كتاب "نهاية اللعبة": وليام يتنافس بقوة مع تشارلز

Trooping The Colour 2023
العائلة البريطانية المالكة في لقطة أرشيفية (غيتي)
العائلة البريطانية المالكة في لقطة أرشيفية (غيتي)

خلال الحفل الذي حضره في لندن في 8 فبراير/شباط الماضي باعتباره راعيا لسيارة إسعاف لندن الجوية كان ولي العهد البريطاني الأمير وليام يرتدي زي سلاح الجو الملكي البريطاني ويبتسم بحرارة أثناء مراسم توزيع الأوسمة نيابة عن والده الملك تشارلز.

وشوهد وليام وهو يعانق توم كروز نجم هوليود أثناء الحفل، حيث بدا متماسكا وواثقا من نفسه في ظل أزمة غير مسبوقة بالنسبة له باعتباره وليا للعهد بعد إصابة أبيه بالسرطان، لكن التماسك والثقة لم يغلقا باب التكهنات بشأن المصاعب التي يواجهها الآن والتحديات التي يطرحها احتمال جلوسه على العرش، وهو الذي لم يكمل عامه الـ42، وما قد يجدّ في حال تدهور صحة والده وزوجته.

وكشفت زوجته كيت ميدلتون بدورها يوم 29 مارس/آذار الماضي عن إصابتها بالسرطان وبدء تلقيها علاجا كيميائيا، وجاء ذلك بعد الإعلان عن إجرائها عملية جراحية لم يتم تحديد طبيعتها في يناير/كانون الثاني الماضي واحتجابها لأسابيع عدة بسبب المرض.

ومع وجود 3 أولاد صغار تجب رعايتهم بدت فيه أولوية وليام واضحة تماما "الأسرة تأتي أولا"، والأولاد الثلاثة هم الأمير جورج (10 سنوات) والأميرة شارلوت (8 سنوات) والأمير لويس (5 سنوات)، علما أن وليام تزوج بكاثرين إليزابيث ميدلتون ابنة مايكل فرانسيس ميدلتون وكارول إليزابيث غولدسميث في 29 أبريل/نيسان 2011، حيث وصف الحفل بـ"زفاف القرن".

BIRMINGHAM, ENGLAND - AUGUST 02: Prince William, Duke of Cambridge, Catherine, Duchess of Cambridge and Princess Charlotte of Cambridge pose for a photograph as they visit Sportsid House at the 2022 Commonwealth Games on August 02, 2022 in Birmingham, England. The Duchess became the Patron of SportsAid in 2013, Team England Futures programme is a partnership between SportsAid, Sport England and Commonwealth Games England which will see around 1,000 talented young athletes and aspiring support staff given the opportunity to attend the Games and take a first-hand look behind-the-scenes. (Photo by Chris Jackson/Getty Images)
العائلة أولا في حسابات ولي عهد بريطانيا (غيتي)

وغاب الأمير وليام والأميرة كاثرين عن احتفالات عيد الفصح التي أجريت الأحد يوم 31 مارس/آذار الماضي في قلعة وندسور بلندن، في حين حضر الملك تشارلز في أول ظهور علني رسمي له منذ إعلان إصابته بالسرطان، ويعكس غياب وليام تركيزه على صحة زوجته والاهتمام بعائلته.

وفي الإعلان عن إصابتها بالسرطان بواسطة رسالة مصورة لم يظهر الأمير وليام بجوارها، مما أثار انتقادات بشأن مدى دعمه زوجته، لكن خبراء علاقات عامة قالوا إن الأمير ربما تعمد عدم الظهور مع زوجته حتى لا يشتت الانتباه تجاهها، حيث كان سينال حيزا من الاهتمام هي في أشد الحاجة إليه، ولاحقا أصدر الأميران بيانا عن "تأثرهما الشديد" و"امتنانهما" لدعم المواطنين لهما في أعقاب الكشف عن مرضها بالسرطان.

وفي ما يتصل بصحة الملك -الذي لا يزال يتولى الحكم دستوريا، ولم يتنازل لابنه عن مهامه- وصل الأمر إلى أن موقع "إن تاتش" البريطاني ذكر أن خطط جنازة الملك البريطاني قد تم وضعها بالفعل، وتحمل اسم عملية "جسر ميناء"، والتي ستكون مشابهة لمراسم جنازة الملكة إليزابيث الثانية.

معلومات متضاربة عن صحة الملك تشارلز (الفرنسية)

ونقل الموقع عن مصدر -لم يذكر اسمه- أن تحضيرات الجنازات للملوك أو ملكات بريطانيا أمر شائع إلى حد ما، لكن في حالة الملك تشارلز فالأمر ضروري وذو أولوية، إذ يعتقد رجال القصر أن مرضه أسوأ بكثير من المعلن.

وأضاف مصدر من داخل العائلة الملكية أن الملك تشارلز لا يعاني من سرطان البنكرياس فقط، بل يعتقد أنه يوجه مشاكل صحية أخرى، مؤكدا أن الأطباء منحوه عامين فقط للعيش.

وأكد تلك المعلومات أحد أعضاء الدائرة الداخلية الملكية، قائلا إن مرض الملك تشارلز أسوأ مما يسمح القصر بمعرفته، فهو غير قادر على إدارة عائلته المنقسمة أو المصالح التجارية أو حتى الوجبات اليومية الملكية، وخلص إلى القول "السرطان يأكله حيا، إنه ضعيف، والوضع بائس".

وبرزت شائعات عن خلافات بين الملك تشارلز والأمير وليام خارج نطاق الأزمات الصحية التي يعاني منها أفراد العائلة الملكية، إذ يظن الأب أن ابنه ليس مستعدا لتولي العرش، فيما تقول مصادر ملكية إن تشارلز يخشى من الضغوط الملكية على ابنه.

ويقول الصحفي البريطاني أوميد سكوبي في كتاب صدر العام الماضي إن هناك تنافسا بين وليام أمير ويلز ووالده الملك تشارلز للسيطرة على العائلة المالكة، ويصور الكتاب المعنون "نهاية اللعبة" الأمير وليام بأنه بارد وطموح وحاد الطباع، وينتظر بفارغ الصبر دوره على العرش.

ويستشهد سكوبي بمحادثات ومقابلات مع مطلعين من داخل القصر، ويشير إلى أن وليام يتنافس بقوة مع تشارلز، مع عزمه على تحديث العائلة المالكة لتتناسب مع القرن الـ21 من خلال التخلص من القواعد والمبادئ التي وضعتها المؤسسة الملكية منذ قرون، وتبني نهج جديد يقوده بنفسه في ما تسمى "طريقة كامبردج"، في إشارة إلى عائلة الأمير وليام مذ كان وزوجته كاثرين دوقا ودوقة على كامبردج.

الأب والابن يتشاركان الإحباط من أسلوب هاري

Members of the royal family stand on the balcony of Buckingham Palace in central London
العائلة البريطانية المالكة عندما كان تشارلز وليا للعهد تطل من شرفة قصر باكنغهام (رويترز-أرشيف)
العائلة البريطانية المالكة عندما كان تشارلز وليا للعهد تطل من شرفة قصر باكنغهام (رويترز-أرشيف)

وكتب سكوبي أن الأمير وليام "لا يمنح والده المساحة نفسها التي فعلها تشارلز مع والدته الملكة" الراحلة.

ويتحدث أحد الفصول الرئيسية للكتاب عن شقاق مزعوم بين وليام وتشارلز الذي توج ملكا بعد وفاة والدته الراحلة الملكة إليزابيث الثانية.

ووفقا لسكوبي، فإن الأب والابن يتشاركان في إحباطهما من سلوك الأمير هاري شقيق وليام، ومع هذا فلكل منهما آراء مختلفة بشأن كيفية إدارة الأسرة.

ونقل سكوبي عن مصدر مقرب من الملك -الذي تولى العرش في مايو/أيار من العام الماضي- قوله "خلافا للاعتقاد السائد تشارلز يحكم بعقله وقلبه، أما بالنسبة للأمير وليام فهو أكثر برودا في هذا الصدد، إنه مصمم جدا على إنجاز المهمة من دون الاهتمام بمشاعر الآخرين عند محاولته تحقيق شيء ما".

ويصف الصحفي البريطاني مكاتبهما في قصري كنسينغتون وباكنغهام بأنهما "خلايا من الأجندات المتنافسة" مع "آراء مختلفة بشأن كيفية تحديث" النظام الملكي، ففي حين أن "وليام يحترم والده" لكن "وجهات نظرهما وتطلعاتهما المستقبلية مختلفة تماما، ويمكنني القول إنها قد تصبح مشكلة في السنوات المقبلة".

Britain's King Charles III and William, Prince of Wales, attend the National Service of Remembrance at The Cenotaph on Whitehall in London, Britian November 12, 2023. Kin Cheung/Pool via REUTERS
تقديرات بريطانية بأن الملك تشارلز (يمين) وولي عهده يمتلكان أجندات متنافسة (رويترز)

ويدعي الكاتب أن تشارلز كان منزعجا لكن على نحو هادئ بعد أن أعلن الأمير وليام عن جائزة "إيرث شوت" -وهي مبادرة عالمية تهدف إلى مكافحة أزمة المناخ- من دون إشراك والده أو إرجاع الفضل إليه بأي شكل من الأشكال، ومن المعروف أن تشارلز البالغ من العمر 75 سنة لطالما دافع باستمرار عن القضايا البيئية، بما في ذلك الاستدامة والحفاظ على البيئة وقضايا الاحتباس الحراري على مدى العقود الخمسة الماضية.

تبدو حياة الأمير وليام نموذجية وفقا للتقاليد البريطانية، فقد وزع نشاطاته على العمل التطوعي والأعمال الخيرية والخدمة العسكرية التي شملت فروع القوات العسكرية البريطانية بكل تشكيلاتها البرية والبحرية والجوية وممارسة الرياضة.

ولد الأمير وليام آرثر فيليب لويس وندسور في 21 يونيو/حزيران 1982 في لندن بإنجلترا، وهو الابن البكر لديانا أميرة ويلز، وتشارلز أمير ويلز.

The Duke And Duchess Of Cambridge Visit School 21 In Stratford
قبل ارتياد الكلية العسكرية درس وليام التاريخ والجغرافيا (غيتي إيميجز)

ارتاد مدرسة السيدة مينور في غرب لندن (1985-1987) ومدرسة ويثربي في كنسينغتون بلندن (1987-1987) ومدرسة لودغروف في وكينغهام (1990-1995).

وفي عام 1995 وبدعوة من جده دوق إدنبره ارتاد الأمير وليام كلية إيتون، والتي تعد إحدى المدارس الثانوية المرموقة في إنجلترا.

تخرج الأمير وليام في جامعة سانت أندروز بأسكتلندا عام 2005، حيث درس الأدب والتاريخ ولاحقا الجغرافيا، قبل أن يلتحق بكلية ساند هيرست العسكرية المرموقة، وعبر مراحل الدراسة المختلفة امتاز بأنه طالب جاد بدرجات ممتازة، كما تفوق في الرياضة، خاصة السباحة.

يطرح الأمير وليام نفسه كنموذج مغاير لشقيقه الأصغر الأمير هاري المتمرد الذي تزوج من الممثلة الأميركية ميغان ماركا، ثم تخلى عن واجباته الملكية في عام 2020، قبل أن يشن الاثنان هجوما عنيفا على العائلة المالكة في مقابلة تلفزيونية كان لها وقع الصاعقة عليها في 7 مارس/آذار 2021، وشمل الهجوم اتهام هذه العائلة بالعنصرية.

لكن تصريحات أطلقها الأمير وليام يوم 21 فبراير/ شباط الماضي عن الهجوم الإسرائيلي على غزة أشارت إلى أنه ربما لن يواصل الصورة النمطية لحامل التاج البريطاني الذي لا يتدخل في الشؤون السياسية، خاصة المسائل الشائكة.

وعبر وليام عن قلقه البالغ إزاء التكلفة البشرية الهائلة للصراع في الشرق الأوسط منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث قُتلت أعداد أكبر من اللازم".

وأضاف "أتطلع مثل كثيرين غيري إلى رؤية نهاية للقتال في أقرب وقت ممكن، هناك حاجة ماسة لزيادة المساعدات الإنسانية لغزة، إيصال المساعدات وإطلاق سراح الرهائن أمر حاسم".

تصريحات وليام بشأن حرب غزة قوبلت بانتقادات إسرائيلية وبريطانية (الأناضول)

وردا على الأمير وليام، قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي "الإسرائيليون بالطبع يريدون أن يروا نهاية للقتال في أقرب وقت ممكن، وسيكون ذلك ممكنا بمجرد إطلاق المحتجزين".

وقال الكاتب البريطاني ديفيد مادوكس في مقال بصحيفة "ديلي ميل" في 22 فبرير/شباط الماضي إن ما قاله أمير ويلز "قوض بشكل خطير دستور بريطانيا"، وما يعنيه الكاتب هنا هو الصمت الذي حافظت عليه الملكة إليزابيث الثانية خلال 7 عقود بشأن آرائها السياسية وما دار في جلساتها مع رؤساء الوزراء في عهدها.

ويرى الكاتب أن الاعتقاد السائد في بريطانيا هو "أن الملك يجب أن يكون فوق السياسة".

وكان الأمير وليام أطلق في 27 يونيو/حزيران 2019 تصريحا مثيرا للجدل بشأن المثليين جنسيا وحقهم في حياة طبيعية في المجتمع.

وقال إنه "سيساند تماما" أطفاله لو أنهم مثليون جنسيا، لكنه اعترف "بالقلق" بسبب الضغوط الإضافية التي سيواجهونها.

وأوضح الأمير وليام في حديث للشباب بجمعية خيرية في لندن لمجتمع المثليات والمثليين ومزدوجي الجنس والمتحولين أنه "كان يفكر في هذا الأمر منذ أن أصبح أبا ولديه أطفال".

وأضاف "أتمنى أن نعيش في عالم تكون فيه المثلية أمرا طبيعيا وعاديا، لكن بالنسبة لعائلتي بشكل خاص والموقف الذي نحن فيه فإن هذا هو الشيء الذي أشعر بالقلق تجاهه"، وبدت التصريحات صادمة من أحد أفراد العائلة الملكية التي توصف بأنها محافظة.

لكن التحدي البارز للأمير وليام سيكون علاقته بشقيقه هاري، وفي 22 مارس/آذار الماضي أصدر الأمير هاري وزوجته ميغان بيانا مقتضبا تمنيا فيه التعافي لزوجة شقيقه والسلامة للعائلة، لكن ليس هناك ما يشير إلى حدوث انفراجة في علاقة الشقيقين المتوترة، ولم يتحدثا منذ مقابلة هاري مع وينفري.

LONDON, UNITED KINGDOM - JANUARY 07: Prince Harry, Duke of Sussex and Meghan, Duchess of Sussex gesture during their visit to Canada House in thanks for the warm Canadian hospitality and support they received during their recent stay in Canada, on January 7, 2020 in London, England. (Photo by DANIEL LEAL-OLIVAS - WPA Pool/Getty Images)
وليام حزين لقرار أخيه هاري التنازل عن مهامه الملكية (غيتي إيميجز)

وبحسب صحيفة "صنداي تايمز" في عددها الصادر يوم 20 يناير/كانون الثاني 2020، فإن وليام شعر بالحزن لقرار أخيه التنازل عن مهامه في العائلة المالكة.

ونقلت الصحيفة عن مصدر مقرب من وليام قول الأمير "لقد لففت ذراعي حول أخي طوال حياتنا، لكن لم يعد بإمكاني القيام بهذا، أصبحنا كيانين منفصلين". وأضاف وليام "أشعر بالحزن بشأن القرار. كل ما يمكننا فعله هو أن نحاول دعمهما ونأمل أن يأتي الوقت الذي نكون فيه جميعا على نفس الصفحة (متفقين)"، لكن حتى الآن لا أحد يعرف كيف سيأتي الصلح والاتفاق.

إعداد وتحرير: علي حافظ

المصدر : الجزيرة