ناصر القدوة .. رجل المهمة المعقدة

Palestinian Nasser al-Qudwa, a relative of late Palestinian leader Yasser Arafat, speaks during an interview with AFP in the West Bank city of Ramallah on November 10, 2008.
undefined

محمد العلي

اختار الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أمس وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق ناصر القدوة كي يكون نائبا ومساعدا للأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان, الذي سبق أن وقع عليه الاختيار قبل أيام كي يكون مبعوثا مشتركا للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا.

وشكل اختيار الدبلوماسي الفلسطيني السابق لتلك المهمة المركبة والمعقدة, إقرارا بكفاءاته الدبلوماسية بعد سنوات من مغادرته لمنصبه , بفعل الانتصار الكاسح الذي حققته حركة المقاومة الفلسطينية حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية  عام 2006 في الضفة وغزة, والتي أحلت بنتيجتها محمود الزهار
-أحد رموزها- محل  القدوة.

وألمح بعض المراقبين إلى وجود علاقة خاصة بين العربي والقدوة عندما كان الأول في ديسمبر/ كانون الأول عام 2003 قاضيا في محكمة العدل الدولية بلاهاي وكان الثاني مراقبا دائما ممثلا لمنظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة يتابع إحالة قضية الجدار الإسرائيلي العازل إلى محكمة لاهاي.

قمة النجاحات
وقد أصدر قضاة المحكمة الـ15 -وبينهم العربي- في ختام القضية, رأيا استشاريا غير ملزم ضد شرعية الجدار داعيا لهدمه. وكان ذلك الرأي في أحد جوانبه -حسب بعض المراقبين- قمة نجاحات القدوة كدبلوماسي.

المتتبع للقمم العربية في العقد الماضي كان يلحظ حضورا لافتا للقدوة في لجان الصياغة المكلفة بإيجاد حلول للاستعصاءات السياسية وتدوير الزوايا.

بيد أن المتتبع للقمم العربية في العقد الماضي كان يلحظ حضورا لافتا للقدوة في لجان الصياغة المكلفة بإيجاد حلول للاستعصاءات السياسية وتدوير الزوايا. وهو ما يمثل إقرارا عربيا بخروج  الرجل, ولو جزئيا, من عباءة خاله الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي كان قد فتح له أوسع أبواب العمل الدبلوماسي منذ عام 1986, عندما عينه مساعدا للممثل الدائم لمنظمة التحرير الفلسطينية في مقر الأمم المتحدة بنيويورك.

وقد أتيح للقدوة -المولود عام 1953- وقتها أن ينهل من خبرة الدبلوماسي الفلسطيني المخضرم زهدي الطرزي الذي كان يشغل منصب المراقب الدائم, ثم حل محله عام 1991. كما كان العمل في المنظمة الدولية ذاتها القابلة التي أهلته -كما في دول عربية عدة أبرزها مصر- للترقي لمنصب وزير الخارجية في فبراير/شباط عام 2005.

لكن القدوة المتخرج من القاهرة عام 1979 كطبيب أسنان, كان قد مر قبل ذلك في عدة اختبارات لصقل التجربة والتأهيل أبرزها العمل في الاتحاد العام لطلبة فلسطين.

وهذه الهيئة كانت القابلة الحقيقية لصناعة الساسة الفلسطينيين الذين تقلدوا مناصب ذات شأن في الهيئات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية أو في الفصائل عندما كانت الأخيرة -وأبرزها حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح- تحتكر وعلى مدى نصف قرن تقريبا الصفة التمثيلية للشعب الفلسطيني.

ففي الاتحاد العام لطلبة فلسطين انضم القدوة إلى المجلس الإداري أولا, ثم إلى الهيئة التنفيذية -أعلى هيئات الاتحاد القيادية- عام 1978. واختتم مسيرته النقابية السياسية -المركبة تلك-, بترؤس الاتحاد اعتبارا من عام 1982, خلفا للقيادي الطلابي المخضرم وقتها صخر بسيسو.

المجلس الوطني

اختار الرجل خلال سنوات الانقسام العجاف أن يبقى قريبا من ملف الموت الغامض لخاله في مقره برام الله عام 2004. فتولى رئاسة مجلس أمناء "مؤسسة عرفات" منذ تأسيسها

وخلال مسيرته في العمل الطلابي حصل القدوة عام 1975 وبحكم انتمائه لفتح, على عضوية المجلس الوطني الفلسطيني (برلمان الفلسطينيين في المنفى) وألحقها بعضوية المجلس المركزي الفلسطيني, وهي الهيئة الوسيطة بين المركزي واللجنة التنفيذية.

وفي مؤتمر فتح السادس المنعقد في بيت لحم عام 2009  أهلته مسيرته في فتح وتوازنات الحركة الداخلية المعقدة, للوصول إلى أعلى هيئات الحركة القيادية أي: عضوية اللجنة المركزية للحركة.

وكان وصول القدوة إلى تلك المرتبة, شهادة ببقائه في قلب المشهد السياسي الفلسطيني, بعد أن أدى الانقسام الفلسطيني 2007 بين فتح وحماس إلى خلط الأوراق وعزل الضفة عن غزة سياسيا وتهميش التكنوقراط.

واختار الرجل خلال تلك السنوات العجاف أن يبقى قريبا من ملف الموت الغامض لخاله في مقره برام الله عام 2004. فتولى رئاسة مجلس أمناء "مؤسسة عرفات" منذ تأسيسها وهي الهيئة التي يحضر فيها رئيس السلطة محمود عباس عبر منصب رئيسها الفخري. واستمر في هذا المكان إلى حين تكليفه بمهمة المساعدة في إخراج سوريا من محنتها.

المصدر : الجزيرة