التعليم في السعودية.. مليارات تصرف بلا تطوير

هيا السهلي-الدمام

يبدو أن السعودية تحاول جاهدة النهوض بالقطاع التعليمي الذي لا يزال -وفق رأي متخصصين- دون المستوى رغم المليارات التي أنفقت وتنفق، وآخرها خطة خمسية بأكثر من 21 مليار دولار إضافة لحصة وزارة التعليم السنوية من الموازنة العامة المقدرة بـ56 مليار دولار.

وأبدى مسؤولون ومتابعون للملف تشاؤمهم من احتمال أن تغير الخطة الجديدة في واقع التعليم، وتساءلوا عن الميزانيات الضخمة التي رصدت خلال الأعوام الماضية والبالغ إجمالها تريليون ريال (نحو 270 مليار دولار) وتابعوا أن مباني المدارس لا تزال مستأجرة والمشاريع متعثرة ومستوى التعليم متدنيا، إضافة إلى أن مركز القياس الوطني كان يعطي درجات تحصيل متدنية للطلاب والطالبات.

فساد النافذين
وعن أسباب عدم تطور القطاع التعليمي بالمملكة، تتحدث إحدى المسؤولات بوزارة التربية والتعليم -فضلت عدم ذكر اسمها- عن الفساد المتجذر، وتابعت أن المسؤولين النافذين في الوزارة يعرقلون إنشاء مرافق خدمية، ويرفضون هذه المشاريع حتى تقدم شركاتهم هذه الخدمات "من تحت الطاولة".

‪العمران: هناك مشكلة في توظيف الموارد المادية واستغلالها بطريقة جيدة‬  (الجزيرة)
‪العمران: هناك مشكلة في توظيف الموارد المادية واستغلالها بطريقة جيدة‬  (الجزيرة)

وتضرب مثلا بالمطابع، حيث إن وزارة التعليم -التي يصل حجم مطبوعاتها للمليارات- لا تملك مطبعة خاصة لطباعة المناهج، ومن يعيق إنشاء هذا المشروع -الذي سيخدم الوزارة اقتصاديا ويوفر فرص عمل إضافية خاصة للمرأة- هم النافذون الذين يملكون مطابعهم الخاصة. وختمت بأن الوزارة شهدت مع تولي خالد الفيصل زمام المسؤولية فيها، استقالات وتقاعدات، خوفا من المحاسبة وفتح الملفات.

الكاتب الاقتصادي عبد العزيز العمران وعضو مجلس أمناء إحدى المدارس، أكد أن أفضل مقياس لواقع التعليم هو نتائج اختبار "قياس المعياري" التي توضح انخفاض المعدل العام للنتائج وبروز عدد قليل من المدارس ذات المخرجات المرتفعة.

لذلك نجد -يواصل العمران- أن المملكة تحتل مرتبة متدنية في التصنيف الدولي لمخرجات التعليم. ودعا للاستفادة من النماذج المشرقة في منظومتنا التعليمية وتعميم تجاربهم على بقية المدارس، لافتا إلى أن المداس الخاصة تميزت واحتلَت 80% من المراتب الأولى في نتائج اختبارات "قياس".

واعتبر أن هناك مشكلة في توظيف الموارد المادية واستغلالها بطريقة جيدة، حيث يُصرف حاليا 131 مليار ريال من الوزارة لتعليم ستة ملايين طالب وطالبة ما يمثل نحو 22 ألف ريال سنوياً لكل طالب، وبعد احتساب استهلاكات المباني، يكون المبلغ أكبر من تكلفة المدارس الخاصة المتميزة.

مسؤولة بوزارة التربية: المسؤولون يعرقلون إنشاء مرافق خدمية ويرفضون هذه المشاريع حتى تقدم شركاتهم هذه الخدمات من تحت الطاولة

ربع الميزانية
وكشف عن أن القطاع التعليمي مشبع بالمدرسين حالياً ونسبتهم إلى عدد السكان هي عشرون معلما لكل ألف مواطن (خمسمائة ألف مدرس لكل 25 مليون مواطن) وهي نسبة مرتفعة إذا ما قورنت بالولايات المتحدة (14) أو فرنسا (18) معلما، ومع ذلك فإن التوسع في بناء رياض أطفال حكومية من شأنه أن يخلق وظائف جديدة قد تصل إلى سبعين ألف وظيفة في حال أصبح التعليم بالرياض إلزاميا قبل دخول المدارس.

المستشار المالي علي الجفري، اعتبر أن قطاع التعليم في المرحلة الحالية يستحوذ على نسبة عالية من ميزانية الدولة حيث إن ميزانية التعليم بمختلف قطاعاته حوالي210 مليارات ريال أي حوالي 24% من ميزانية الدولة للعام 2014.

ومن الملاحظ أن ميزانية عام 2014 فيما يخص مشاريع التعليم العام (بناء 465 مدرسة وتأهيل1500 مدرسة ومراحل إضافية للتعليم العام خصص لها 11.8 مليارا) من الميزانية غير تطوير التعليم بمبلغ تسعة مليارات ريال.

ويحتاج دعم قطاع التعليم العام بمبلغ ثمانين مليار ريال على مدى خمس سنوات (16 مليارا سنويا إضافية) إلى إدارة فاعلة ذات رؤية بعيدة المدى وتعالج القصور الحالي في العملية التعليمية، وكذلك بنود الصرف من الميزانية الحالية للمشاريع والتطوير من قبل الوزارة.

الخطة العاشرة
بدوره، أشار الناشط الاجتماعي خالد العلكمي إلى أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتقرير التنمية البشرية في العالم للعام 2013 -والذي يغطي 186 بلدا، ويقيس مستوى التنمية البشرية والتعليم والصحة ودخل الفرد، التي تعتبرها المنظمة الدولية أهم المؤشرات لقياس مدى تقدم الشعوب ورفاهية المواطن- وضع هذا التصنيف المملكة بالمرتبة الـ57 عالمياً.

وتساءل عن الميزانيات السابقة المرصودة للتعليم والتي لم تحقق الحد الأدنى من أهدافها، وتابع أن مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم خصص له تسعة مليارات دولار على مدى ست سنوات (انتهت العام الماضي) والنتيجة لا تغيير.

وختم بأن المملكة على مشارف الانتهاء من الخطة التاسعة والتي ستكمل 45 سنة، فما هي النتيجة؟ وكيف نبدأ الخطة العاشرة العام المقبل، ولم نقيم ما تحقق في الخطة السابقة؟

المصدر : الجزيرة