علامات تنذر أن طفلك سيصبح نرجسيا في المستقبل

الطفل النرجسي المصدر: غيتي
تضخيم الإنجازات الصغيرة والمبالغة في تقدير الذات يصنعان طفلا نرجسيا (غيتي)

هل يمكن وصف بعض السلوكيات المزعجة للأطفال بالنرجسية؟ وكيف ينجح الأبوان في الحد من الصفات النرجسية بأطفالهم؟

قبل أن يبالغ أحد الأبوين، أو يضطرا إلى وصف أطفالهم بالنرجسية بسبب ضغوط المحيطين بهم أو انزعاجهم من الصغار، ينبغي أولا التعرف على مفهوم النرجسية من الناحية النفسية.

تقول المحللة النفسية للأطفال الدكتورة لوري هولمان -لموقع "سكاري مامي" (scary mommy)- "تتميز النرجسية عند البالغين بالتمركز المفرط حول الذات، والشعور المبالغ فيه بالتفوق الذي قد يخفي مشاعر عميقة بالدونية والنقص المستمر في التعاطف مع الآخرين، والذي يرجع عادة إلى مشكلات تسبب فيها أحد الأبوين في مرحلة الطفولة المبكرة، خاصة خلال العمر من سنة إلى 3 سنوات".

المبالغة في وصف الطفل بأنه الأفضل قد تجعل منه شخصية نرجسية في المستقبل (بيكسلز)

علامات الشخصية النرجسية

وفقًا لـ"الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية" (DSM-V)، تشمل الأعراض الأساسية الأخرى لاضطراب النرجسية:

  • الانشغال بأوهام الذكاء أو القوة أو النجاح اللامحدود
  • الشعور بالاستحقاق
  • العلاقات السطحية والاستغلالية
  • السلوك المتغطرس
  • احتكار الأحاديث
  • حسد الآخرين والاعتقاد بأن الآخرين يحسدونهم
  • الميل إلى التقليل من شأن الآخرين أو الحط من قدرهم
  • التفاخر باستمرار والمبالغة في تقييم النجاح، بهدف التعالي على الآخرين والتقليل من شأنهم
  • مواجهة صعوبة في التعاطف مع الآخرين
  • الحاجة المفرطة للاهتمام والإعجاب

هل يمكن تشخيص الطفل بالنرجسية؟

تقول الأخصائية الاجتماعية كيمبرلي بيرلين إن هناك بالفعل بعض علامات الإنذار المبكر للنرجسية لدى الأطفال، لا سيما هؤلاء الذين يظهرون سلوكا قاسيا تجاه الحيوانات.

وتشمل أيضا علامات الإنذار، التي يجب عدم تجاهلها، حرص الطفل على التباهي بتفوقه، والشعور بأنه الأفضل مقارنة بأقرانه، وتعمد إهانة الآخرين للشعور بالتميز والسيطرة.

ثقة أم نرجسية؟

الثقة المفرطة أو السلوكيات التربوية المزعجة لا تعني بالضرورة أن الطفل مصاب باضطراب النرجسية أو أنه سيصبح نرجسيا في المستقبل.

تشير بيرلين إلى أن الطفل ليست لديه الموارد نفسها التي يمتلكها الكبار، ومن ثم فشخصيته غير مكتملة إلى حد كبير، وتتأثر دائما بالاستجابة إليه، فبدلا من الاهتمام بتشخيصه بالنرجسية، يجب التركيز على تعليمه الصفات الإيجابية وتوجيه المشاعر السلبية لديه بأخرى إيجابية، مثل التعاطف واحترام الأضعف وإظهار السلوكيات الحميدة.

أوضح خبراء علم النفس أنه لا يمكن تشخيص الأطفال باضطراب الشخصية النرجسية رسميا قبل عمر 21 عامًا، خاصة أنه من الشائع أن تظهر لدى الأطفال بعض السمات النرجسية ضمن عملية نمو الشخصية الطبيعية.

وتوضح عالمة علم النفس الإكلينيكي الدكتورة جانيت ريموند الفرق بين السمات النرجسية واضطراب الشخصية النرجسية، إذ تقول "لدينا جميعًا جوانب نرجسية في شخصيتنا تساعد في بناء احترام الذات وتقدير الذات".

وأضافت أن "الاختلاف مع اضطراب الشخصية النرجسية هو أن الشخص لديه طريقة مستمرة للشعور بالجرح والظلم وكونه ضحية، فلا يمكنه تحمل نجاحك عندما يكون بجانب نجاحه. إنهم يفعلون ذلك لدرجة أنهم دائمًا ما يكونون منزعجين، ولا يمكنهم الحفاظ على العلاقات التي تتطلب منهم العطاء والأخذ. فهم مستحقون ولا يشعرون بالخجل من ذلك".

لا يمكن تشخيص الأطفال باضطراب الشخصية النرجسية رسميا قبل عمر 21 عامًا (بيكسلز)

كيف تربي طفلا نرجسيا؟

بصورة أو بأخرى، لا يرغب أحد في تربية طفل يعاني من اضطرابات نفسية، ومن ثم لا يسعى أحد الأبوين إلى تنشئة طفل نرجسي، ولكن بعض سلوكيات الآباء قد تدفع الصغار نحو إظهار السلوكيات النرجسية.

إذا أهمل الأبوان الطفل أو أساءا إليه، فإنه يكون عرضة لأن يصبح نرجسيا في المستقبل، خاصة إذا أوهم الآباء أطفالهم بتوقعات غير واقعية عن أنفسهم.

علاوة على ذلك، فإن تضخيم الإنجازات الصغيرة والمبالغة في تقدير الذات يصنعان طفلا نرجسيا في المستقبل. النرجسيون لا يستطيع تحمل المشاعر السلبية تجاه أنفسهم. إنهم يرون عوالمهم من منظور أبيض وأسود للغاية فقط.

ولتربية طفل يتمتع بتقدير الذات الصحي والقدرة على التواصل بشكل جيد مع الآخرين، يجب على الآباء أن يضعوا في اعتبارهم الخصائص المختلفة للتربية الصحية التي لن تؤدي بهم إلى أن يصبحوا بالغين نرجسيين، يرتبطون بشركاء يعشقونهم بشكل مفرط.

الطفل النرجسي المصدر: غيتي
اسمحي لطفلك بمواجهة أخطائه بدلاً من إنقاذه من كل حادث مؤسف (غيتي)

كيفية تجنب التنشئة النرجسية

التربية المتوازنة هي أساس تنشئة أطفال أسوياء، ليس الهدف الحط من شأن الطفل والاستهانة بإنجازاته الصغيرة التي تتناسب مع إمكانياته المحدودة، ولا المبالغة في تقديره، فيصطدم بالواقع الذي لا يستقبل مجهوداته الروتينية بالمستوى نفسه من التقدير المفرط الذي اعتاد عليه من أبويه.

هذه مجموعة من النصائح التي تساعدك في تجنب زرع الصفات النرجسية في شخصية طفلك النامية:

  • امدحي إنجازات طفلك المحددة والمكتسبة، صفيه بأنه مميز وجيد ورائع، ولا تصفيه بالعبقري الذي لا يقارن، أو العالمي الذي لا يقهر.
  • علمي طفلك الصواب من الخطأ حتى ينمو لديه ضمير داخلي يوجهه في المواقف التي يواجه فيها العالم من حوله بعيدا عن أعينك.
  • علمي طفلك التعاطف مع الآخرين، مهما اختلف معهم في الرأي، خاصة من هم أضعف منه، من البشر أو الحيوانات.
  • اسمحي لطفلك بمواجهة أخطائه بدلاً من إنقاذه من كل حادث مؤسف.
  • ساعدي طفلك على تحمل الإحباط وخيبات الأمل والتأخر الواقعي في تلبية احتياجاته. وهي فرصة جيدة لتأكيد أن الكمال ليس من صفات البشر، ومن ثم ليس من صفات طفلك التي يجب أن يقبلها في نفسه وفي الآخرين. القليل من الإخفاقات لن تقلل من تقديره لذاته، بل تساعده على تنمية مهاراته.
  • شجعي طفلك على الشعور بالمتعة والرضا في الأداء المستقل.
  • ساعدي طفلك في التعرف على وجهات نظر الآخرين وتقبلها، وعلميه أن رأيه ليس دائما الصواب، وأن عليه التريث لرؤية الأمور بزاوية أوسع، لتكوين رأي في النهاية.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية