مأساة ملجأ العامرية تعيش فصلا جديدا بعد الاحتلال

ملجأ العامرية

 
يبذل سكان منطقة العامرية في بغداد جهودا مضنية للحفاظ على قدسية وهيبة ملجأ العامرية الذي قصفته الطائرات الأميركية في مثل هذا اليوم عام 1991.
 
ففي الساعة الرابعة والنصف فجرا قصفت طائرة أميركية الملجأ المحصن ضد الضربات النووية, بقنبلتين. لم تنجح الأولى باختراق سقفه لكنها أضعفته مما سهل نفاذ الثانية إلى الداخل. القنبلتان من عيار ألفي رطل، مقدمتهما كتلة معدنية تقاوم الكونكريت والحديد، قادرة على اختراق الجدار دون انفجار، وبعد أن تصل الحيز الداخلي تنفجر لتحدث أكبر قدر من التدمير والقتل داخل المكان.
 
في الملجأ كان يسكن أطفال ونساء وشيوخ، خرج بعضهم لأمر ولم يعودوا تاركين أهلا لم يودعوهم وعاشوا بعد المحرقة على ذكراهم. قتل في الملجأ 408 أشخاص, بينهم 261 امرأة و52 طفلا رضيعا، أصغرهم يبلغ من العمر سبعة أيام. لكن لم يعثر رجال الإنقاذ له على أي أثر ولم يحتفظ أهله بأي صورة, لكنه لو عاش لأصبح اليوم عمره 14 عاما وسبعة أيام.
 
المأساة تتجدد
واليوم وبعد مرور 14 عاما على الكارثة, تتجدد المأساة في المنطقة الواقعة غربي بغداد لكن بإطار مختلف. فالملجأ الذي منعت جدرانه الحصينة أصوات المستغيثين داخله من الخروج لطلب النجدة من الصواريخ الأميركية, يكافح جاهدا هذه المرة لكي يبقى شاهدا على الجريمة وبعيدا عن أيدي من يحاولون إخفاء معالمها.
 
undefinedيقول الصحفي العراقي وليد عمر العلي في اتصال مع الجزيرة نت إن أهالي العامرية يبذلون كل ما في وسعهم لحماية قدسية الملجأ المحترق الذي يضم بين جدرانه صور وذكريات من فحمتهم نيران الصواريخ الأميركية.
 
ورغم أن دوي الموت ما يزال عاليا داخل الملجأ, فإن يد القوات الأميركية تمكنت من الوصول إليه مجددا لتخفي معالمه الخارجية عن المارة. وقال عمر وهو من سكان العامرية, إن سياجا من الطابوق بني حول الملجأ ليمنع رؤية ما وراءه من قبور رمزية رتبت على شكل هرمي وبأحجام مختلفة لترمز لمختلف الفئات العمرية التي حلقت أرواحها من هذا المكان.
 
كما سمحت الحكومة المؤقتة -حسبما قال عمر- للباعة المتجولين بإقامة سوق شعبي لبيع الفواكه والخضراوات بالمنطقة المحيطة بالملجأ, حتى يلاحظ المار بالعامرية الذي لا يعرف مكان الملجأ أن هذه المنطقة هي مجرد سوق شعبي للخضار تطغى فيه أصوات المروجين لبضاعتهم على رموز قبور من صرخوا بصمت تحت المحرقة الأميركية.
 
وعندما سقطت الحكومة العراقية في أبريل/ نيسان 2003, لم يسلم المجأ من أيدي اللصوص. فرغم أنه كان قبرا كبيرا حاول أهل العامرية حفظ ذاكرة فصل من فصول حرب الخليج الثانية عام 1991 فيه, فإن أعمال السلب والنهب طالت رموزه البسيطة التي كانت تحيي ذكرى الراحلين. وقال لنا عمر إن سكان العامرية تطوعوا منذ ذلك اليوم لحماية الملجأ والحفاظ عليه.
 
أما من دأب من ذوي القتلى على الحضور يوميا إلى الملجأ الذي أصبح رمزا للفناء والخلود في آن, فقد غابوا عن المكان ولم يعودوا يترددون يوميا عليه والمانع ليس خيرا فهو الأمن الغائب والظروف القاسية ووجع الذاكرة.
المصدر : غير معروف