ما وراء الخبر

ألغام الخلافات تحت رماد الانقلاب.. توتر واتهامات بين المكونين المدني والعسكري بالسودان

وصف الناطق باسم تجمع المهنيين السودانيين، الوليد علي أحمد، الشراكة بين المكونين المدني والعسكري في الحكم بـ”شراكة خنوع”، معتبرا أن الحكم الحالي ليس مدنيا رغم الأغلبية المدنية في مجلسي السيادة والوزراء

وأوضح أحمد -في حديثه لحلقة (2021/9/23) من برنامج "ما وراء الخبر"- أن السلطات الحقيقية في السودان في يد "الجنرالات"، معتبرا تصريحات رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان حميدتي مؤخرا محاولة للاستيلاء الكامل على السلطة.

واستغرب المتحدث انتقاد القادة العسكريين للحكومة المدنية بعد محاولة الانقلاب العسكري الأخيرة. وأضاف أن المواطن السوداني يبحث منذ الثورة عن حلول أمنية واقتصادية، وهما ملفان يسيطر عليهما المكون العسكري، معتبرا أن الحكومة الحالية لا تمتلك مفاتيح الحلول في الملفين الأمني والاقتصادي.

وفي حين أقر الناطق باسم تجمع المهنيين السودانيين بإنجازات الحكومة على مستوى العلاقات الخارجية، إلا أنه أكد -في الوقت نفسه- أن معاناة المواطنين السودانيين المعيشية لا تزال مستمرة، بل إنها تزداد يوما بعد يوم، إضافة إلى ارتفاع وتيرة الانفلات الأمني في البلاد، مُحملا طرفي السلطة الانتقالية مسؤولية الأوضاع الحالية.

واتهم أحمد جميع شركاء الفترة الانتقالية في السودان -من مدنيين وعسكريين- بسرقة شعارات ومطالب الثورة، وأكد أن التجمع يسعى إلى أن يستبدل تلك الشراكة بـ"القوى الثورية الحقيقية" التي تعبر عن الشارع السوداني، حسب تعبيره.

في المقابل، قال الخبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية حنفي عبد الله إن الفترة الانتقالية الحالية تعد الأصعب مقارنة بالفترات الانتقالية التي تلت الثورات السابقة، مرجعا ذلك إلى وجود تحديات عديدة منها تعدد الحركات المسلحة، إضافة إلى وضع أمني داخلي مهزوز، وإقليمي هش.

وأضاف عبد الله أن الحاضنة السياسية للثورة الأخيرة تتضمن أحزابا سياسية ومنظمات مجتمع مدني لا تجمعها أيديولوجيا واحدة، وهو ما أدى إلى اندلاع مشاكل بين مكونات هذه القوى السياسية.

وأشار المتحدث إلى أنه لا وجود حاليا لمكون مدني وآخر عسكري؛ فهناك مجلس وزراء يتولى السلطة التنفيذية كاملة، ومجلس آخر للسيادة يضم مدنيين وعسكريين.

وقد تجاوزت محاولة الانقلاب في السودان كونها مجرد عملية فاشلة للإمساك بزمام السلطة في البلاد، إلى ما يشبه الهزة التي أخرجت جمار الاختلاف من تحت رماد الشراكة بين المكونين المدني والعسكري في منظومة الحكم التي تقود السودان الراهن.

التوتر المتصاعد والاتهامات المتبادلة بين الطرفين محورها توزيع السلطة بينهما، ومن يقود قطار الانتقال الديمقراطي نحو تحقيق وعوده المعلنة في ديمقراطية مستقرة ضمن دولة مدنية، يلتزم فيها العسكريون ثكناتهم وخنادقهم دفاعا عن حدود البلاد.

مخطط الإفشال

وشدد الناطق باسم تجمع المهنيين السودانيين على أن ما يحدث الآن هو جزء مما وصفه بمخطط كبير جدا لإفشال المرحلة الانتقالية.

ولفت إلى أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لم يستفد من الحراك الجماهيري، الذي دعمه في بداية توليه المسؤولية بهدف تصحيح المسار وترجيح كفة المكون المدني وقوى الثورة الحية، معتبرا أن حمدوك انتهج سياسات لا تفيد الشعب السوداني.

وعن اتهام رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح برهان للمكون المدني وتأكيده أن الجيش هو الوصي على البلاد، قال الخبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية حنفي عبد الله إن هذا الحديث جاء رد فعل على ما وصفها بمحاولات قوى مدنية إغفال وتهميش دور القوات المسلحة في التغيير الذي حصل ويحصل.

وشدد عبد الله على أن الوثيقة الدستورية واضحة جدا في تحديد مهام كل طرف في الحكم، مشيدا بدور القوات المسلحة في صد محاولة الانقلاب الأخيرة.

في الأثناء، نظمت لجان المقاومة في العاصمة السودانية الخرطوم وقفة احتجاجية، رفضا للمحاولات الانقلابية في البلاد.

وتأتي هذه التطورات بعد يومين من إعلان الجيش السوداني إحباط محاولة انقلابية، واعتقال المتورطين فيها، وما تلا ذلك من خلافات بين المكونين العسكري والمدني. وكانت قوى ثورية مختلفة دعت إلى حماية الثورة في وجه ما سمته تغول المكون العسكري.