إعلام إسرائيلي: فيلادلفيا أم "الرهائن"؟ في الحالتين إسرائيل هي الخاسرة
تناولت اثنتان من كبريات الصحف الإسرائيلية بالتحليل الرهانات والتحديات التي تواجه دولة الاحتلال فيما يتعلق بقضية الأسرى، والسيطرة على محور فيلادلفيا، المعروف فلسطينيا باسم "محور صلاح الدين"، الممتد بطول 14 كيلومترا على الحدود بين قطاع غزة وسيناء المصرية.
وجاءت تحليلات الصحف على خلفية القرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية أواخر الأسبوع المنصرم بالحفاظ على وجود دائم لجيش الاحتلال على طول ممر فيلادلفيا، رغم اعتراضات وزير الدفاع يوآف غالانت.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsكاتب إسرائيلي: لا يمكن بناء المستقبل على أنقاض الخراب
ويعتقد رئيس تحرير صحيفة جيروزاليم بوست السابق، ديفيد برين، أنه مهما يكن من أمر "الرهائن" ومحور فيلادلفيا فإن إسرائيل حتما ستخسر في الحالتين.
انقسامات داخلية
وذكر أن عائلات الأسرى الإسرائيليين منقسمة على نفسها حول ما يعنيه القبول باتفاق لوقف إطلاق النار لأقاربها، مشيرا إلى أنه من الواضح أن بعضهم سيبقى أسيرا في قطاع غزة، حتى بعد انسحاب إسرائيل بالكامل ولن تتخلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عنهم جميعا طواعية.
وأضاف أن العديد من العائلات تعارض أي صفقة من هذا القبيل تُبقي "الرهائن" في الأسر، مضيفا أنه استنادا إلى الاحتجاجات الجماهيرية والإضراب العام الذي اندلع في أعقاب مقتل 6 أسرى مؤخرا فقد يظن المرء أن 90% من الجمهور يؤيدون قبول أي صفقة من شأنها إعادة الأسرى إلى ديارهم، لكن الواقع هو أن البلاد منقسمة بشأن هذه القضية، على أساس الانتماءات السياسية والأيديولوجية.
ووفقا لمقال برين، فإن أحد خيارات إسرائيل هو البقاء في غزة، ومواصلة قصف حركة حماس على أمل أن تستسلم في النهاية لشروط تل أبيب، وأن يُعثر على مزيد من الأسرى أحياء وإنقاذهم.
والخيار الآخر -برأيه- يكمن في الاعتراف بأن العملية العسكرية حققت ما استطاعت تحقيقه، وعلى إسرائيل تقليص خسائرها وجعل تحرير أكبر عدد ممكن من الأسرى يحظى بالأولوية على المخاوف الأمنية قصيرة الأجل.
التنازل عن المحور؟
وأعرب الكاتب عن اعتقاده أن الرئيس الأميركي جو بايدن يحبذ تنازل إسرائيل عن محور فيلادلفيا وبقاءها في غزة، الأمر الذي يراه برين أنه يُبقي حركة حماس في سدة الحكم ويجعلها قادرة على إعادة تجميع صفوفها وتسليح نفسها مجددا.
وأشار الكاتب إلى أن الشعب الإسرائيلي ليس لديه أي فكرة عما إذا كان ممر فيلادلفيا بتلك الأهمية التي تجعل الاحتفاظ به ضروريا.
ومع ذلك، فهو يؤكد أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في الخارج -الذين يصفهم بالمحاربين- هم أقل معرفة من الإسرائيليين في الداخل. وأضاف أن تلك المنصات تعج بالصهاينة الذين يعدون أنفسهم "مؤيدين لإسرائيل، وينددون بالمحتجين ويصفونهم باليساريين".
وخلص إلى القول إن من ينادون بالإفراج عن الأسرى مهما كان الثمن سيضطرون إلى مواجهة العواقب المترتبة على امتلاك حماس القوة مرة أخرى مما قد يعرض إسرائيل للخطر، على حد قوله.
أما أولئك الذين يميلون إلى خيار البقاء في غزة فقد يضطرون إلى رؤية مزيد من الجنازات، وفي كلتا الحالتين "يبدو أن إسرائيل قد تدفع ثمنا باهظا".
ممر حيوي
وفي مقال آخر بالصحيفة نفسها، يرى كبير مراسلي ومحللي جيروزاليم بوست، سيث فرانتزمان، أن محور فيلادلفيا لطالما كان ممرا حيويا لحركة حماس، وهي تريد استعادة السيطرة على معبر رفح الحدودي الذي كان معبرا بريا لدخول الناس والبضائع إلى غزة.
وادعى أنه من خلال هذه الحدود تتحكم حماس في قطاع غزة بجعل السكان المدنيين يعتمدون عليها، لافتا إلى أن التحدي الذي يواجه إسرائيل الآن، بعد أن قررت القيادة السياسية أن ممر فيلادلفيا ضروري للأمن، هو معرفة كيفية تأمينه تماما.
وقد درجت إسرائيل على تغيير أهدافها منذ اندلاع الحرب، إذ ادعت القيادة السياسية في بادئ الأمر أن حركة حماس لن يكون لها وجود في غزة، لكن سرعان ما أصبح واضحا أن الجيش الإسرائيلي لن يُستغل في استبدال كيان آخر بحماس.
إن ما يثير القلق أكثر -بحسب الكاتب- هو أن إسرائيل أرسلت قوات إلى الممر من قبل، أثناء الانتفاضة الثانية، وقد تعلمت حماس أن الهجمات اليومية الصغيرة يمكن أن تثقل كاهل إسرائيل بحرب استنزاف، كما يحذر فرانتزمان.
وقال الكاتب إن حركة حماس تجيد الترقب والانتظار، وقيادتها العليا ممثلة في يحيى السنوار تعرف كيف تختار الوقت والمكان المناسبين للهجوم على أهدافها.
ومع ذلك، فإن فرانتزمان لا يرى أن هذه التحديات دافع للتخلي عن محور فيلادلفيا، بل ينبغي على إسرائيل تحليلها والاعتراف بها.
عشرات الأنفاق
أما محررة الشؤون العربية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، سمدار بيري، فتقول إن إسرائيل تدرك أنه في ظل افتقار غزة لميناء بحري وآخر جوي، أصبح معبر رفح الحدودي والأنفاق المحفورة تحت محور فيلادلفيا القنوات الأساسية لتهريب كل أنواع البضائع، والمعدات العسكرية والأسلحة وحتى السيارات، وبالطبع الأشخاص الذين يتنقلون بين سيناء المصرية وغزة، على حد زعمها.
ولسنوات عديدة، شكلت الحركة تحت الأرض عبر الأنفاق مصدرا لعشرات الملايين من الدولارات، حسب زعم كاتبة المقال التي أضافت أن إغلاق نفق واحد يكشف عن 20 نفقا آخر لا يزال يعمل.
وواصلت بيري ادعاءاتها قائلة إن التهريب ليس قضية جديدة، وإن التحذير منها لم يجد آذانا مصغية، زاعمة أنه كانت لمصر مصلحة في إبقاء طرق التهريب مفتوحة، "في حين كانت إسرائيل منشغلة بمسائل أمنية أكثر إلحاحا".
الحل صعب
وتمضي الكاتبة إلى القول إن من غير المرجح أن يكون الحل لمشكلة فيلادلفيا هو تعويض حركة حماس في حكم غزة بمسؤولين من السلطة الفلسطينية في رام الله.
وبحسب زعمها، فقد أصبحت شبه جزيرة سيناء "الخاصرة الرخوة" لمصر، في حين تحولت غزة إلى مشروع اقتصادي على مر السنين.
وادعت أن القاهرة تستعد لإرسال كتائب من المهندسين ومئات من عمال البناء لتشييد البنية التحتية الجديدة والمباني السكنية في غزة، لكنهم يخشون من احتمال غياب آلية أمنية هناك.
وخلصت الكاتبة إلى التأكيد أن غزة لا تمثل تحديا أمنيا لإسرائيل وحدها، بل لمصر أيضا، فبينما تخطط القاهرة لمشاريع اقتصادية للقطاع، تخشى كذلك من ألا يكون هناك من يتولى السيطرة في اليوم التالي من الحرب.
وزعمت أن الحل السياسي هو وحده الذي قد يخلق واقعا مختلفا، "وهذه هي الخطة التي يعمل عليها الأميركيون، ويطلقون عليها الاقتراح النهائي، وفي طريقهم إلى ذلك سيتعين عليهم إيجاد حل لمعضلة فيلادلفيا".