سقوط عفرين.. خسارة كبيرة للأكراد

عفرين بقبضة الجيش الحر بعد انسحاب القوات الكردية
أردوغان شبّه النصر في عفرين بانتصار القوات العثمانية على التحالف بمعركة جناق قلعة قبل حوالي مئة عام (الجزيرة)
يمثل سقوط عفرين -بعد حوالي شهرين من بدء الهجوم التركي- مفاجأة كبيرة، إذ كان القادة الأكراد لحزب الاتحاد الديمقراطي (بي واي دي PYD) قد حشدوا المقاتلين للدفاع عنها حتى "آخر رمق".

وحسب موقع ميديابارت الفرنسي فإن هؤلاء المقاتلين تعهدوا بالدفاع -في كل شارع وبيت وحجر- عن مدينتهم الرمزية قبل أن يفروا منها "يجرون أذيال الهزيمة" على حد تعبير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

الموقع اعتبر ما حصل خسارة كبيرة للأكراد، كيف لا وهذه المنطقة تضم حوالي 360 قرية كردية مزدهرة ذات أراض زراعية خصبة للغاية، مما يجعلها المنطقة الكردية الأكثر اكتظاظا بالسكان والأكثر ثراء في سوريا، فضلا عن كونها مع كوباني والجزيرة تمثل واحدة من الكانتونات الثلاثة التي تشكل ما يطلق عليه الأكراد روجافا، وهو الكيان الكردي في شمال سوريا.

وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن الأكراد فقدوا 1500 مقاتل من أصل ثمانية آلاف إلى عشرة آلاف مقاتل لم يتمكنوا في الصمود أمام قوات تركية أثبتت أنها أقوى منهم بكثير.

فهذه القوات التركية أكثر قتالية وأكثر مهنية وأفضل تسليحا، فضلا عن كونها متمرسة على القتال عبر عمليات عسكرية مستمرة منذ ثلاثين عاما في المناطق الكردية ضد حزب العمال الكردستاني، ناهيك عن كونها لم تستنزف بسبع سنوات من الحرب كما هي حال القوات الكردية.

وقد تفاجأ الكثير من المراقبين بسرعة تخلي الأكراد عن هذه المدينة التي كان البعض راهن على أنهم سوف يصمدون فيها كما صمدوا في عين العرب (كوباني) على أمل أن تحرك "معركتهم الدول الغربية وتجعلها تفي آخر المطاف بما وعدت به الأكراد من توفير الحماية لهم" حسب تعليق للكاتب الفرنسي باتريس فرانسشي.

وبهذا النصر، يكون أردوغان قد أغوى الأميركيين والروس -الذين كانوا حتى بداية هجوم أنقرة على عفرين- يعبرون عن وقوفهم إلى جانب المتمردين الأكراد، لكن رد حكومتي البلدين كان باهتا أو حتى مؤيدا للعملية التركية، إذ اكتفى الأميركيون بمجرد مطالبة أنقرة "بضبط النفس" بينما قام الروس بسحب وحدات الشرطة العسكرية التابعة لهم من المنطقة وأعطوا الضوء الأخضر لاستخدام تركيا المجال الجوي السوري في قصفها للأكراد، وهو ما جعل هؤلاء يشعرون بأنهم تعرضوا "لخيانة مزدوجة ويشعرون بالمرارة" على حد تعبير ميديابارت.

ويبدو -حسب صحيفة ليبراسيون- أن أردوغان اختار عن قصد توقيت هذه العملية، إذ أعلن عن نصر قواته في عفرين في خطاب ألقاه في مدينة جناق قلعة خلال احتفال بالذكرى السنوية الـ 103 لانتصار القوات العثمانية على قوات التحالف (فرنسا وبريطانيا ونيوزيلندا وأستراليا) عام 1915.

الصحيفة قالت إن الزعيم التركي -وكعادته- تعمد استحضار التاريخ حين قال "إنهم يعتقدون أن تركيا ليست قوية الآن مثلما كانت في جناق قلعة" مؤكدا للحاضرين أن "العلم التركي يرفرف اليوم على عفرين".

المصدر : الصحافة الفرنسية