وعود للسيسي تثير تساؤلا عن مشعلي الحرائق
عبد الرحمن محمد-القاهرة
وخلال افتتاحه سلسلة مشروعات نفذتها القوات المسلحة في مدينة بدر شرق القاهرة قبل يومين، قال السيسي إن "مليون مواطن يعيشون في المناطق الخطرة، ولا يليق أن نترك أبناء مصر فيها بهذا الشكل"، وطالب القوات المسلحة ووزارة الإسكان بالعمل على نقلهم وإخلاء مناطقهم خلال عامين.
وأعقبت هذه التصريحات إعلان محافظ القاهرة جلال السعيد -في إطار متابعته لحرائق العتبة والأزهر- عن مخطط حكومي لنقل 21 منطقة تجارية بقاطنيها إلى خارج محيط القاهرة، بدعوى "افتقارها لوسائل الأمن وكونها تشكل خطرا بالغا على حياة قاطنيها".
ودفع هذا التتالي السريع مراقبين إلى الربط بين هذه التصريحات واندلاع الحرائق، معتبرين ذلك دليلا على ما ذهب إليه البعض من أن حرائق تلك المناطق "مفتعلة" لإخلائها من سكانها، وهو الأمر الذي لم يغب عن الأهالي حين رددوا هتافات تطالب برحيل السيسي وأخرى تظهر اعتقادهم بأن الحرائق "بفعل فاعل".
فرضية صحيحة
وفي هذا السياق، يرى رئيس الأكاديمية الدولية للدراسات والتنمية ممدوح المنير أن "فرضية وقوف النظام خلف هذه الحرائق أقرب للصحة، فهو لم يتورع عن قتل الآلاف وحرقهم في السابق وإبادة مدينة كاملة كرفح لتحقيق غاياته".
وتحدث المنير للجزيرة نت عن "فلسفة التهجير والنقل الجماعي القسري للمواطنين من أماكن سكنهم" لدى النظام، وأشار إلى "تفريغ أماكن حيوية من سكانها لصالح إحدى جهات النفوذ التي لا يملك ردها".
ورأى المنير أن أحد دوافع هذا التهجير "الكثافة السكانية العالية في هذه الأماكن وطبيعة سكانها التي تجعلهم وقودا لثورة يخافها السيسي"، مستحضرا ما قام به سكان منطقة الدرب الأحمر منذ أسابيع أمام مديرية أمن القاهرة عند مقتل أحد سكانها على يد أمين شرطة.
بدوره، قال رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام مصطفى خضري إن "الهدف الأساسي هو تفريغ المنطقة لتنفيذ مشروع القاهرة خمسين، الذي طرحه سابقا جمال مبارك والذي يستهدف إخلاء مساحة أربعين كيلومترا مربعا لتحويلها إلى مركز إدارة، على غرار المنطقة الخضراء بالعراق".
واعتبر خضري -في حديث للجزيرة نت- أن "النظام العسكري على مدى ستين عاما لم يعمل يوما لصالح المواطن، فهذه الحرائق تدمر البنية التجارية للسوق الموازي الذي يمثل ثلثي الاقتصاد المصري، ويستوعب تسعة ملايين عامل".
ورأى أن المستفيد الأول من هذا السيناريو هو "المحتل الأجنبي، الذي يجهز لاحتلال مصر اقتصاديا دون استخدام سلاح، على غرار الاحتلال القديم لأفريقيا، حيث ستعود الشركات الاقتصادية التي تدير دولا ويحميها جيشها الخاص".
صدام مباشر
أما الحقوقي المعارض القيادي في جبهة الضمير عمرو عبد الهادي، فيرى أن "أهالي تلك المناطق والمنتمين إليها من الباعة الجائلين لن يستسلموا بسهولة لمخطط تهجيرهم، وسيدخلون في صدام مباشر مع الدولة".
وقال عبد الهادي للجزيرة نت إن مخطط التهجير "كشف عنه محافظ القاهرة في أكتوبر/تشرين الأول 2015 بالتنبيه إلى أن تلك المناطق مستهدفه، ثم تلا ذلك محاولات لم تؤت ثمارها قبل اندلاع الحرائق، ثم تصريحات السيسي الذي يستهدف مخططه 25 سوقا تاريخيا، منها على سبيل المثال أسواق التوفيقية والموسكي والفجالة والأزهر والعتبة".
في المقابل، يرى رئيس تحرير صحيفة المشهد مجدي شندي، أنه "لا علاقة بين السعي لإزالة العشوائيات الموجودة والحرائق التي وقعت في منطقة وسط القاهرة التاريخية".
وأوضح شندي للجزيرة نت أن "تطوير العشوائيات الموجودة على أطراف القاهرة مطلب شعبي ملح منذ عقود، وسبق أن نبه له كل الوطنيين باعتباره قنبلة موقوتة، وتصدي الحكومة لهذا الملف أمر محمود إن تم".
إلا أنه لم يستبعد أن تكون الحرائق مفتعلة، وقال إن هناك جهات تحاول بشكل محموم منذ أشهر شراء عقارات في المنطقة بأي ثمن، ولذلك كان تتابع الحرائق مريبا، ودعا السلطة للحذر "لئلا نصحو ذات يوم ونجد المعالم التاريخية للقاهرة قد زالت من الوجود".