبرز مصادر تمويل التنظيم، إضافة إلى وجود قاعدة عسكرية فيها.

الموقع
تقع القيارة على بعد نحو 60 كلم جنوب الموصل عاصمة محافظة نينوى شمالي العراق، وتعد أكبر ناحية في المحافظة. تطل المدينة على نهر دجلة وتمتاز بموقعها الإستراتيجي الذي يجعلها حلقة وصل بين الموصل وبغداد وأربيل. وتقع شرق قاعدة القيارة العسكرية، وغرب منطقة مخمور الإستراتيجية، وشمال منطقة الشرقاط.

السكان
يبلغ عدد سكان القيارة زهاء 80 ألف نسمة (بحسب إحصاءات وزارة التخطيط العراقية في عام 2011)، تنحدر أغلبيتهم من قبيلة الجبور العربية، وينتمي الباقون إلى عدة قبائل عربية أخرى مثل السبعاويين وشمر وعنزة وجميلة.

التاريخ
أدت مدينة القيارة -التي يقال إنها سميت قديما بهذا الاسم لكثرة مادة القار والنفط فيها- دورا بارزا في تاريخ العراق الحديث، فقد كانت قاعدة القيارة الجوية -"قاعدة صدام الجوية سابقا" التي بنيت أواخر سبعينيات القرن العشرين- ذات أهمية إستراتيجية خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، إذ كانت تستضيف أحدث طائرات القوات الجوية العراقية آنذاك.

وإثر احتلال الولايات المتحدة للعراق عام 2003، استخدمت قواتها هذه القاعدة معسكرا بعد أن رممت مرافقها، وظلت تستخدمها في عملياتها العسكرية حتى سلمتها لوزارة الدفاع العراقية عام 2010 تمهيدا لانسحاب قواتها من البلاد.

وفي يونيو/حزيران 2014 سقطت القيارة وقاعدتها العسكرية من دون قتال في أيدي تنظيم الدولة الإسلامية، فاتخذ من المدينة مقرا للقيادة والسيطرة في ما سماه "ولاية دجلة" واستخدم القاعدة معسكرا وسجنا، فصارت بسبب ذلك هدفا لغارات جوية مكثفة نفذها الطيران العراقي والتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة بقيادة واشنطن خاصة منذ فبراير/شباط 2015، مما دفع مقاتلي التنظيم للانسحاب خارجها إلى مواقع بديلة أعدت سابقا لذلك.

ثم استعادت السلطات الحكومية السيطرة على هذه القاعدة في يوليو/تموز 2016، بعد أن اقتحمها جهاز مكافحة الإرهاب وقوات من الفرقة المدرعة التاسعة للجيش العراقي، ومثّل ذلك أول انتصار كبير للقوات العراقية ضد تنظيم الدولة في محافظة نينوى، مما أعطاها موطئ قدم صارت به في أقرب نقطة إلى الموصل منذ سيطرة التنظيم عليها في يونيو/حزيران 2014.

وفي 22 يوليو/تموز 2016، شهدت ناحية القيارة معارك مباشرة بين تنظيم الدولة والجيش العراقي المدعوم من التحالف الدولي بهجمات جوية مكثفة على المدينة ومحيطها وطرق إمداد التنظيم، بعد أن طوق الجيش المنطقة من جهة الجنوب مستفيدا من إقامة جسر عائم ساعد في وصل الأرتال العسكرية القادمة من محور مخمور شرقا بتلك القادمة من محور الشرقاط وبيجي جنوبا.

وفي 20 أغسطس/آب 2016، ألقت طائرات القوات العراقية آلاف المنشورات على القيارة داعية المواطنين إلى مغادرة المدينة فورا والتوجه إلى قرية "التينة" ومجمع الدور السكنية بقاعدة القيارة العسكرية، وفي 23 من الشهر نفسه أعلنت وزارة الدفاع دخول قواتها أجزاء من مدينة القيارة، وأنها سيطرت على جسر القيارة الإستراتيجي وحقل نفط ومصفاة القيارة ورفعت العلم العراقي فوقه.

وفي 25 أغسطس/آب 2016 أعلن قائد جهاز مكافحة الإرهاب عبد الغني الأسدي أن القوات الحكومية والحشد العشائري تمكنت من استعادة كامل المدينة بعد انسحاب مقاتلي تنظيم الدولة منها، وأن "انتفاضة العشائر من داخل المدينة كان لها الدور الأكبر في العملية العسكرية".

وأضاف الأسدي أن قواته قتلت نحو 250 عنصرا من التنظيم بينهم قيادات بارزة من عدة جنسيات، وتمكنت من تفجير العشرات من العجلات المفخخة والعبوات الناسفة وتفكيك الألغام وتطهير المنازل التي فخخها مقاتلو التنظيم.

الاقتصاد
تعمل أغلبية سكان القيارة في الزراعة لقربها من نهر دجلة، في حين يمتهن بعضهم الرعي، ويشتغل آخرون في قطاع صناعة النفط، خاصة مع وجود مصفاة نفط القيارة التي تنتج 16 ألف برميل من المشتقات النفطية يوميا، وتعد من أشهر وأقدم المصافي العراقية، إذ أنشأتها شركات إنجليزية عام 1956.

وتبلغ احتياطات حقل القيارة 807 ملايين برميل، ويعتبر من أهم مراكز إنتاج النفط في العراق الذي يحوز ثالث أكبر احتياطي عالمي من النفط. وقد وقعت الحكومة العراقية منذ ديسمبر/كانون الأول 2009 عدة اتفاقات مع شركات نفط دولية لتطوير هذا الحقل.

يوجد في القيارة العديد من مرافق الخدمات العامة والبنية التحتية؛ منها مدارس للمراحل التعليمية ما قبل الجامعة، ومركز صحي عام ومستشفى كبير قيد الإنجاز، وفيها مجموعة من المساجد أقدمها "جامع الرمانة".

كما يوجد فيها مطار القيارة العسكري، و"جسر القيارة/مخمور" الذي يربطها بمحافظة أربيل بإقليم كردستان العراق، ومحطة قطار لنقل البضائع والمسافرين منها إلى الموصل وبغداد.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية